يتردد السؤال ذاته في أذهان الكثير من الأمهات والآباء عند بداية كل عطلة صيفية لتتحول إلى كابوس ينغص عليهم راحتهم،حيث تبدأ الأمهات في التذمر من الصداع وكأن المدرسة كانت بالنسبة لهم الملجأ الذي يخلصهم من وجود أبنائهم فحسب وليس بمفهومها الحقيقي باعتبارها محطة لابد منها في مسيرة كل طالب علم وطفل بالأخص. زهية بوغليط من المؤسف حين نسمع عن أمهات يتذمرن عن اقتراب موعد عطلة أبنائهم وينعتون فترة راحة أبنائهم بالشقاء والتعب متناسين أنها جزء لا بد منه في حياة التلميذ والطفل معا، فكما هو بحاجة للعلم والمعرفة فهو أيضا يستمد من العطلة طاقته وقوته،كثيرون من الأولياء من لا يعيرون للعطلة ولا يعيرونها اهتمام لكيفية قضاء أبنائهم للعطلة ولا يولونها اهتمام ولا يهتمون سوى بالجانب المادي، كتوفير ما يحتاج إليه الطفل من ملابس وألعاب وملبس ومأكل دون إدراك منهم لأهمية هذه الأخيرة في تنمية شخصية الطفل وحاجته النفسية لها، فلا يكادون يخصصون وقتا يقضونه مع أطفالهم وكل همهم الرمي بأطفالهم خارج البيت للتمتع بلحظات من الهدوء والراحة ولا يكترثون لمخاطر الشارع الذي لا يرحم، تقول السيدة أمينة، 44 سنة وهي أم لثلاث أطفال " أكره كثيرا موعد قروب العطلة الصيفية وأجد نفسي عاجزة عن توفير المكان المناسب لقضائها مع أولادي خاصة وأننا نعيش في غرفة واحدة ومطبخ،كما أن راتب زوجي بالكاد يمكننا من توفير الأكل وتسديد مبلغ الكراء فأشعر باليأس لحال أولادي الذين لا يستحقون هذه الحياة". أما البعض فبالكاد يتمتعون بساعات قليلة على شاطئ البحر الذي قد لا يكلف الكثير من المال لكنه يترك أثرا كبيرا في نفسية الطفل لا تضاهيها بأموال الدنيا كلها أمثال السيدة رتيبة، 39 سنة التي عبرت لنا أن العطلة السنوية بالنسبة لها مجرد عناء وتعب مع أولادها الأربع الذين يقضون جل يومهم في المشاكسة والشجار والتي تنتظر الموسم الدراسي الآخر بكل شوق حتى تنعم ببعض الراحة والهدوء، ولأن راتب زوجها لا يكفي لسد مصاريف العيش فلا يمكنها تخصيص لأبنائها جوا مناسبا للاستجمام وكل ما يمكنها الحصول عليه هي خرجات بسيطة مع أولادها الذين حرموا منها. قاعات الألعاب والشوارع ملجأ العائلات ورغم الفراغ الذي يجده الطفل خلال العطلة فإن الترفيه عن الطفل أصبح مقرون بكل ما هو تكنولوجي، وأصبحت شهية الأطفال مفتوحة على الكومبيوتر وألعاب الفيديو والتلفزيون وغيرها من الألعاب الالكترونية خاصة خلال العطلة أين يتوجه الأطفال إلى مواقع الألعاب وقاعات الألعاب الالكترونية التي تكتظ بهذه الشريحة خلال العطل، في هذا الشأن حدثنا السيدة وهيبة، 45 سنة عن ابنها الذي لا يتعدى التاسعة من عمره أنه ينتظر العطلة بفارغ الصبر لقضائها فعلى شاشة الانترنت على مواقع الألعاب الالكترونية التي يكون محروم منها في أيام الامتحانات مراقبتها له باستمرار لاستغرق كل وقته أمام شاشة التلفزيون والألعاب الالكترونية ولا تجد وسيلة لردعه. أطفال وجدوا الحظ إلى جانبهم واستمتعوا بالعطلة ليس لكل الأطفال نفس الحظوظ في كيفية قضائهم للعطلة السنوية التي ينتظرونها وكلهم شوق وحنين إليها، فهناك شريحة أخرى من الأطفال الذين منحهم الحظ في اغتنام العطلة على أحسن وجه بجانب أوليائهم الذين أبوا إلا أن يجعلوا من العطلة وسيلة لتنمية مواهب وقدرات الطفل من خلال تنظيم رحلات خاصة أو إلى الاستجمام على شواطئ سياحية أو زيارة متاحف فنية وعلمية ومواقع تاريخية وحدائق الحيوان والمكتبات الكبرى كونها فرصة جيدة لتعليمه الكثير من المعلومات وإكسابه المهارات والخبرات،كونها تفيد الطفل يوجد أفضل من العطلة الصيفية لكي يلتحق خلالها الطفل بإحدى الدورات التعليمية لإتقان لغة أو مهارة جديدة الكثير من الجامعات والمؤسسات الخاصة والعامة تنظم العديد من الدورات في مجالات متعددة للأطفال أنت أكثر من يعرف الجوانب التي يحتاج فيها طفلك للتطوير أو تلك التي يتميز فيها مثل اللغة أو الكمبيوتر. هي فرصة لمن استغلها أحسن استغلال غير أن العطلة لا تعني المرح والاستجمام فقط لأن مدة ثلاثة أشهر لا تمنع الطفل من الاستجمام واكتساب المعارف معا من خلال مواهب يمكن لهم من تطويرها أكثر، فالكثير من الأطفال يمتلكون موهبة فنية كالرسم والتصوير أو رياضية مثل كرة القدم والسباحة،لكن ضيق الوقت خلال أيام الدراسة لا يعطي الأسرة الفرصة لتطوير هذه الموهبة، فتصبح العطلة الصيفية فرصة ذهبية لتطوير هذه المواهب ولا بأس من التحاق خلالها بإحدى الدورات التعليمية لإتقان لغة أو مهارة جديدة في الجوانب التي يحتاج فيها طفلك للتطوير أو تلك التي يتميز فيها مثل اللغة أو الكمبيوتر، حيث توضع أمامه مجموعة من الخيارات، وتركه يشارك في النشاط التي يريد يفضله أثناء العطلة، فالاشتراك في هذه الأنشطة ينمي شخصية الطفل ويزيد من ثقته بنفسه، كما تمكنه من التعرف على أصدقاء جدد،أمثال ياسر الذي لا يتعدى سنه 13 سنة والذي تعود عند كل عطلة صيفية من الالتحاق بفوج الكشافة الإسلامية التي تنظم نشاطات من شأنها أن تطور شخصية الطفل ومنحه الشعور بالمسؤولية والثقة، وهي فرصة للأولياء للبحث عن المؤسسات والأندية التي تستقبل الأطفال مع بداية العطلة الصيفية، وعلى غرار القراءة يمكن أن يستغل الوالدين العطلة الصيفية لتطوير مهارات الكتابة لديه وذلك من خلال اصطحابه إلى أحد متاجر بيع الأدوات المكتبية واطلبي منه أن ينتقي مجموعة من الأوراق الملونة ومجموعة متنوعة من الأقلام وتشجعيه على أن يكتب أفكاره أو أن تسردي له قصة واطلبي منه أن يكتب تلخيصا لها،كما يمكن أن تطلبي منه كتابة مجموعة من الرسائل إلى أصدقائه وأقاربه وإن كان طفلك يجيد استخدام الكمبيوتر،اطلبي منه كتابة بعض رسائل البريد الإلكتروني أو البطاقات الإلكترونية وإرسالها إلى الأصدقاء، إذ يبقى حسن التسيير والتدبر أحسن وسيلة لاستغلال العطلة أحسن استغلال وبأبسط الإمكانيات، إذ يكفي أن نمنح الطفل الإحساس بالاهتمام والحب من خلال مشاركته في نشاطات صغيرة ولحظات ممتعة بأقل التكاليف تبقى وقفات راسخة في ذهنه مدى العمر.