شهد مهرجان "كان" السينمائي مساء أول أمس عرض اثنين من أفلام المسابقة الرسمية، وذلك في إطار المنافسة على السعفة الذهبية بين 19 فيلما من مختلف أنحاء العالم. وقدم المخرج المجري لازلو نيميس تجربته الأولى مشاركا في المسابقة الرسمية للمهرجان تحت اسم "ابن الروح"، ويدخل من خلالها في جحيم أسير يهودي بمعسكر "أوشفيتز" للأسرى اليهود في المجر أثناء الحرب العالمية ليتعرف على جثة ابنه من بين الجثث التي سيتم حرقها. ووفقا لمدير المهرجان تييري فريمو، فإن هذا الفيلم "مثير للجدل"، في إشارة إلى الحساسية التي تثيرها موضوعات الأفلام التي تتناول أسطورة حرق اليهود أو الهولوكوست الذي مورس ضدهم أثناء الحكم النازي لألمانيا في النصف الأول من القرن العشرين. واعتبر النقاد المخرج المجري نيميس واعدا، خاصة في ظل اختياره المتعلق بالهولوكوست اليهودي، والذي لا تكاد مسابقة سينمائية عالمية سواء في أوروبا أو بالولايات المتحدة تخلو منه. وكانت مسابقة الأوسكار الأمريكية 2015 قد منحت جائزتها لأفضل فيلم أجنبي للفيلم البولندي "إيدا"، ويدور حول الهولوكوست أيضا. ويبلغ لازلو نيميس 38 عاما، وعمل مساعدا لمخرج مجري آخر هو بيلا تار الذي اشتهر ب"سيد اللقطة الطويلة"، وقد رافقه عام 2007 خلال المنافسة من أجل تقديم فيلم "رجل من لندن"، وشارك في كتابة السيناريو الخاص به، وهو عبارة عن فيلم أبيض وأسود. ويصب لازلو نيميس اهتمامه على السجناء في المعسكرات النازية والمكلفين بإخلاء غرف الغاز وحرق الجثث. ومن اليونان، قدم المخرج يورغوس لانتيموس فيلم "الجراد"، ويمثل لانتيموس نضوج موجة من المخرجين اليونانيين الذين دفعتهم الأزمة الاقتصادية إلى الابتكار واللجوء للرمز والاستغناء عن التكلفة العالية للإنتاج. ويدور الفيلم حول قصة حب غير معتادة يعيش طرفاها رعب الخوف من الوحدة ومن الموت ومن العيش مع الآخر. وتنتفض السينما اليونانية بعد حرمانها من التمويل بسبب المتاعب الاقتصادية الواقعة على عاتق اليونان منذ نهاية القرن العشرين، وذلك من خلال مجموعة من المخرجين المخضرمين. ويقدم هؤلاء سيناريوهات ثرية بها حس دعابة حاد وشخصيات غريبة أو حتى مجنونة، وتشجب النموذج العائلي والثقافي اليوناني والعلاقات العنيفة بين الرجال والنساء. وتعود نشأة المخرج يورغوس لانتيموس إلى مدينة أثينا، حيث أنهى دراساته في السينما ليستكشف من جديد هذه الميول العبثية التي يمثلها بشكل رئيسي في فيلمه الطويل الرابع، وذهب إلى لندن بعد أن أرهقته الأزمة المالية وجمع مجموعة ممثلين مشهورين مثل كولين فاريل وراشيل ويز وجون سي رايلي. كما قدم وودي آلان في العروض الرسمية خارج المسابقة فيلمه "رجل غير عقلاني" الذي يروي قصة أستاذ فلسفة يتملكه الشك. وسبق أن حظي آلان بالعرض الافتتاحي لمهرجان كان 2011 بفيلمه "منتصف الليل في باريس". ويعترف بأنه مهووس بالفلسفة منذ بداياته ويستكشف المواضيع في أفلامه، ويقول "منذ صغري تجذبني الفلسفة من دون أن أعرف لماذا، خاصة ما نسميه بشكل عام، الأمور الوجودية الكبيرة".