في آخر تطورات حادثة الهجوم المسلح على أسبوعية "شارلي إيبدو" بفرنسا، أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن العملية التي استهدفت مقر صحيفة "شارلي إيبدو" في العاصمة الفرنسية باريس الأربعاء الفارط. وذكرت مصادر إعلامية أن الشيخ أبوسعد الأنصاري، مسؤول أئمة وخطباء تنظيم الدولة الإسلامية، أعلن خلال خطبة ألقيت أمس، في أحد مساجد الموصل، أن "عمليات فرنسا هي رسالة لكل دول التحالف الدولي وستكرر في كل من بريطانيا وأمريكا". وقال الأنصاري إن "عملية فرنسا هي رسالة لكل دولة من دول التحالف التي شاركت بقصف وقتل العشرات من تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل". وأضاف" بدأنا انطلاقنا بعمليتنا التي نتبناها من فرنسا اليوم وغدا لبريطانيا وأمريكا وغيرها وسيكون ردنا حاسما ليعرف هؤلاء في التحالف أن الدولة الإسلامية هي التي ستحرر كل بلاد الفساد والكفر". وقالت الحكومة الفرنسية إنها حددت بصورة شبه قاطعة مكان المشتبه بهما الرئيسيين في الهجوم على صحيفة شارلي إبدو في وحدة للصناعات الخفيفة في شمال فرنسا، وهي نفس المنطقة التي قالت الشرطة في وقت سابق إنها تشهد عملية احتجاز رهينة. وقال أمس، بيير أونري برانديت، المتحدث بإسم وزارة الداخلية الفرنسية لتفلزيون إي تيليه، "نحن شبه متأكدين أنهما الشخصان المحاصران في هذا المبنى، مشيرا إلى أن المشتبه بهما هما شقيقان ولدا في فرنسا من أبوين جزائريين. وإثر هذه التطورات قطعت مصالح الأمن الفرنسية طرقا مؤدية للمنطقة التي يتواجد بها المشتبه بهما، كما شنت مصالح الأمن حملة تفتيش واسعة مست عددا من المنازل الواقعة ببلدة "كوريسي" شمال فرنسا بحثا عنهما. وتجدر الإشارة إلى أن المتهمين كانا على متن سيارة من نوع "كليو" رمادية اللون استعملوها للهروب من المنطقة حسبما أدلى به شهود عيان من المنطقة لمراسلي الصحف والوكالات الإخبارية. وفي وقت سابق من نهار أمس طاردت الشرطة سيارة منطلقة بسرعة كبيرة في شارع إيه2 القريب باتجاه باريس، وبدا أنها تضيق الخناق على المشتبه بهما. وأغلقت الشرطة وقوات مكافحة الإرهاب كل المداخل المؤدية إلى بلدة دامارتان جويل حتى تضيق الخناق على المشتبه بهما فيما يبدو. وجاء على موقع البلدة الإلكتروني "مطلوب من كل السكان البقاء بالمنزل والحفاظ على سلامة الأطفال في المدارس". ودوت أعيرة نارية وهرعت عربات الشرطة وسيارات إسعاف ومدرعات بالمنطقة القريبة من مطار شارل ديجول في باريس. وشهدت أمس الأول فرنسا وقوع حوادث حيث توفيت شرطية متأثرة بجراحها بعد تعرضها لإطلاق نار كثيف صبيحة أمس الأول جنوب العاصمة باريس. ونقلت يومية "ميدي ليبر" الفرنسية، أنه تم تسجيل اطلاق نار على مسجد بمدينة "بورت لانوفال" على قاعة تستغل من قبل المسلمين لأداء الصلاة، ووقعت الحادثة في حدود الساعة الثامنة من مساء أمس، ولحسن الحظ لم يتم تسجيل أي إصابة بحكم أن صلاة العشاء انتهت على الساعة السابعة مساء ولم يتم توقيف أي شخص. مخاوف على الجزائريين ومن جهته قال النائب نور الدين بلمداح، ممثل الجالية الجزائرية بأوروبا، إن الهجوم على مجلة "شارلي إيبدو" ستكون له "عواقب وخيمة" على المسلمين في هذه القارة، ومنفذوه صنعوا ملايين المسيئين للرسول الكريم في ظرف قياسي. وقال بلمداح "هذا التصرف الهمجي ستكون له عواقب وخيمة على المسلمين والمغاربة والجزائريين بصفة خاصة في أوروبا". وتابع البرلماني، قائلا "أنا الآن في إسبانيا وأغلب الصحف هنا وحتى في دول أوروبية أخرى أعادت نشر صور صحيفة شارلي إيبدو المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم تضامنا مع رساميها". وأضاف "الملايين في أوروبا أصبحوا يحتجون حاملين لافتات بها الصور الكاريكاتورية المسيئة لسيد الخلق ومكتوب عليها أنا شارلي، وهذا يعني أن منفذي الهجوم صنعوا ملايين شارلي وملايين الإسلاموفوبيين في ظرف قياسي وصنعوا آلاف الصحف المسيئة للمسلمين". ومن جهته اعتبر السفري الفرنسي، ايمي أن الهجوم على " شارلي ايبدو" يعد أخطر هجوم إرهابي نفذ منذ ثلاثين سنة، وأعلن الرئيس الفرنسي بهذه المناسبة حداد وطنيا. وقال السفير الفرنسي إن الاعتداء على أسبوعية "شارلي ايبدو" حرك تضامنا دوليا واسعا ومن بين هذه الدول الجزائر التي أدانت هذا الفعل الشنيع، قائلا إنه لا يجب أن لا ننسى المعاناة التي لحقت بالشعب الجزائري خلال العشرية السوداء، مذكرا بعدد الصحفيين الجزائريين الذي قتلوا جراء اعتداءات إرهابية حيث بلغ عددهم قرابة 120 صحفي جزائري توفي خلال العشرية السوداء. وذكر المتحدث بالموقف الجزائر في هذا الشأن، قائلا إن الجزائروفرنسا متفقتان على التعاون والعمل سويا لمكافحة الإرهاب. باريس تحت الصدمة ومن جهة أخرى، أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن فرنسا تشهد محنة بكل معنى الكلمة، قائلا إن فرنسا تحت وقع الصدمة ومازالت عملية القبض على مرتكبي جريمة "شارلي ايبدو" مستمرة. وقال إن المهمة الأساسية خاليا هي ضمان أمن وسلامة المواطنين الفرنسيين وأنه يتعين على الشرطة حشد كل الموارد لدرء المخاطر. وشدد الرئيس الفرنسي على ضرورة ضمان أمن المظاهرات التي تجري والتي يمكن أن شارك فيها الجميع دون تضييق، داعيا جميع الفرنسيين إلى المشاركة غدا الأحد في مسيرة "الجمهورية" بباريس وبجميع أنحاء البلاد. ودعا الفرنسيين إلى التأكيد على أنهم عازمون على العيش معا ويرفضون الاستفزاز، قائلا إن بلاده ستتمكن من الصمود أمام كل المحن وستكون قادرة على الوحدة. وأشار إلى أن رئيس الوزراء الفرنسي "سيتعاون مع دول أخرى وينسق معها لتبادل المعلومات" مؤكدا ان "رد فرنسا يجب ان يكون على المستوى الدولي والأوروبي". من جهة أخرى أكد هولاند أن "فرنسا تدخلت في مالي لمساعدة هذا البلد على استعادة وحدته الوطنية ولتحمي نفسها من المخاطر القادمة من الخارج التي تضاف إلى المخاطر الداخلية".