قالت المعارضة الليبرالية في مصر اليوم الأربعاء إنها ستدعم التصويت "بلا" في الاستفتاء على مسودة دستور جديد يؤيدها الرئيس الإسلامي محمد مرسي ولن تقاطع الاستفتاء ما دامت هناك ضمانات لنزاهته. وألغى الجيش محادثات "وحدة" تشمل الفصائل المتناحرة الأمر الذي وجه ضربة لجهود حل أزمة سياسية متصاعدة بشأن الاستفتاء وكبح احتجاجات بالشوارع تحولت إلى العنف. وبدأت أحدث اضطرابات في انتقال مصر إلى الديمقراطية بعدما أصدر مرسي الشهر الماضي إعلانا دستوريا منحه صلاحيات واسعة لتسريع إقرار الدستور الجديد الذي تتعين الموافقة عليه قبل انتخابات برلمانية متوقعة في مطلع العام القادم. واثار الإعلان الدستوري جدلا واسعا قسم البلاد وأدى إلى خروج الآلاف من المؤيدين والمعارضين للحكومة إلى الشوارع في أسوأ توتر تشهده مصر منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك قبل نحو عامين. وأودت الإضطرابات حتى الآن بحياة عشرة أشخاص في اشتباكات بين مؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين والمعارضة. ولم يستخدم الجيش حتى الآن القوة لابعاد المحتجين عن القصر الرئاسي الذي تحيط به حاليا الدبابات وحواجز من الأسلاك الشائكة والكتل الخرسانية. وبدأ المصريون في الخارج التصويت في السفارات في الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد الذي سرع مرسي عملية صياغته من خلال جمعية تأسيسية يهيمن عليها الإسلاميون. وشكلت بداية التصويت انتكاسة للمعارضة التي كانت تأمل في تأجيل الاستفتاء. ويمكن أن يساعد غياب المقاطعة في تهدئة المواجهة في الشوارع ويعزز شرعية المسودة إذا أقرت. ويقول ائتلاف المعارضة الرئيسي إن المسودة لا تعكس طموح جميع سكان البلاد البالغ عددهم 83 مليون نسمة بسبب بنود تمنح علماء الدين دورا في صوغ القوانين. ويطالب بمسودة جديدة تشمل ضمانات لحقوق الأقليات ومن بينهم المسيحين الذين يشكلون نحو عشرة في المئة من السكان. ويقول انصار مرسي إن إقرار الدستور ضروري لمواصلة الانتقال إلى الديمقراطية. ووصف بعضهم المعارضين بأنهم "فلول" من نظام مبارك يسعون للتشبث بالسلطة. وقال عمرو موسى السياسي المعارض والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية لرويترز "سنصوت بلا." وقالت المعارضة إنها ستدعو للمقاطعة إذا لم يتم الاستفتاء تحت إشراف قضائي كامل وفي ظل ضمانات أمنية ومراقبة محلية ودولية. وتطالب أيضا بإجراء الاستفتاء في يوم واحد وليس في يومين. وقال المعارض الناصري حمدين صباحي عضو جبهة الانقاذ الوطني "قررت الجبهة دعوة جماهير الشعب المصري إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع لرفض هذا المشروع والتصويت بلا." وأضاف "تؤكد الجبهة أنه ما لم يتأكد صباح يوم الاستفتاء توافر هذه الضمانات فإننا سننسحب من المشاركة في الاستفتاء وندعو الجماهير إلى ذلك." وتعثرت محاولة الجيش لترتيب محادثات بسبب تلميحات إلى أنه يقوم بدور سياسي. وكان وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة قال امس الثلاثاء إنه يريد إجراء محادثات لن تكون سياسية وقال "سنجلس مع بعض كمصريين." لكن مسؤولا في الجيش ابلغ أنه تم إلغاء المحادثات بسبب "الضجة الإعلامية" التي أشارت ضمنا إلى أن الوزير يدعو إلى حوار وطني وهي عبارة مشحونة سياسيا. وقال المسؤول "لا يمكن أن يوجه الجيش العملية السياسية ولن ينجر إلى السياسة مرة أخرى." وقالت مصادر بالرئاسة إن مرسي الذي كان من المتوقع أن يشارك قرر إرسال رئيس الحزب الحاكم بدلا منه. وهيمن الجيش على الحياة السياسية في مصر طوال فترة ما بعد الاستعمار وكان هو المؤسسة التي خرج منها كل رؤساء مصر حتى الإطاحة بمبارك العام الماضي. وبعد الانتخابات نحى مرسي جانبا قادة الجيش الذين تولوا السلطة لفترة مؤقتة بعد مبارك وعين قيادات جديدة. وفاز الإسلاميون بالانتخابات البرلمانية وانتخابات الرئاسة التي أجريت بعد الإطاحة بمبارك. ويريد الإسلاميون ان يمضي الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد قدما ويثقون في الفوز وهو ما يمهد الطريق أمامهم للفوز في انتخابات برلمانية جديدة العام القادم. وقالت المعارضة إن الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة في الاسبوعين الماضيين سبب لضرورة تأجيل الاستفتاء. لكن التجمعات الحاشدة للمعارضة هذا الأسبوع لم تثن مرسي عن قراره. وقالت وسائل إعلام رسمية إنه تم جعل الاستفتاء على يومين لأن كثيرا من القضاة اللازمين للاشراف على التصويت يرفضون المشاركة احتجاجا على قرار إجراء الاستفتاء.