شهدت أياما قلائل قبل شهر رمضان عددا معتبرا من الأفراح و الأعراس، عائلات كانت تسابق الزمن من أجل إقامة حفل زواج أبنائها قبل حلول شهر رمضان، وتحرص كل الحرص على دخول العروس عشها الزوجي قبل حلول هذا الشهر الفضيل، بعكس ما يفضله الكثيرون الذين يؤجلون موعد الزواج إلى حين انقضاء شهر رمضان، الجزائر الجديدة اقتربت من هؤلاء الأزواج الذين عايشوا التجربة ومعرفة أجواء يومياتهم الرمضانية في شهورهما الأولى بعد الزواج، و مدى تقبلهم و معايشتهم نمط الحياة الجديدة ،خاصة إذا علمنا مدى أهمية العلاقة الي تربط العروس بالمطبخ في تقاليد وعادات العائلات الجزائرية. واقع بعيد عن قصص الحب والأفلام التركية الدلال و" الفشوش"لم يكن لصالح هند، 23 سنة، التي كانت وحيدة والديها،عاشت طول حياتها وطوال أيام رمضان تتلذذ بأطباق المتنوعة و الشهية التي كانت تعدها لها والدتها، وما تقوم بها سوى لمسات أخيرة تضعها على مائدة الإفطار من تحضير السلطة و ترتيب المائدة، ولم تكن تعلم عن الزواج سوى ما تشاهده على المسلسلات التركية من مشاعر الحب، غير أن الواقع كان بعيدا كل البعد عن مخيلتها حينما اصطدمت على حد تعبيرها بزوجها الذي كان يعشقها بجنون يطالبها بأطباق شاقة عليها في شهر رمضان، حيث وجدت نفسها بعد شهر عسل قصير مجبرة على دخول المطبخ وإعداد وجبتي الإفطار والسحور، والتي لم تتعود عليها، حينها تأكدت ان مقولة أقرب طريق لقلب الرجل معدته كانت صحيحة و لن تفقد مصداقيتها مهما طال أوقصر الزمن، ومهما كانت درجة الحب بين الزوجين، مضيفة:"انا في حياتي لم أجهز وجبة السحور، بل كانت والدتي هي التي تحضر لي السحور إلى فراشي، فكيف يريد مني زوجي ان اوقضه في السحور و تحضير له المائدة". رجال يهربون إلى طبخ أمهاتهم في هذا الشأن تذمرت زهرة، 27 سنة، التي لم يمر على زواجها شهر واحد من هروب زوجها على بيت والدته مباشرة بعد الإفطار حتى يأكل من أطباقها، هذا الأمر الذي تسبب في سوء علاقتهما معا أياما بعد زواجها، حيث صرح لها أنه تعود على أطباق والدته و أنها بارعة جدا في إعداد الشربة و المطلوع، مضيفة:"رغم تفنني في إعداد أطباق رمضانية عصرية، إلا أن زوجي يهرب دوما لبيت والدته الذي تقيم في الطابق السفلي من أجل الإفطار عندها، غير مبالي بمشاعري و أحاسيسي، بل يطلب مني مرافقته للتعلم منها، غير أن كرامتي لا تسمح لي بذلك، فماذا ستقوله عني والدته"، أما حنان، 34سنة، وهي مهندسة معمارية، تقول عن تجربتها قائلة: "بعد شهر تقريبا من زواجي استقبلت أول شهر رمضان في منزل الزوجية، وبعد محاولاتي لإعداد وجبة الإفطار لزوجي، واتصالاتي اليومية بوالدتي، لأخذ مقادير الوصفات وطريقة عملها، ومرة جلبت طبقا مجهزا من والدتي خفية من زوجي، غيران زوجي اكتشف الأمر صدفة، مما جعله يغضب مني و يفطر عند والدته". حوادث طريفة وأخرى غريبة كثيرة هي المقالب و الحوادث التي تعيشها كل عروس في مطبخها الجديد، بين التي نسيت الملح و التي أحرقت الطبق و التي تتصل بوالدتها لمنحها وصفة معينة، وقد يتقبلها البعض و يجدها أمرا طبيعيا لحياة كل عروس جديدة، لكن الأمر يختلف في أيام رمضان، حينما يكون الجميع ينتظر بشغف مائدة الإفطار ولن يتقبلوا أي خطأ يعكر لهم صفو فطورهم، عن ذلك تقول هدى، 29سنة: "ما لا أستطيع نسيانه هو عندما احترقت يدي بزيت القلي، وقضينا ساعة الإفطار بمصلحة الاستعجالات"، في حين اعترفت ياسمين، 25سنة، وهي صيدلية، أنها لا تجيد الطبخ و أن زوجها من عشاق الأكل، وهذا ما جعلهما يتوجهان في كل يوم من أيام رمضان لبيت أحد أقاربهما، بدءا من والديهما ثم إخوتهما لتناول الفطور عندهم، مضيفة:"لا أجد عيبا كوني لا أجيد الطبخ، كما أنني أعلمت زوجي مسبقا بالأمر وقد تقبل الأمردون تذمر "، في حين كانت غلطة نجية، 23سنة، التي اقترفتها بمطبخها في أول رمضان لها في بيت زوجها السبب الذي كان وراء طلاقها و اتهام والدة زوجها لها بالتقصير و عدم تحملها مسؤولية الزواج، حينما استبدلت السكر بالملح في أحد أطباقها، وهناك بدأت شرارة الاختلاف بينها و بين والدة زوجه. العيش تحت رحمة انتقادات أهل الزوج أما سارة، 31سنة، فكانت محظوظة من وجهة نظرها، لأنها أقامت مع أهل زوجها، ولم تواجه أي مشاكل في الطبخ خلال شهر رمضان المبارك، حيث كانت والدة زوجها هي من تحرص على إعداد وجبة الإفطار و كانت جد متفهمة لارتباك العروس في أيامها و أشهرها الأولى بعد الزواج، في حين تعاني البعض من انتقادات و تلميحات أهل الزوج من طبخهن، أمثال مريم،26سنة، التي تشير إلى ورطة العرائس الجدد في رمضان، والمتمثلة في انتقادات الجميع لها، مضيفة: "العروس المسكينة فإذا لم تكن قد هيأت نفسها لتحمل مسؤولية البيت وتلبية طلبات الزوج، فستجد نفسها في ورطة كبيرة، ومقارنة صعبة مع طبخ والدة زوجها، لتثبت لعريسها و من حولها أنها ربة بيت ممتازة، كما لا ينعكس بشكل كبير على نفسية العروسين، لما لشهر رمضان من روحانية خاصة تسهم في ضبط النفس، وتوثيق العلاقة بين الزوجين والألفة والمحبة". تجربة لها نكتها الخاصة وفي رأي مخالف، ترى البعض أن رمضان لا يمثل مشكلة بالنسبة للعرسان الجدد، بل على العكس من ذلك، فيمكنهما استغلال ذلك في قضاء أوقات من العبادة والسعادة والحب، يؤيدها في ذلك طارق، 39سنة، الذي تحدث عن تجربته قائلا: "مازلت أذكر أول رمضان بعد زواجي بشهرين، كنت حينها عريسا، ولن أبالغ إذا قلت إن رمضان في ذلك العام كان جميلا جدا، ولم نواجه فيه أي نوع من المشاكل، وربما يكمن سر ذلك في زوجتي التي كانت تملك مهارة وفنا في الطبخ، فكان الوضع بالنسبة لها طبيعيا و أبهرت الجميع بمذاق يديها"و نفس الأجواء تحدثت عنها والدة عز الدين، التي صرحت بإعجابها بطبخ عروستها و الذي أضفى دخولها البيت نكهة خاصة لرمضان بأطباقها المتنوعة و التي تتفنن في إعدادها. نفسيا: جهد بدني للزوجة و تذمر الزوج وحسب رأي علم النفس فإن الأزواج المرتبطين حديثا بعد شهر رمضان عادة ما يواجهان ضغوط نفسية صعبة خلال شهر رمضان المبارك، وهو ما يجعلها بيئة طبيعية لتصاعد الخلافات الزوجية، فالعروس من جهة تعاني من جهد بدني وقضاء الكثير من الوقت في المطبخ و اشغال البيت مما يؤثرسلبا على العلاقة الحميمية بينها و بين زوجها، ، بينما يعاني الزوج من نقص الإشباع الجنسي، وهو ما يجعله في حالة من التوتر والعصبية، وقد يكون الحل بحسن إدارة الزوجة لوقتها، لتخفيف الكثير من معاناتها، ومن ذلك الاستعداد المسبق لشهر رمضان، بتجهيز بعض الوجبات وتخزينها، وتخصيص أوقات للراحة والاسترخاء وأوقات للعبادة.