انتهت التجاذبات داخل حركة مجتمع السلم، إلى الاستقرار على نائب رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، ليكون خليفة لأبي جرة سلطاني، على رأس حزب الراحل محفوظ نحناح، في المؤتمر المقبل، المرتقب نهاية الأسبوع الجاري. وذكرت مصادر جد مطلعة من داخل الحركة، أن أصحاب الحل والعقد التقوا على شخص عبد الرزاق مقري، بعد أن أحاطوا بالدراسة المعمقة، كل الأسماء التي كانت مرشحة لخلافة سلطاني، ومن بينها النائب الأول لرئيس الحركة ورئيس مجلس الشورى، عبد الرحمان سعيدي، وبدرجة أقل، وزير التجارة السابق، الهاشمي جعبوب. وجاء التوصل إلى هذا القرار، بعد أن تبين لأصحاب الحل والعقد أن سعيدي لا يحقق الإجماع المطلوب، وهو الذي كان قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، وما تبعها من تداعيات وخيمة على الحركة، في مقدمة المرشحين لرئاسة الحركة، غير أن انتشار قراءات وتحليلات مشفوعة بمعطيات، على وجود ميول لدى سعيدي نحو وجهة نظر وزير الأشغال العمومية، عمار غول، أضر كثيرا بسمعة الرجل لدى أبناء الحركة، وتعززت الشكوك حتى في ولائه للحركة الأم. أما وزير التجارة السابق، الهاشمي جعبوب، فلم يكن منذ البداية يحظى بالدعم الكافي داخل أوساط "حمس"، الذي يمكنه من منافسة مقري أو سعيدي، وبالتالي فترشحه لا يمكن أن يجعل منه فارسا قويا، بل إن هناك من اعتبره "أرنبا" هدفه إعطاء دفعة للسباق ومصداقية أكثر. وكان يمكن أن يكون اسم رئيس المجموعة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء، نعمان لعور، مرشحا يحسب له ألف حساب، غير أن توليته مسؤولية داخل البرلمان، أضعف من احتمالات توليه منصبا ساميا في الحزب، عكس مقري الذي لا يتولى أية مسؤولية، لا في الدولة ولا في الحركة، باستثناء شغله منصب نائب الرئيس، ما يعني أن الرجل يبدو وكأنه كان محضرا منذ البداية لتولي مسؤولية سامية بحجم رئاسة الحركة. وكان عبد الرزاق مقري، ابن ولاية المسيلة، قد انتخب لعهدتين برلمانيتين، الأولى في عهد الراحل محفوظ نحناح، قبل أن يفتح المجال لغيره من أبناء الحركة، وهو ما زاد من مصداقيته في أوساط الحزب، ومكنه من التفرغ للعمل داخل الحركة ومن ثم ربط علاقات متشعبة مع أبنائها على اختلاف نواحيهم ومراكزهم وأعمارهم. ويمثل ابن الحضنة تيارا قويا داخل حركة مجتمع السلم، يصطلح عليه تيار "الممانعة"، وكان من المعارضين للمشاركة في الحكومة حتى في عهد مؤسسها الأول، الراحل نحناح، ولم يتوقف عن المطالبة بالانسحاب من الحكومة طيلة ما يقارب العقدين المنصرمين، غير أن موقفه هذا لم يجد الدعم الكافي والمطلوب من أبناء "حمس" إلا بعد اندلاع موجة الربيع العربي وجرفها للعديد من الأنظمة الديكتاتورية في المغرب العربي والشرق الأوسط، الأمر الذي مكنه من هزم خصومه في الأجنحة الأخرى، وفي مقدمتهم وزير الأشغال العمومية، عمار غول، الذي لم يجد من مخرج غير الانسحاب وتشكيل حزب سياسي جديد، بعد ن فشلت كل محاولاته في إقناع أعضاء مجلس الشورى في البقاء في الحكومة قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة وبعدها مباشرة.