أصبحت ظاهرة الحظائر العشوائية سمة مشتركة بين شوارع العاصمة كلها، فلم يجد المواطنون حتى الساعة حلا يقيهم سيطرة شبان نصبوا أنفسهم حكاما على الطرقات والأرصفة في غياب تام لسلطة قانونية رادعة، يبقى المواطن البسيط الضحية الوحيدة فيها. لا يجد المواطنون المضطرون لركن سيارتهم قصد السعي لقضاء حوائجهم ومشاغلهم سوى دفع ضريبة الركن التي يفرضها عليهم حكام الأرصفة، إنهم شباب بطالون ما بين ال 16و30 سنة وقد يقارب أحدهم ال50 سنة وهم غالبا من متعاطيي المخدرات وحاملي السكاكين إلى غير ذلك من مساوئ تميزهم، حاملين عصا خشية في حالة ما رفض أحد الأشخاص الدفع .،ما تقع أعينهم على مساحة شاغرة من الحي إلا ألحقوها بملكيتهم حتى استولوا على كل شوارع العاصمة بجدرانها التي يستغلونها لكتابة "باركينغ ليل ونهار "، بالإضافة إلى السعر الذي غالبا ما يتراوح بين ال50 وال100 دينارا وذلك حسب إستراتيجية المكان والأمر ليس اختياريا بل إن صاحب السيارة إن رفض الدفع فسيقوم أصحاب الباركينغ بثقب عجلاته وكسر سيارته هذا إن كان غائبا، أما إن كان حاضرا فيتشاجرون معه هم وأصدقائهم بما أعدوا له من سكاكين وشفرات وعصي، وليس يهمهم مدة الركن وان كان الأمر يتعلق بركن السيارة لمجرد ربع ساعة أونصفها بل أنهم يتحكمون في مدة ركنك لسيارتك طارحين سؤالا "تطول ولا لا؟". فلم تعد تعني الحياة بالنسبة لهؤلاء الشباب سوى رقعة الحي التي يركنون فيها سيارات المواطنين والتي يبقون بها آناء الليل وأطراف النهار. انتشار واسع للحظائر العشوائية بالمناطق الصناعية والأسواق الكبرى ويزيد تواجد هؤلاء الشباب بالمناطق الصناعية والأسواق الشعبية الكبرى والتي رغم كثرة معتاديها وزحمتهم وفوضى شاحنات الباعة إلا أنهم يجدون حلا لركن المزيد من السيارات خالقين بذلك فوضى لا نهاية لها ولا زوال ويزيد ذلك من فرص التعرض للسرقة خاصة من طرف اللصوص الذين يقتصون الزبائن وفي كثير من الأحيان هم أصدقاء لحراس السيارات . وللمواطن نصيب من الذنب ويعتبر المواطن المسؤول الأول على استفحال هذه الظاهرة فهم على الرغم من علمهم بخطورة هذه الأحياء وعدم شرعية نشاط هؤلاء الشباب فهم يؤمنونهم على سياراتهم متجاهلين أنهم في حال ضياع غرض من سيارتهم أو تعرض سيارتهم للسرقة فلا يمكنهم تقديم شكوى ضدهم بل إنهم بمجرد رؤية سيارة الشرطة يفرون تاركين سيارات المواطنين عرضة لأي خطر ولا يهمهم سوى النجاة من قبضة الأمن. مساع حكومية لتقنين الظاهرة تحدثنا إلى العديد من حراس الحظائر العشوائية فأبدى جميعهم رغبة في مواصلة هذا العمل في إطار قانوني حيث قال "سفيان" أحد الحراس أنه منذ سنوات وظفت البلدية بعضا من هؤلاء الحراس فأعطتهم رخصا للعمل وزيا رسميا وتذاكر يقدمونها لأصحاب السيارات إلا أنه لم يتم تجديد العقود، ليضيف أن العمل في إطار قانوني سيحمي في آن واحد الحارس وصاحب السيارة، مضيفا بقوله "أحد أصدقائي من حراس السيارات وهو متزوج تم سجنه والآن ليس هناك من يعيل زوجته وأبناءه لولا أن أحد أبناء الحي تطوع لتعويضه في عمله وإعطاء الأرباح لزوجته، فلو تكفلت الدولة بنا لكان لنا تأمينا" . فلا يمكن تحديد المذنب الأصلي والمساهم في انتشار هذه الظاهرة وكل ما يمكننا قوله هوان الذنب ذنب الجميع ابتداء من المواطن ووصولا إلى السلطات المعنية التي عليها أن تتكفل بحالات هؤلاء الحراس وتوظيفهم وصولا إلى العدالة التي عليها سن قوانين تحدد قواعد هذه المهنة وتعاقب المخلين بها. محمد بن حاحة