في إطار فعاليات الطبعة الثامنة من مهرجان المسرح المحترف، شهدت قاعة الموقار أمس عرض" الفستان الأبيض" الذي قدمه المسرح الوطني الجزائري خارج إطار المنافسة الرسمية للمهرجان. "الفستان الأبيض" من إخراج عبد الكريم بريبر، هو نص مقتبس عن "البذلة البيضاء" لراي برادي بوري، الذي أعاد كتابته ياسين زايدي عن أمحمد بن قطاف، كوريغرافيا نعمان محمد و موسيقى عبد الله نجار، وأداء كل من منيرة روبيحي في شخصية "بنازة"، وفاطمة شيخ في دور "شيبة"، و نبيلة إبراهيم في دور "خيرة لاسطار" و سالي في دور "الفاهمة" بمشاركة كل من بريبر عبد الكريم و جعفر بن حليلو و ياسين زايدي. خارج الجو العام لجل الأعمال التي قدمت في إطار مهرجان المسرح المحترف، و التي حاولت أن تلامس الثورة قدم عبد الكريم بريبر فكرة جريئة من عمق المجتمع، حاول من خلالها معالجة مشكلة في عدة مشاكل يعيشها المجتمع منها العنوسة، التشرد، غياب القيم، و معنى الصداقة والمال ، والمشاكل الجنسية والكبت. تروي المسرحية قصة أربع فتيات قادمات من مختلف الشرائح الاجتماعية،" الفاهمة"،"الشيبة"،"البنازة"، و"لاسطار"، مشكلتهن في عدم امتلاك المبلغ الكافي لشراء فستان أبيض يظهر جمالهن و يمكنهن من عيش حقهن في الأنوثة، فتقرر البنات الأربع الاجتماع والاشتراك في جمع مبلغ الفستان الأبيض، كما يشتركن في الإقامة ببيت واحد على أن تقوم كل منهن بارتداء الثوب لساعتين من الزمن، خلال هذه الساعات يستعرض المخرج مجموعة من التصرفات كالعطش للحب، المثلية الجنسية، غياب الأمن، والحلم بالهجرة إلى الخارج، مشكلة العمل والبحث عن المال وأزمة السكن والتشرد. يرحل بنا المخرج تدريجيا من خلال رموز الديكور والإضاءة والموسيقى إلى قناعة واحدة، مفادها أن الرجولة والأنوثة هي قيم إنسانية عالية من النبل والشهامة والتفهم والاشتراك في الفضاء قبل أن تكون مظهرا أو هيكلا فارغا. "البدلة البيضاء" فكرة متميزة غير مبتذلة، وغير مطروقة من قبل، وخارج لغة الخطابة والتقريرية قدم عبد الكريم بريبر صورة أخرى للمرأة، بحيث لم نشاهد في "الفستان الأبيض " تلك المرأة المنغلقة على نفسها، والانهزامية اتجاه مشاكلها في المجتمع، بل على العكس من ذلك، فهي امرأة جريئة تقتحم المشاكل وتبحث لها عن حلول وتعيشها إلى آخر الطريق، فشخصية" بنازة " التي تعاقر الخمر وتدخّن السجائر وتدخل الخمارات، لها الحق في الحلم والبحث عن فرصة أفضل للعيش مثلها مثل" الفاهمة" و الشيبة" و "لاسطار". "الفستان الأبيض" تعالج مشكلة المظاهر في المجتمع الجزائري، من خلال اللباس كرمز يجب أن يستر المظاهر ويحجب العيوب و ليس العكس، هي فكرة جديدة و رؤية أخرى للمجتمع و مشاكله، قدّمت في قالب فكاهي جريء فيه بعض الارتجال، يحسه المتفرج لكنه بالمقابل ارتجال غير مبتذل. صباح شنيب