ففي جولة قمنا بها يوما قبل الاحتفال بهذا الحدث العالمي الذي يحمل قيما رمزية بالغة العمق في بعض المراكز التجارية بالعاصمة ، قمنا بتقصي آراء بعض الشابات و النساء من مختلف الأعمار حول هذه المناسبة ، و كانت أول من قابلنا من بينهن ، إحدى الشابات اللواتي يشرفن على محل لبيع الملابس النسوية الجاهزة ، و التي صارت لا تؤمن بتاتا بشيء يدعى عيد المرأة، قائلة لنا "لا يوجد ثامن مارس " فهو حسب رأيها مجرَد روتين ، وأضافت قائلة لنا " نفس الحفلة ، نفس الطقوس ...مللنا كل هذه التمثيليات" ، مشددة على أن أهم ما ينقص المرأة في الوقت الحالي هو "الإحترام" كأبسط حق مشروع لها . هذا و تكرر في الآونة الأخيرة على مسامعنا و عيوننا مشاهد حية و أخبار للعديد من النساء اللواتي يعشن حياة قاسية في البيت و المدارس و الجامعات ، و حتى في أماكن العمل ، و خاصة في الشارع في مجتمع يصفه الكثير من النساء بالذكوري المحافظ أكثر من اللزوم، فلا حقوق فيه للمرأة ، تحت شعارات عدة تحدُ من ممارسة حريتها .. "لا للخروج و لا للعمل ولا للتمتع " ، و كل ما تناله حكم مؤبد عليها بالأعمال الشاقة ، فهذا ما تراه إحدى السيدات التي تعتبر أن تذكر المرأة ليوم واحد فقط مجرد ترهات، أما أمينة ،خريجة جامعية ، تعمل بمحل لبيع الأجهزة الكهرومنزلية بذات المركز التجاري ، فترى أن أهم ما تستحقه المرأة في وقتنا الحالي هو ضمان لها حقها في منصب شغل دائم ، فأمينة خريجة إعلام إلا أنها لم يحصل لها شرف العمل في مجال تخرجها ، و لهذا فهي تأمل كذلك في حرية أكثر للمرأة ، على الأقل في هذا اليوم الذي قد تمنع من الخروج فيه ما لم يكن للشغل . هل استوفت المرأة حقها من الشكر و الامتنان على كل ما قدمته لكل فرد في حياتها كبنت ،كأم و أخت وزوجة...؟هل أصبح الرجل عاجزا على الاعتراف بفضل المرأة في حياته ، و التي رغم إجماع الحكماء أن إعدادها هو بمثابة إعداد جيل كامل و سليم ، استنادا لمقولة " وراء كل رجل عظيم إمرأة " تدفعه يوما بعد الآخر للنجاح ؟ هل زهدت المرأة في حقوقها المادية ، متشوقة إلى أبسط الحقوق المعنوية ؟ في ذات الموضوع ، تتقدم سارة و صديقتها شهرة بنداء ، تتوجهان به إلى الرجال في بضع كلمات ، "إحترمونا ،أحسنوا إلينا كما أحسنا إليكم طيلة حياتكم" . وتتواصل كفاحات المرأة منذ القدم ، حيث حرمت في التاريخ الغابر من حق الحياة و التعلم ، مشكلة ضحية لأفكار رجعية جامدة ، ولقد نجحت في الماضي من استرجاع بعض الحقوق من التعلم و العمل ...إلخ ، وهي تواصل الآن كفاحها لتضمن لنفسها حقوقا أخرى استلزمها العصر و الواقع ، فهي تصارع لتدخل عالم السياسة و تتمكن من تمثيل نفسها و التعبير عن آرائها و المشاركة في صنع القرار و بناء الوطن ، فلا تزال المشاركة النسوية في المجال السياسي و الاقتصادي التنموي ناقصا ، و هي تأبى إلا أن تطالب بالمساواة مع الرجل في جميع المجالات هذا في المدن ، وقد تضطر المرأة القروية إلى المطالبة بأدنى من ذلك و أبسط بكثير . وكثيرا ما تنتهك حقوق المرأة تحت خلفيات و مبررات و أعذار ، هي في الأصل أقبح من الذنب ذاته، فلا زال الكثير من الجنس الخشن يعتبر قسوة الرجل على المرأة من مظاهر رجولته ، و في رأيه أنه يجب تأديبها لأبسط الأخطاء حتى لا تكررها ، و مخالفة مشوراتهن مصداقا للمثل القائل "شاورهن وافعل بخلاف ذلك" ، بئس المثل . متى يفهم الجزائريون أن المرأة تستحق أكثر من مجرد حفل يتغنى فيه بفضل المرأة ، و يتغزل بجمالها ليوم واحد ، لتجرَد من أبسط حقوقها طيلة السنة ؟ .