أنظار الملايين في العالم العربي مشدودة هذا الخميس نحو عاصمة الملك ماسينيسا، هذه الحاضرة الحافلة بتاريخها، المنطوية على نفائس فنية وثقافية لا تحصى عددا، وهي منشأ العديد من دهاة الفكر وعلماء الدين وكبار الفلاسفة وفحول الشعراء ونجوم الموسيقى. اليوم، سيرتا القديمة وعاء للتراث الثقافي ومختلف أشكال التعابير المعاصرة، مدينة "الصخرة" تتحوّل إلى ساحات مسخّرة للثقافة، للثقافة الجزائرية بكل تنوّعها، ولثقافات العالم العربي وأيضا لثقافات العالم بأسره، فالانفتاح على الآخر مع الحفاظ على الذات، هو الخط الإفتتاحي لتظاهرة تطبعها روح التلاقي والتبادل والصداقة المنتظرة من جمهور المثقفين والفنانين. ملف: مليكة.ب/عدة.خليل تاريخ 16 أفريل، يوم العلم الوطني الذي يصادف تاريخ وفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس، تنطلق فيه تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية باحتفال رسمي، يسبقه بيوم واحد، الاحتفال الشعبي عبر مسيرة سميت "موكب الصداقة والتبادل"، تجتمع فيها 21 دولة عربية وستة نواحي من الجزائر، موكب ينطلق في الساعة الخامسة مساء، يليه عرض "أضواء وهمسات الصخر"، يتم فيها إظهار شخصيات تاريخية لقسنطينة على جدار الصخر. الجميع يترقب ما الجديد في هذه التظاهرة على مدار سنة كاملة، من دينامكية ثقافية وفكرية وسياحية، تخدم المدينة وأهلها، وإن كانت الانطلاقة فيها حذر وتباطؤ، لكن من زار المدينة يجزم أنها مستعدة للحدث وقد لبست أجمل حللها لاستقبال ضيوفها وبداية المغامرة الثقافية. لعبيدي: برنامج ثري وتسيير جيد لميزانية التظاهرة قبل ساعات قلائل من انطلاق تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، قالت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي إن التسيير الجيد للميزانية الممنوحة لتظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية أمر أساسي، مؤكدة أن احترام ميزانية هذه التظاهرة وتتبع الأغلفة المالية أمران حتميان، وقالت أنها استنبطت الدروس من حدثي "الجزائر عاصمة للثقافة العربية لعام 2007"، و"تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2011"، وأشارت الوزيرة إلى أن السلطات المحلية بذلت جهودا هائلة لتكون في الموعد، معتبرة أن نجاح التظاهرة مرهون بتظافر جهود الجميع، وأن عدم استكمال المشاريع المسجلة في التظاهرة لا يعني الفشل، بل هو عمل مدروس يجري بعناية ومرتبط بجودة الترميمات التي تستدعي بعض الوقت، وتوفر مهندسين معماريين مؤهلين. المباني العتيقة تتطلب تشخيصا دقيقا وعملا يدَويا، مما يسمح بالحفاظ على التراث، وعليه تقول لعيدي أن هذه المشاريع لا ينتظر تسليمها خلال السنة الجارية، بل قد تمتد حتى السنة المقبلة، وترميم المساجد من أهم الأولويات. مجلة "مقام" باللغة الأمازيغية كشفت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي أن مجلة "مقام" التي سترافق تظاهرة "قسنطينة عاصمة للثقافة العربية لعام 2015"،صدر العدد التجريبي منها بالعربية، ستصدر أيضا باللغة الأمازيغية، موضحة أن الهدف من إصدار المجلة باللغة الأمازيغية هو إبراز البعد الأمازيغي لقسنطينة وللجزائر بأكملها، وتحدثت لعبيدي عن تعاون مع المحافظة السامية للأمازيغية لإعداد برنامج أنشطة من أجل إعطاء ضيوف سيرتا العتيقة لمحة حول الحضارة النوميدية، قبل أن تشير إلى الملتقى الكبير المخصص للملك يوغرطة، حفيد ماسينيسا الذي ستبرمج فيه سلسلة من النشاطات حول نوميديا. توسيع مفاهيم السلم والمصالحة وفي إطار الحديث عن مختلف برامج التظاهرة، ومراحلها والأهداف المتوخاة منها، أثناء وبعد هذا الفعل الثقافي الضخم، تطرقت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي التي نزلت ضيفة على فوروم الإذاعة إلى ما وصلت إليه عملية التحضيرات، ووضع الرتوش الأخيرة قبل افتتاح هذه التظاهرة الثقافية الكبرى، مشيرة هنا إلى حرصها على جمع مدراء الثقافة لجميع الولايات 48 بقسنطينة، لوضعهم في الحدث وأمام الصورة الحقيقية لقسنطينة عاصمة الثقافة العربية، سواء من حيث المرافق التي ستحتضن مختلف التظاهرات أو من حيث إعداد برامج الأسابيع الثقافية التي ستتكفل بها مديريات الثقافة عبر الوطن، لعرض تشكيلات العروض والتظاهرات التي تعكس الكنوز الثقافية الجزائرية، بإبراز الأبعاد العربية والإسلامية والأمازيغية، المشكلة للهوية الجزائرية، عبر كافة أرجاء الوطن وعلى مدار السنة، موازاة مع مختلف العروض التي ستقدمها كل الفعاليات العربية التي ستنزل ضيفة على الجزائر طيلة السنة. وحول ما سطرته وزارة الثقافة لإرساء فعل ثقافي جزائري، بعد تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، أوضحت نادية لعبيدي أنه تم الاتفاق مع الفاعلين في المشهد الثقافي بصفة عامة، والساهرين على الإعداد لتظاهرة قسنطينة، على تدعيم مدرسة المالوف في قسنطينة، وتأسيس مدرسة للموسيقى، والتفكير في مشروع صناعة العود العربي، وتطوير حرفة صناعة الآلات الموسيقية، التي تكاد تندثر. وسبق لوزيرة الثقافة أن أكدت أن الجزائر تهدف من وراء التظاهرة هذه إلى توسيع مفاهيم السلم والمصالحة، للتأكيد على أن الجزائر تسعى دائما إلى التعايش في كنف الطمأنينة والسلم وهدفها هو التضامن بين المشرق والمغرب العربيين، متطرقة في سياق حديثها لسيمفونية السلم التي ستقدمها الأوركيسترا الوطنية كعمل يبرهن بأن سياسة السلم سمحت للجزائر للعيش في مصالحة ووئام، يقدم هذا العمل بتاريخ 27 أفريل الجاري بالعاصمة ثم ينتقل به نحو بقسنطينة. ونوهت لعبيدي بالإهتمام الشعبي والإعلامي وحتى الدولي بالتظاهرة، ما يؤكد ميزة الحدث في حد ذاته، وأن الوزارة اكتسبت الخبرة في تنظيم التظاهرات وهي بذلك ستتفادى نقائص، وقالت أن المجتمع المدني سيكون حاضرا ويتم إشراكه بقوة، والوزارة ترافق وتتابع كافة نشاطات المبدعين والمثقفين، وأن للأطفال نصيب في التظاهرة حيث أن 10 مسرحيات من ضمن 40 عمل ستوجه وسيشارك فيها الأطفال، تماما مثل الثقافة العلمية من خلال جمعية علم الفلك لميموني التي تشارك في الفعالية. جسور بين وهرانوقسنطينة وفي قطاع السينما أشارت لعبيدي لمجموعة من الأفلام الطويلة الخيالية والوثائقية، والقصيرة تتطرق للعديد من الشخصيات ومالك بن نبي، جمعية العلماء، وسيتم استثناء تنظيم طبعة خاصة لمهرجان الفيلم العربي بقسنطينة، لمد الجسور بين وهرانوقسنطينة، وتنظم عديد الملتقيات التي يتم من خلالها إماطة اللثام فيها عن البعد الأمازيغي.