النقاب هو اضطهاد للمرأة أدعو المرأة إلى تحرير عقلها وليس فقط جسدها على الكاتبات طرح القضايا المسكوت عنها لم ادع إلى تقنين الدعارة بمناسبة الثامن مارس، أو ما يسمى عيدا للمرأة، استضافت جريدتكم امرأة إعلامية وكاتبة وناشطة اجتماعية، لطالما ناضلت في سبيل قناعاتها من أجل أن تحقق مساواة أرادتها بين الرجل والمرأة، من الجامعة، إلى الإعلام، ثمّ تأسيس مجلة وجمعية وإذاعة، وحتى كتاباتها تناولت موضوع المرأة، نذكر:"تطور لباس المرأة الجزائرية"، "كتابات امرأة عايشت الأزمة" كلها محطّات من مسيرتها النضالية توقفنا عندها معها، وتحرينا الدقة في نقل أقوالها كما جاءت، فكان هذا الحوار الجميل. حوار وتصوير: مصطفى مهدي. نفيسة لحرش إعلامية وناشطة اجتماعية معروفة وسط النخبة، لكن ماذا يمكن أن تق ول لنا هي عن نفسها؟ أقول ما تقوله عني زهور ونيسي أني عصامية، دراستي لم تكن إعلاما، فأنا خريجة تاريخ وعلاقات الدولية، ثم أخذت الماجستير في الثقافات الشعبية بعدها، لكن الإعلام كان تحدي بالنسبة لي، وأنا طالبة في الجامعة كنت اكتب مقالات، وأوّل مقال لي كان حول المرأة العربية، ولقي ضجّة إعلامية. ما الذي دفعك إلى اختيار هذا الموضوع في تل ك الفترة؟ هذا السؤال طرحته على نفسي، ربما كانت لديّ قناعات داخلية لم أكتشفها في وقتها، كنت من مُحيط مُحافظ جدا، ربما كان له تأثير بداخلي، ولذلك فعندما كتبت هذا الموضوع، وكنت في السنة النهائية في الجامعة أخذته إلى مجلة "الجزائرية" وهي المجلة النسائية الوحيدة حينها، وكان بعدها الإتّحاد الوطني للنساء الجزائريات، الذي كان تابعا للحزب الواحد وقتها، وردّ عليّ الأخ الصحفي صالح قصي درويش في جريدة الشعب، وذلك الرد جعلني أتحمس لكتابة مواضيع أخرى، ولم أنقطع عن الكتابة، من منطلق حبّ الكتابة، خاصّة بعد الضجّة التي حقّقها المقال أحسّ أني قادرة على الكتابة، وبقيت كذلك إلى سنة 1981. بقيت في نفس الجريدة؟ ثمّ تحولت إلى الشعب وصارت لي صفحة، ثم استقلت من المتحف وتوجهت إلى الإعلام بشكل نهائي. لم استقلت؟ لأنه كانت لي أطروحة، وكانت رسالتي حول الثورة الجزائرية، لكن اكتشفت أنّ الأرشيف كان مغلقا، وقضايا كثيرة لم يكن مسموحا التطرق لها، وجدت نفسي بين عالمين، أوّل يتيح لي إمكانية الكتابة والتعبير، وآخر ممنوع فيه كلّ شيء، لهذا فعلت، فانتميت إلى الإعلام من يومها بصفة رسمية، ترسمت في الجزائرية، وكان عندي برامج في الإذاعة الوطنية، إلى سنة 1984، حيث اكتفيت من المواضيع النسائية، ثم انتقلت إلى الوحدة، وكانت المواضيع شبانية، وكانت أكثر انفتاحا من الجزائرية ومن الاتحاد. ماذا تعنين بالانفتاح؟ أعني به الديمقراطية، بالمقارنة مع ما كان مطلوبا منّا أن نكتبه في مجلة الجزائرية، أو في الصُحف الأخرى، أو الإذاعة، أمّا الوحدة فكانت أكثر حرّية، فاستقرّيت فيها سنة 1991، وعندما كانت هناك حرّية للصحافة، واستقلالها أسّست مجلة الأنوثة. لم اخترت أن تكون مجلة نسائية؟ نفسي كانت ميالة لكلّ ما يتعلق بعالم المرأة، وبدايتي التي كانت مع مجلة نسائية، وكنت أرى مع احترامي لما كان ينشر فيها، إلاّ أنها كانت في إتجاه واحد، فقررت أن افتح مجلة تكون متفتحة على العالم أكثر، وتمس كل الفئات، وهكذا كانت مجلة "أنوثة". متى قررت أن تناضلي في سبيل قضايا المرأة؟ كان هناك شيء بداخلي، وعندما ذهبت إلى مجلة "جزائرية" تعرفت على معنى نضال المرأة، كانت هناك نضالات ومشاريع خاصّة بالمرأة، ولو أنها لم تكن بنفس الحرّية التي نراها الآن، ولكن كان فيها اهتمام بقضايا المرأة، وهو ما ساعدني كثيرا على أني تكوّنت في هذا الإطار، حتى أني دخلت في اتحاد نسائي وصرت عضو مجلس وطني وقتها، ولكن، مع ذلك، وجدت نفسي مقيّدة ولم أر أنها الحرية التي كنت أطلبها. ما هي الحرية التي كنت تطلبينها؟ كنت أريد أن نملك كنساء القرار. ماذا تقررن، أو أيّ قرار؟ أن نطرح قضايا المرأة بصدق، ونطالب بتحسين وضعها، وإعادة النظر في القوانين التي تحكم المرأة والمجتمع، هذه الأشياء لم تكن تطرح بالشكل المناسب في الاتحاد النسائي، ولا في مجلة جزائرية، لذلك قررت أن اطرح القضايا بهذا الشكل، ولم أكتف بذلك، وانتقلت في 1995 إلى تأسيس جمعية. الم تكن مجلة أنوثة قادرة على احتواء طموحاتك؟ لا، ولهذا أسست الجمعية، المقالات تُكتب ولكن لا تُنفذ في الميدان، فبالتالي الجمعية تمكنني من النضال ميدانيا لأقترح أفكارا. ماذا كان أقصى طموحك حينها؟ أنت شاب، ولم تعش تلك الفترة، ولم تشعر بمعنى أن يكون هناك قرار حزبي ينطبق على الاتحاد والمجلات الإعلامية التابعة للحزب الواحد، أن لا تتجاوز ذلك الطرح، حتى لو كنت عبقريا، أن تكون مرتبطا ببرنامج عمل، وإيديولوجية تابعة للحزب، ومن يحذو حذوه، فتجد نفسك تنحصر في إطار معين، ذلك الضغط يجعلك تثور على الواقع، رغم أنّ طموحاتنا كنساء تختلف عن طموحاتنا اليوم، لأنّ المجتمع، ليس نفسه، كنا منغلقين في فكر وسياسة واحدتين. ما هي التحديات التي كانت على رأس مطالب الجمعية؟ لقد كنا نطالب بتعديل قانون الأسرة، حتى لو شتمونا واتهمونا ودعوا إلى حرقنا، مثلما فعل جاب الله، لأننا نجرؤ على المطالبة بتعديل قانون الأسرة، وكانت بمثابة إشارة للآخرين حتى ينّفذوا، ورغم ذلك لم نتوقف، وناضلنا وتعدّل قانون الأسرة، رغم أننا لسنا راضيات على الصيغة الأخيرة له، ولكن مجرد التعديل هو انجاز، والأشخاص الذين كانوا ينتقدوننا غيّروا رأيهم، ما إن قال رئيس الجمهورية أن هذا القانون إهانة للمرأة، صار الجميع يتفق معنا. ليس الجميع؟ الأغلبية، على الأقل في الاتجاه السياسي، ففي وقت الآفلان لم نكن نتجرأ على طرح فكرة تغيير قانون الأسرة، أما الآن الآفلان يوافقون عليه. بالنسبة للمبادئ الأخرى التي نادت بها الجمعية؟ كنا نناضل يوميا لتطبيق مبدأ المساواة، وتنفيذ تعديل الدستور، وقيل أنه أتى من أجل إدخال المرأة في الحياة السياسية، ولكن حتى اليوم لم نر حتى قانون تنفيذي في هذا الشأن، فالمرأة في العمل مُعرضة للتحرش الجنسي أكثر من ذي قبل، نسبة العاملات لا تتجاوز 14 بالمائة، رغم أنّهن في الجامعة يُشكلنّ أغلبية الطلبة، أوّل أمس كان هناك ملتقى حول فك الرابطة الزوجية، آثارها وتجلياتها، كان موضوعا مهما، ولأوّل مرّة كان هناك تجمع رجالي في القاعة أكثر من نسائي. على ماذا يدل هذا؟ يدل على أنّ الناس تقبل على الجمعيات، عندما تناضل الجمعيات باحترام، وتطالب بقضايا تمسّ المجتمع، وتطرح القضايا بشكل قانوني، وبشكل منهجي وتفكيري جيد، كان هناك نقابة المحامين والقضاء، إضافة إلى شباب، وبالتالي عملية الانتشار بالنسبة للجمعية كان من خلال برنامجها المسئول المنهجي. كان من بين أهداف الجمعية فتح الإعلام أمام المرأة، فهل أنت راضية على تواجدها اليوم، خاصّة وأنها فاقت نسبة الرجال في هذا الميدان؟ في الإعلام تشكل المرأة نسبة كبيرة، تقدر بحوالي 54 بالمائة، هي أكبر نسبة، مثل التعليم والصحة هي قطاعات ثلاثة تتواجد فيها المرأة بقوّة، وأكثر من الرجل كذلك. وهو ما تطالبين به؟ لا ، لم أطالب يوما بأن تتواجد المرأة أكثر من الرجل، نريد فقط المساواة، أن تعطي الفرص للمرأة مثل الرجل، لأنها لا تختلف عنه لا قدرة ولا فكرا، خاصّة وأنّها تمثل نسبة كبيرة في الجامعة. أسست شبكة خاصّة عبر الانترنيت تسمى "راديو صوت المرأة" فماذا تقولين عن هذه التجربة، بعد سنة تقريبا من افتتاح المحطة؟ عندما أسسنا هذه الإذاعة عبر الانترنيت، كنا نتمنى أن نضعها ليس فقط على الانترنيت، فهذا يعني أننا حصرناها على فئة الأنترنوت، لكن لا نستطيع حينها أن نجند كلّ الفئات الأخرى، ومع ذلك، أقول أننا أردنا من هذه الإذاعة أن نوصل صوت المرأة بشكل آخر، ليس لإلغاء ما هو موجود من الإعلام، ولكن نحاول أن نسدّ الفراغ الموجود عندنا في الإعلام، من حيث إعطاء مساحة أكبر للمرأة، وكان هناك موقع واحد بالفرنسية، الآن لدينا إذاعتين وموقعين، وصوتنا مسموع، وهذا مهم ليعرف بالمرأة وطموحاتها، فنحن في نضالنا لا نريد أن نأخذ حقّ الرجل ونأخذ مكانه، ولكن نريد لنا مكانا واعترافا بقدراتنا وحقوقنا، وقد قمنا بإحصاء مع إحدى الجمعيات، واكتشفنا أنّ 95 بالمائة لا يرفض نهائيا تواجد المرأة في السياسة والعمل، أو أخذها مناصب حساسة، هناك مشكل فقط مع منصب الرئاسة، يعني أنّ المجتمع متقدم على المثقف والإعلامي والسياسي. بالعودة إلى الجمعية، هناك من يعتب على الجمعيات النسوية أنها تبنت خطاب الحركات النسوية الغربية؟ لا، خطاب المساواة هو خطاب عالمي، هناك مجموعة هي محسوبة على اتجاهات مرتبطة باتجاهات غربية، هناك اتجاهات سياسية مثل الأحزاب، وهناك جمعيات تابعة لأحزاب سياسية، لكن ليس الجميع، ليس من أسس جمعية هو غربي، فهل الجزائر أمضت على لائحة مساواة لأنه برنامج غربي، اعتقد أنّ المسلمين لا يزالون لا يدركون أنّ المجتمع المسلم، ومنذ القدم شارك بمبادئ صارت من القانون العالمي، مبادئ حقوق الإنسان هو مفهوم تندمج فيه كلّ الحضارات، ونحن صوتنا عليه. حسنا ما هي أهم مبادئ جمعية المرأة في اتّصال؟ نريد المساواة والاحترام، والإدماج ولكن لا نريد أن نأخذ حق الرجل ولا العكس، احترم عملك، واحترم جنسك، ولكن اختلف معك إذا أنت لم تحترمني، إذا رفضتني، وهنا أحاربك، وقد خطينا بالمرأة خطوات جميلة. رغم هذه الخطوات، فان الظواهر الاجتماعية التي تمس المرأة في تفاقم، أو على الأقل لم تتحسن، فلا زلن يعانين من العنوسة والعنف، لم؟ لا نستطيع أن نفصل حالة المرأة عن حالة المجتمع ككل، هناك تدهور في المستوى الفكري الحضاري الاجتماعي، وهو ما تقع فيه المرأة، هي تعيش كالرجل، ثم تأتي نقاط حمراء أخرى، هي ذاتها، نستطيع أنّ نقول أن فترة الإرهاب كانت خطيرة على المرأة، انقلبت فيها الكثير من المفاهيم التي كانت تسيّر علاقة المجتمع بالمرأة، وصارت رخيصة، ومُهانة، فالقيمة الإنسانية للمرأة سقطت بسقوط ما عاشته الجزائر، والنقطة الثالثة تدهور الحالة الاجتماعية في الجزائر، كانت العائلات الجزائرية تفضل الموت عن المساس بالشرف، لكنها صارت تتساهل مع لقمة العيش، أما النقطة الرابعة، هي قيمة المرأة عند نفسها، أصبحت معتنية بالمظاهر، وحتى المثقفة هدفها الأول أن تجد زوجا قبل أن تتخرج، ولكن لا تفكر في تقوية المكانة الاجتماعية والسياسية. هو اختيار؟ لا، ليس اختيارا، أو هو اختيار اضطرت إليه، لأنّ المجتمع أراد ذلك، ليس اختيارا من منطلق وضع اجتماعي عادي، الوضع تغير، الناس صارت تريد أن تجد حلولا لمشاكلها، فتسارع بالزواج وهذا خطأ. تظنين أنّ مفهوم "المرأة في بيتها" مفهوم بائس؟ لا، أنا قلت أنه في السابق كانت المرأة التي كانت تريد أن تتزوج بالدرجة الأولى هي البنت التي لا تدرس، فتفكر في أن تتزوج وهو الحل، لكن عندما تكون جامعية وتدرس، ويبقى هدفها ينحصر فقط في الزواج، فهذه تعتبر إشكالية، ولا بدّ حينها من طرح الأسباب، أنا لا أقول لها لا تتزوجي، لكن يجب أن يكون اهتمامها بمستقبلها العملي مثل اهتمامها بمستقبلها الشخصي. لكن حتى نكون واقعيين، الفتاة الجامعية لا تفكر فقط في الزواج، كما قلتِ، ولكنها، ربما، تضع الزواج أولويتها؟ عندما تصرف عليها الدولة، وكذلك أهلها، ثم تُواصل دراستها في الجامعة حتى يكون لديها دور اجتماعي، ثمّ تبحث عن الزواج مثل أي فتاة لم تدرس ولم تتعب ولم يصرف من اجلها نقود، هو ما أقول عنه تدهور في البنية الفكرية بالنسبة للمرأة، إنّ هذا الإقبال على الزواج بهذا الشكل بدون وعي، هو الذي جعل الطلاق ينتشر، لأنّ رؤيتهم للزواج هي رؤية لحلّ آني، و ليس لبناء مستقبلي مبني على أسس. لكن لم استعملت عبارة "تدهور في البنية الفكرية للمرأة" فقط لأنها تفضل الزواج؟ رائدات الستينات تركوا الأثر لأنه كان عندهن اهتمام بالدرجة الأولى بمُستواهم العلمي والثقافي، وما يُمكن تركه من تأثير في المجتمع، ولكن أقول أنّ المرأة ما إن تتزوج حتى تنتهي حياتها العلمية، لست ضد الزواج، لا تفهمني خطأ، ولا تقوّلني ما لم اقل، ولكن أقول أنّ المرأة إن كانت أولويتها الزواج، فلم تدرس، ولم لا تختصر الوقت وتتزوج مباشرة. هل تعتبرين أنّ الزوجة المثقفة مثل الزوجة الجاهلة؟ طبعا لا، ولكن عندما أراها تجتهد في التحصيل العلمي، ثمّ لا تفعل شيئا، فلم؟ ما رأيك في صورة المرأة في وسائل الإعلام؟ الإعلام صنع من المرأة شيئا آخر، أصبحت امرأة استهلاكية، وهذا الاستهلاك الذي لا تجده المرأة وهي عاملة، ولا تجده وهي تبحث وتثقف، ولا تجده وهي في حالة عطاء، تجده في حالة زوجة، الخرجات والتزين واللباس وغير ذلك، لكن لو كانت عاملة لا يكون لها الوقت والفراغ للانفتاح على الاستهلاك، ولهذا أقول أنّ الإعلام له دور، حيث أنه يُمرر كل يوم صورة النساء التركيات في القصور، وهذا غير معقول، اسأل النساء يتابعن كم مسلسلا في اليوم. لم افهم، هل تلومين الإعلام أم المرأة التي تتابع تلك المسلسلات، وتختار المحطات التي تشاهدها؟ ألوم الإعلام الذي يقدم نموذج المرأة المستهلكة، والتي لا تقدم فكرا ولا نشاطا، حتى في قناتنا لا يقدم للمرأة طرائق الدفاع عن نفسها وحقها، وعلى وجودها وكيف تشارك، وحتى في الدعم الاقتصادي لا بد أن تبقى في البيت، لذا قلت أنّ المرأة تُستهدف استهلاكيا، ففي السبعينات كنا طلبة في الجامعة، وكنا مع زملائنا الشبّان نتطوع من أجل الثورة الزراعية، كان طرحا آخر، كنا نعمل وننتج إلى جانب الرجل، اختلفت الفترتان، هذا بالإضافة إلى المشعوذين، الذين يدعون إلى طريقة التحكم في الزوج، كل هذا يمر عبر وسائل الإعلام. كيف ترين العالم المثالي للمرأة؟ حدثتك عن الثورة الزراعية، وكان ذلك مثالا. يجب أن تشارك المرأة في بناء المجتمع، عندما أرى أنّها تحتل 72 بالمائة في المقاعد الجامعية، وارى أنها في العمل تشكل 14 بالمائة، هذه ليست مشاركة ولا مساهمة. وما هي البلاد المثالية التي ترين أنّ المرأة خطت فيها خطوات متقدمة؟ لا يمكن أن نأخذ مثالا من العالم الغربي، ويمكن أن نأخذ مثال تونس أو المغرب، نحن أقلّ منهم نسبة في عالم الشغل، التونسية تحتل 47 بالمائة، والمغربية 30 المائة، ونحن 14 بالمائة، رغم أنهن لسن أكثر ذكاء، ورغم أن مجانية التعليم لا تشبه ما عندنا، عندنا نحن التعليم مجاني من الابتدائي حتى الجامعي، لا أقول أنّ المرأة لا بدّ أن تتمرد، لكن في إطار مبادئنا يمكن أن نكون أحسن، أدعو ببساطة إلى تحرر المرأة. ما هو التحرر؟ هو مفهوم كلّ شخص يضعه على مقاسه، هو التحرر من الأفكار، وليس من الواقع، تتحرر من أفكار مسبقة، أفكار رجعية تدين المرأة. هل تظنين أن تحرر المرأة هو التحرر العام كما يقول الفيلسوف الفرنسي شارل فورييه ؟ أجل، هو تحرر المجتمع لأنّ المرأة إن تحررت تستقبل أفكار المجتمع لأنّ الرجل الذي كان يدّعي أنّ المرأة ناقصة عقل ودين يتدارك نفسه، لن أقبل أن تُقال لي هذه الكلمة، عندي عقل أحسن ربما منن 40 بالمائة من الرجال ليس كل رجل عاقل، وليست كل امرأة غير عاقلة، لا بد ألاّ نعمم، هي أفكار لا بد أن تتحرر منها. لم نسمع صوت الجمعيات النسوية عندما هوجمت المرأة المسلمة في نقابها لم؟؟ النقاب ليس شرعيا، ليس هناك نص ديني يتحدث عن النقاب. إذا تقولين أنّ النقاب هو اضطهاد للمرأة؟ اجل هو استغلال للمرأة، ومع الأسف المرأة وافقت على هذا، لم يحدد القران النقاب المفروض، ولا حتى نوعية الحجاب، ليس هناك نوعية مفروضة في النص. لنفترض، لكنّ حرية المرأة تقتضي أن تختار لباسها بنفسها؟ لا، أنت عندما تنسب النقاب للدين، فأنت تعرضه للنقد، وعليك أن تستقبل النقد، لأنك عرضته للنقد، فإذا الغربيين مسوا الدين، فنحن المسئولين، لأننا نعطيهم الفرصة ليفعلوا، فعندما وصفونا إرهابيين، نحن من أعطيناهم الفرصة لينقدوا ديننا، ويقولون أنّ ديننا دين إرهابي، لأنك تتعامل مع عالم فيه مفكر منتج وآخر مغلق، أنت يأتيك مسيحي لا تقبل به في بلادك، لكنك تريد أن تبني مسجدا في سويسرا، وتقول أنّ الأمر من حقك. وليست هذه الحال؟ لا، ليس من حقك، لأنك لا تقبله في بلادك، وهذا هو الفرق، إذا كنت متفتحا على الآخرين، تفتحوا عليك، أمّا إذا لم تقبل وتقول أنك الأحسن والأرقى، فهذا لا يجوز، وهذه هي الديمقراطية، أصلها احترام الآخر، نحن لا نأخذ منها إلاّ السلطة، إذا لا يمكن أن نفرض على الآخرين مسجدا والصلاة في الشارع، ثم تمنع بناء الكنائس، النقاب أنا ضده أصلا. لم؟ لأنه ليس نصا دينيا، من هذا المنطلق، أن تفرض عليّ نصا، وتقول لي انه الإسلام، وليس صحيح، هذا اختيار شخصي ربما، لكن لا يعبر عن الإسلام، لهذا قلنا على المرأة أن تتفقه في دينها لتشارك الرجل في إثراء دينها ولا تبق فقط مستهلكة لما يقوله الرجل. ليس أمرا جديدا هو ما يدعو له الإسلام؟ أجل، لأنّ المرأة لا تعرف دينها، من حسن حظي أني تعلمت القران الكريم وأنا صغيرة، لم أكن أتجاوز الست سنوات بعد، أبي كان من جمعية العلماء المسلمين، أرسلني إلى الكتاب، لا نستطيع أن ننسب أشياء إلى القران، هذا لا يعني أني متفقهة، ولكن يجب أن تتخصص نساء في الفقه، إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول وخذوا نصف دينكم عن عائشة، معنى هذا أنّ كلّ المُسلمين آنذاك كان عندهم نصف وعائشة النصف المتبقي، ثمّ نأتي فنقول أنها ناقصة عقل ودين. هذا تناقض صارخ. هل صحيح أنك دعوت إلى تقنين الدعارة؟ من قال لك هذا؟ بعد اكتشاف مقبرة أجنة بحي الجزيرة بباب الزوار، قلت أنه لا بدّ أن تقنن الدعارة لتفادي المشاكل؟ لم ادع إلى هذا، ما حدث أنه جاءني صحفي ليطرح عليّ ما وقع في الجزيرة، أجبت أنّ السبب يعود إلى أنّ الدعارة موجودة ونتستر عليها، لو كانت مقننة كان يمكن أن نحاربها، لكن عندما لا تكون واضحة، والجميع يتستر عليها، فهنا المشكل، عندما نتستر على أشياء موجودة نصل إلى هذه الدرجة. إذا لا بد من تقنينها حتى نحاربها؟ لا، لم اقل هذا أبدا، قلت "لو كانت" وعندما تقول "لا بد" يعني أني أدعو إلى تقنينها ووجودها. نصل إلى نتيجة أنّ تقنينها أقلّ سوءا من عدم تقنينها؟ قلت لو كنا نعرف لكان الوضع اقل سوءا، مثل وهران هناك بيوت دعارة، لكن هل إلغاء بيوت الدعارة من الجزائر حلّ الإشكال؟ وهل استطاعوا أن يلغوها من أذهان الناس؟ بيت الدعارة عادة ما يكون تحت رقابة طبية إذا أردنا أن نلغيها لا بد من بديل قانوني. وما هو هذا البديل؟ لا ادري، بديل آخر لحماية الناس. كنت مدعوة في السويد في موضوع التجارة بالنساء والأطفال، موضوع هام، وكانت كلّ المنطقة العربية ممثلة، والسويديون من أشرفوا على التكوين، عرض عليّ القانون السويدي، هناك قانون خاص بتحريم شراء الجنس، يعني أنّ كلّ رجل سويدي يجدونه في حالة استهلاك من امرأة يعاقب هو ولا تعاقب المرأة. لم؟ المرأة ليست مسئولة؟ لأنّ الرجل من يشتري وليست هي، وقد طرحت نفس السؤال قائلة أنّ المرأة مسئولة، أجابني البروفيسور الذي كان يدافع عن القانون قال لي أنّ المرأة في كلّ الحالات هي مضطهدة وليست مختارة، إما ظرف اجتماعي، او الحاجة، أما الرجل فهو من يشتري ويحب الجنس، ولهذا هو من يعاقب على شراء شيء ممنوع، بالمقابل النرويج سنوا قانونا آخر، فهم يعاقبون الرجل على شراء الجنس في أيّ مكان في العالم، وعندما استعملت مصطلح التقنين ففي هذا المعنى. إذا هي دائم ما ضحية؟ أتحدث عن القانون السويدي يقول أنّ المرأة دائما ضحية، حتى لو أنها مسئولة فهي ضحيّة، لأنها نشأت على هذا منذ صغرها، لم توجه لأن تكون إنسانا كاملا، لذا القانون السويدي لا يعاقب المرأة. وتريدين قانونا سويديا او نرويجيا؟ قوانين تتحكم في هذه الأشياء، أي قانون رادع، حتى نستفيد من هذه التجارب. بما انك تحدثت عن السويد، هل يعجبك ما وصلت إليه المرأة السويدية، حتى أن الجمعيات النسوية صارت تطالب بأن لا تلعب الفتاة الصغيرة بالدمى، لأنّ ذلك نوع من أنواع العنصرية لممارس ضد المرأة، ثمّ هل توافقين هذا الطرح؟ لم تدع تلك الجمعيات إلى هذا الطرح بالشكل الذي تُصوّره، عادة ما توجه البنت إلى المطبخ والعاب العروس، وغير ذلك، منذ صغرها، أمّا الذكر فيُوجه إلى الرياضة وأفكار أخرى، وهذا مفهوم خاطئ، فإذا كانت الفتاة تميل إلى الرياضة، او تريد أن تصبح سائقة حافلة لم نمنعها؟ لا بد وأن لا نوّجه قدرات البنت، لكن عندما قالوا هذا و صلوا في التقنين إلى أن الرجل يقتسم المهام في البيت مثل المرأة تماما، ما دام هي تقتسم معه الحياة خارجا، مادام المرتب يدخل إلى البيت منها ومنه، حتى هو عليه أن يقتسم معها المطبخ وغسيل الملابس حتى عطلة الأمومة شهر للام وشهر للرجل. تطالبين بهذا؟ لا، لأنني حتى وان طالبت لن نستطيع أن نصل إليه لأسباب بسيطة، وهي أنه ليس في ذهنية الجزائري أن يكون هكذا، ولا في ذهنية الجزائرية كذلك، أتحدث عن كليهما، فالمرأة في غالب الأحيان تسبب لنفسها المعاناة، في حالات كثيرة يحاول الرجل مساعدتها في المطبخ تقول له اخرج. هي أرادت؟ المشكل ليس الرجل فقط، ولكن في تخلف المرأة كذلك. أتعتبرين هذا تخلفا؟ اجل هو كذلك، وليس في المطبخ فقط، هذا مثال، لكن عموما، المرأة تقبل أن تميز، تقبل أن يتحرش بها الآخرون، تقبل أن تتعرض إلى الضرب من طرف الرجل، أدعو المرأة أن تحرر عقلها وليس فقط جسدها. لكن هناك ظاهرة أخرى وهي العنف ضدّ الرجل، هل هي أيضا من اهتماماتكن؟ نحن ضدّ العنف ضدّ الرجل، لكن لم نتعرض لهذه الظاهرة، ثم يجب ألاّ نطلق عليها ظاهرة، لأنها ليست كذلك، هي حالات فقط، ثمّ ليس هناك رجال يشتكون ويأتوننا إلى الجمعية، نحن لا نحبذ أن تصل المرأة إلى ضرب الرجل. هل توافقين على مصطلح الأدب النسوي؟ سؤالك هذا يحتاج إلى إجابة معمقة، لكن أقول لك مثلا أننا عندما نقول أدبا جزائريا، هل أخرجنا الأدب الجزائري من دائرة الأدب العالمي، لا، فالأدب يبقى أدبا، ولما أضفنا له الجزائري فلنحدد هويته، لكن في إطاره العام يدخل في الأدب العالمي، نفس الشيء بالنسبة للأدب النسائي ولا أقول النسوي، لا يختلف عن أدب الرجل، هي تعبر عن المتناقضات التي تعانيها المرأة والكبت التاريخي الذي عاشت فيه، يُمكن أن تكون لها إضافات، فعندما تناقض المرأة قضايا المرأة، فهي لا تفعل مثلما يفعل الرجل. لكن هل نجحت في ذلك، أي في أن تختلق لها خصوصية؟ هناك من نجحن وهناك من أخفقن، لهذا نقوم بندوات وملتقيات للكتابة النسوية، من منطلق نضالي على أساس أنّ الكاتبات العربيات عليهن ناول قضايا المرأة بالذات، وطرح المسكوت عنه مثل الجنس، العنف، الدين، السياسة، فلماذا لا نتحدث المرأة في هذه المواضيع. ألاّ تظنين أنّ المرأة انحصرت أعمالها فيما سمّيته المسكوت عنه، وخاصّة الجنس؟ أنا لا أتحدث عن الجنس الذي يثير، بل الجنس البحثي، الجنس الذي يطرح إشكالية إنسانية، ليس للوصف، وهذه صفات جنسية وليس جنس، أمّا الدين أفلا يحق للمرأة أن تناقش دينها؟ لم هي تستقبل فقط؟ والفقهاء هم من يناقشونني الدين، ومن يقررون إن كنت على صواب أو على خطأ، لم لا تفقه هي في دينها وتجتهد، وتجادل الفقيه، تفهم حتى تستطيع أن تردّ، وتناقش. هل تظنين أنّ الخطوات التي خطتها المرأة في كلّ هذا التحرر جعلها أسعد منها بالأمس؟ سؤالك جميل، لأنّ الثامن مارس ليس عيدا بقدر ما هو وقفة للتقييم، لأننا إذا رأينا الثامن مارس، انطلق من مناضلات في المصانع، وليس من اجل حفلة او سهرة، من اجل حقوق مبدئي ة أساسية كانت تعاني منها المرأة في الاضطهاد، أقول انه بالنسبة لي أن هذا اليوم ورغم أن البعض يقول انه ليس من عاداتنا، أقول أننا ننتمي إلى هذا العلم، واستفدنا من الحركات والتطور العلمي مثلما استفادوا هم منا، فتاريخنا الإسلامي تأثر في كثير من الغربيين، ولا يمكن أن نلغي ذلك من مسار الحضارة، وحتى نحن نستفيد مما ينفعنا، تحرير المرأة، بدا من أوروبا، ليس من عندنا، كان عندنا حريم 500 جارية ولكن لم نتحدث، هم تحركوا، بالنسبة لنا كنا مناضلات، هي وقفة وليست احتفالا نقيم فيه مسيرتنا، ولهذا لا يمكن أن نقول اسعد إن أسوء، لا أراها من هذا المنطلق، فهل استطعنا أن نغير أشياء او لا، هناك خطوات ايجابية وأخرى لازالت متعثرة حتى تتحقق، اقل شيء لا نريد أن تهمش المرأة وهي في غالب الأحيان أحسن من الرجل، حتى البعض أن البعض رفعوا في المظاهرات شعار "الخدمة داوها غير النسا" الاختيار الاقتصادي للبلاد هو سبب البطالة وليس المرأة، لأنه لو واصلنا في سياسة السبعين لكان العمل شمل رجالا ونساء، وليس المرأة من سببت البطالة.