شهد عرض اثنين من أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" السينمائي في يومه الثاني في إطار المنافسة على السعفة الذهبية بين تسعة عشر فيلما من مختلف أنحاء العالم. قدم المخرج المجري "لازلونيميس" تجربته الأولي مشاركا في المسابقة الرسمية للمهرجان تحت اسم "ابن الروح"، ويدخل من خلالها في جحيم أسير يهودي في معسكر "أوشفيتز" للأسرى اليهود بالمجر أثناء الحرب العالمية ليتعرف على جثة ابنه من بين الجثث التي سيتم حرقها. ووفقاً ل"تييري فريمو"، مدير المهرجان، في تصريحات صحفية، فإن هذا الفيلم "مثير للجدل"، في إشارة إلى الحساسية التي تثيرها موضوعات الأفلام التي تتناول أسطورة حرق اليهود أو الهولوكوست الذي مورس ضدهم أثناء حكم النازي لألمانيا في النصف الأول من القرن العشرين. واعتبر النقاد المخرج المجري "لازلونيميس" واعدا خاصة في ظل اختياره المتعلق بالهولوكوست اليهودي والذي لا تكاد مسابقة سينمائية عالمية سواء في أوروبا أوفي الولاياتالمتحدة تخلو منه. يشار إلى أن "لازلونيميس" يبلغ من العمر 38 عاما وعمل كمساعد لمخرج مجري آخر هو"بيلا تار"، والذي اشتهر ب"سيد اللقطة الطويلة" وقد رافقه عام 2007، خلال المنافسة من أجل تقديم فيلم "رجل من لندن"، وشارك في كتابة السيناريو الخاص به وهو عبارة عن فيلم أبيض وأسود، ويصب "لازلونيميس" اهتمامه على السجناء في المعسكرات النازية والمكلفين بإخلاء غرف الغاز وحرق الجثث. ومن اليونان، قدم المخرج "يورغوس لانتيموس" فيلم "الجراد"، ويمثل "لانتيموس" نضوج موجة من المخرجين اليونانيين الذين دفعتهم الأزمة الاقتصادية إلى الابتكار واللجوء للرمز والاستغناء عن التكلفة العالية للإنتاج، ويدور الفيلم حول قصة حب غير معتادة يعيش طرفاها رعب الخوف من الوحدة ومن الموت ومن العيش مع الآخر. بعد حرمانها من التمويل بسبب المتاعب الاقتصادية الواقعة على عاتق اليونان منذ نهاية القرن العشرين، تنفجر السينما اليونانية من خلال مجموعة من المخرجين المخضرمين ومن بينهم يورغوس لانتيموس. ويقدم هؤلاء سيناريوهات ثرية بها حس دعابة حاد وشخصيات غريبة أو حتى مجنونة وتشجب النموذج العائلي والثقافي اليوناني والعلاقات العنيفة بين الرجال والنساء، وتعود نشأة "يورغوس لانتيموس" إلى مدينة أثينا حيث أنهى دراساته في السينما ليستكشف من جديد هذه الميول العبثية التي يمثلها بشكل رئيسي في فيلمه الطويل الرابع، وذهب إلى لندن بعد أن أرهقته الأزمة المالية وجمع مجموعة ممثلين مشهورين مثل "كولين فاريل" و"راشيل ويز" و"جون سي رايلي". وشارك في الكتابة كاتب السيناريو المعروف "إفتيميس فيليبو" وتم التصوير باللغة الإنجليزية، وينتمي الفيلم للكوميديا الرومانسية السوداء التي تروي في مستقبل من نسج الخيال قصة مجتمع يجبر فيه العازبون فيها على إيجاد رفيق الروح وإلا يتم تحويلهم إلى حيوانات. وقدم من جهته "وودي آلان" في العروض الرسمية خارج المسابقة فيلمه "رجل غير عقلاني" أو"Irrational Man"، والذي يروي قصة أستاذ فلسفة يتملكه الشك، وحظي "آلان" بالعرض الافتتاحي لمهرجان كان 2011 بفيلمه "منتصف الليل في باريس"، ويعترف وودي آلان بأنه مهووس بالفلسفة منذ بداياته ويستكشف المواضيع في أفلامه ويقول "منذ صغري تجذبني الفلسفة بدون أن أعرف لماذا وخاصة ما نسميه بشكل عام "الأمور الوجودية الكبيرة". هذا وقد شهد أول أيام المهرجان عرض فيلمي "حكاية الحكايات"، للإيطالي ماثيو غاروني الذي اقتحم عالم الأسطورة الأوروبية، فيما كان الثاني هو"أختنا الصغيرة" أو"Our Little Sister" للياباني هيروكازي كوري – ايدا، ويتناول قيم العائلة اليابانية وتحولاتها المعاصرة. يشار إلى أن فعاليات الدورة ال68 لمهرجان كان السينمائي الدولي، انطلقت الأربعاء الماضي، حيث شهدت القرية الواقعة في الجنوب الفرنسي حضورا عالميا لعشاق الفن السابع وصناعه في العالم، وينتهي المهرجان الذي يحظى بأهمية كبرى ضمن الفعاليات السينمائية العالمية، بمراسم توزيع جائزة السعفة الذهبية في 24 ماي الجاري.