شرع مؤخرا المخرج المسرحي جمال قرمي في التحضير لعمله الجديد الموسوم ب "القصائد التي احترقت"، عن نص المؤلف و الكاتب المسرحي جمال سعداوي، و من إنتاج التعاونية الفنية "فيس تروب" بدعم من وزارة الثقافة. وأوضح المخرج جمال قرمي في تصريحه للجزائرالجديدة أن هذا العرض الذي سيقدم على ركح محي الدين بشطارزي قبل نهاية شهر فيفري القادم، سيحاول من خلاله طرح العديد من القضايا التي تتعلق بالمثقف و السلطة أو كما يعرف ب "مثقف السلطة"، المثقف الذي أضحى في الآونة الأخيرة بوقا لهذه الأخيرة بعد أن تخلى عن ضميره الأخلاقي و المهني في تأدية واجبه نحو مجتمعه، واجب أن يكون فعّالا بأفكاره التي تتماشى و ذهنيات المجتمع، ينتقد بها الواقع و لا يبرر من خلالها للأنظمة العاجزة. وفي سياق أخر أشار المتحدث أن هذا العمل الذي سيأتي في قالب تراجيدي ، سيقدمه وفق متن مغاير يقف فيه عند خطوط المعالجات المعاصرة لانساق الحياة و تمظهراتها العامة ، في رؤية تتماشى بالموازاة مع تجاربه المسرحية السابقة لكن في نسق حديث، مضيفا أنه سيعيد هذه المرة صناعة اللحظة ، ويضئ مسرحه بروح جديدة ،عبر مشغله المسرحي المنهمك بالبحث عن الجمال والاختلاف ، كما أنه يحاول أن يعطي صورة جديدة يستأنف من خلالها المسرح الجزائري، باعتبار أن العرض تتشابك فيه خصائص المسرح ما بين المدرسة الواقعية (المسرح الجاد) لستانسلافسكي و المدرسة ال"بيوميكانيكية " التي تعتمد على لغة الجسد و حركة الممثل على الخشبة في آن واحد، معتمدا في ذلك يضيف محدثنا على أداء الممثلين في تغير لوحات العرض، مع منحهم تقديم مقترحاتهم و أفكارهم وأرائهم التي تصب في مغزى العرض وفي الفكرة المراد تمريرها. من جهته قال جمال سعداوي مؤلف المسرحية، أن نص "القصائد التي احترقت" الذي سبق و تحصل من خلاله على جائزة على معاشي سنة 2008، عبارة عن دراما تراجيدية فكرته مستوحاة من الواقع و من التغيرات التي يشهدها الوضع في الجزائر و بباقي الدول العربية بصفة عامة ، يمس مختلف الجوانب الاجتماعية و السياسية و الفكرية، منسوج في شكل حوار فكري يؤدي في بناءه إلى فهم حقيقة معينة و هي أن يكون للمجتمع أفكار تمثل قناعات يكافح و يناضل من أجلها الفرد، و التي تمثل في الأساس انطلاقته في أرض الواقع و في نظرته الإستشرافية للمستقبل، كما يضيف المتحدث أنه ركز إلى جانب ذلك عن الإنسان الإيجابي الفاعل داخل المجتمع، الذي لديه روح المبادرة لتحريك العلاقات الاجتماعية و خلخلتها من أجل إعادة صياغتها في منظومة حقيقية تلتزم بضوابط لها علاقة بالقيم الإنسانية التي ترى أن "الفكر الخالد" هو الشيء المهم، و هو الشيء الذي يجب تحصيله لأنه هو الذي ستتقاسمه الأجيال الصاعدة، و يسمح بالتعايش مع الآخرين من خلال خلق مساحة جديدة تنصهر فيها الذات الفردية و الذات الجماعية مع بعض في مصب كبير و هو المجتمع. كما يتناول النص يضيف جمال سعداوي قضية كفاح فرد و منافحته على هموم مجتمعه، الفرد الذي يحاول أن يبني مستقبلا جديدا، بأفكار جديدة ، تحمل رؤية جادة ، تأسس لمشروع يعطي أهمية كبرى للأفكار التي ستبني منظومة تقوم على القيم داخل المجتمع، تعمل على أخلقة المنظومة الاجتماعية، و تعطي دافعا جديدا لحركية العلاقات الإنسانية و الاجتماعية الذي تأخذ بعين الاعتبار الطاقات الفردية في نفس الوقت تكون محصلة للطموح الجماعي للمجتمع. الجدير بالذكر، أن التعاونية الفنية "فيس تروب" تأسست حسب رئيسها محمد ياسين بجاوي سنة 2011، هذا العمل الذي تنتجه بدعم من وزارة الثقافة هو الثالث في رصيدها بعد العرضيين المسرحيين "المسلوب" الذي كان من اخرج رفيق محمد ضيف ، و "ركلة حصان" المقتبس من نص "ديب" لتشيكوف، والذي شاركت من خلاله في الأيام الوطنية للمسرح بسكيكدة السنة الماضية، هذا و سيشارك في تجسيد العمل ركحيا كل من محمد ديب، نادية لحماري، مليكة قطني، مهدي لعيد، محمد جلولي، بالإضافة إلى محمد رفيق ، الضيف الذي سيكون إلى جانب ذلك مساعد المخرج، أما سينوغرافيا فهي من تصميم سليمان بدري.