أضحى عضو المكتب السياسي السابق لحزب جهة التحرير الوطني، عبد الحميد سي عفيف، رمزا للسياسي الذي لا يثبت على موقف ولا يستقر على رأي، ملاحظة يمكن للمتتبع أن يقف على صديقتها وهو يتابع خرجات، ابن مدينة مستغانم، خلال الأزمة التي عصفت بالحزب العتيد. عبد الحميد سي عفيف وفي آخر موقف له من الأزمة التي يمر بها الحزب، قرر فجأة المشاركة في الدورة العادية للجنة المركزية التي تقرر تنظيمها نهاية الأسبوع الجاري، بفندق الأوراسي، وهو الذي كان قبل ايام معدودة يؤكد أنه مع ما يقره منسق المكتب السياسي، عبد الرحمن بلعياط، حيث كان من الداعين لعقد دورة موازية للجنة المركزية، بفندق الرياض، في محاولة لقطع الطريق على جماعة بومهدي التي اختارت فندق الأوراسي. ويمكن إحصاء أربعة مواقف متناقضة لرئيس لجنة الشؤون الخارجية والجالية بالمجلس الشعبي الوطني سابقا، في ظرف 16 شهرا فقط، ما يؤشر على أن أن النضال السياسي عند سي عفيف لا تحركه القناعات بقدر ما تحركه، الاعتبارات المصلحية الظرفية، والدوران معها حيث دارت. وكان سي عفيف قد استمات في الدفاع عن الأمين العام السابق للحزب، عبد العزيز بلخادم، قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، ضد خصومه من التقويميين، غير أنه سرعان ما انقلب عليه في قرار فاجأ المتابعين لشأن الحزب العتيد، بمجرد الكشف عن قوائم المترشحين باسم الحزب للتشريعيات، موقف اعتبره الكثير ردة فعل على عدم ترشيحه. ومعلوم أن سي عفيف كان قد ساهم في صناعة القوائم مع بلخادم، غير أنه وبمجرد شعوره بأن بلخادم انتهى في ظل تصاعد موجة الاحتجاجات ضده، انقلب عليه، والتحق بخصومه، وكان من بين الحاضرين في الوقفة الاحتجاجية التي شهدها مقر الحزب، حاملا لافتة كتب عليها "ارحل يا بلخادم". الجميع اعتقد أن الرجل اختار صفه، غير أن المفاجأة كانت أكبر، عندما عاد سي عفيف مدافعا عن بلخادم مباشرة بعد صدور نتائج التشريعيات والتي حملت أرقاما فلكية عززت من موقع بلخادم، ولو مرحليا، على رأس الحزب العتيد، ومما قاله حينها ردا على أسئلة الصحفيين، "أنا اقف مع مصلحة الحزب حيثما كانت !". ومنذ أن سحبت الثقة من بلخادم في جانفي من العام الجاري، أصبح سي عفيف من أقرب المقربين ل "منسق المكتب السياسي" عبد الحمن بلعياط، ومن أشد المدافعين عنه، ولم يتورع في مهاجمة الوزراء من أعضاء المكتب، الذين شقوا عصا الطاعة على المنسق، كما أنه وإلى وقت قريب كان ضد تصريح وزارة الداخلية لجناح أحمد بومهدي بعقد دورة للجنة المركزية بفندق الأوراسي، حيث اختار الالتحاق بالاجتماع الموازي، الذي دعا إليع عبد الرحمن بلعياط، بفندق الرياض، ليعلن في آخر لحظة المشاركة في اجتماع الأوراسي، طاعنا بذلك صديقه بلعياط في الظهر. فهل بمثل هؤلاء الرجال يرتقي الأداء السياسي في البلاد، ويخرج حزب جبهة التحرير الوطني من أزماته المتكررة؟