برامج تلفزيونية تُنقذ المتزوجات حديثا من أزمة مائدة رمضان متابعة برامج عبر الفضائيات يوميات ربات البيوت للتنويع في الأطباق الرمضانية مع دخول شهر الصيام يصبح الهم الوحيد للجزائريين ملء البطون، ليتحول محور اهتمام كل العائلة نحو المطبخ لأجل التنويع والتجديد في مائدة رمضان وتزيينها بمختلف الأطباق العربية والغربية، إذ تتنافس النسوة على تحضير أحسن وأجود وألذ الأطباق التي تزين مائدة الإفطار، وفي الكثير من الأحيان تعمل على تقليد احسن الطباخين العرب او الأجانب خاصة تلك التي تشاهدها بمختلف برامج الطبخ على القنوات الفضائية، الكتب والمواقع الإلكترونية. العمريات يلجأن إلى القنوات الفضائية لتنويع مائدة الإفطار اشتهرت الأسر والعائلات السطايفية في شهر رمضان الفضيل بالعديد من الأطباق الرمضانية التقليدية، لكن ومع مرور المرور بدأت تتلاشى وفي طريقها للاندثار والشطب من أجندة سكان سطيف، نظرا للتغيرات الجذرية التي طرأت على المجتمع السطايفي في السنوات الأخيرة، في حين يبقى العديد من سكان بلدياتها ومشاتيها يحافظون عليها، حيث مع كل رمضان تبدأ ربات البيوت في التحضير للأطباق الرمضانية منهن من تلجأ فقط إلى التقليدية في حين تقوم أخريات برحلة بحث لتحضير الأطباق الغربية باقتناء اللوازم من خضر وفواكه ولحوم بأنواعها ومستلزمات الأطباق التي سيتم تحضيرها، بالتوجه إلى أرقى وأكبر المراكز التجارية التي دخلت حديثا في ثقافة السطايفية، وهذا يعد إبحار النسوة في فضاء الإنترنت أو متابعة برامج الطبخ عبر الفضائيات، حيث تلجأ النساء إلى التفنن في تحضير المقبلات والأطباق الرئيسية من وحي المطابخ الأجنبية العربية والغربية، في حين لا يمكن الاستغناء عن "الشربة" التي يستحيل استبدالها بأي طبق آخر، إذ استبدلت الكثير من السطايفيات الأطباق الرمضانية الأصيلة بأخرى أجنبية على غرار طاجين الزيتون المغربي، والدجاج المحشي وأطباق الغراتان، في وقت لم تكن تتسع الموائد لغير أطباقنا الشعبية. وعن سبب هذا التغيير يجمع الكثيرون على أن انتشار قنوات الطبخ، مؤخرا عبر الفضائيات العربية والأجنبية روج للكثير من تلك الأطباق والوصفات المختلفة، حيث تأخذ كل امرأة على عاتقها مهمة تحضير مائدة الإفطار، ونزولا عند رغبة الأزواج تجتهد السيدات من أجل التنويع ليبحثن في كل مرة عن أطباق جديدة يبهرن بها العائلات وقت الإفطار وعادة ما تكون فترة مشاهدتهن لهاته البرامج في الصباح أو الظهيرة قبل البدء في عملية الطبخ لكي يتمكّنّ من تحضيرها على طريقتهن وتقديمها على مائدة الإفطار. جاء هذا التوجه بعد النقائص التي أُخذت على كتب الطبخ من حيث طريقة التحضير، فهذه الأخيرة تركز على تقديم الوصفة وتضيف بعض التوضيحات البسيطة دون أن تكون مفهومة على عكس المشاهدة على التلفاز التي تسمح بتتبع كل مراحل إنجاز الطبق لتتمكّن من إعداده، ولعلّه السبب الرئيسي وراء لجوء الكثير من السيدات إلى الطبخ عبر شاشات التلفزيون وبالتالي تخلت النسوة عن ركن ركين من عادات المطبخ المحلي، وهو فتل الكسكسي بعد أن تكفلت شركة العجائن الجزائرية والتونسية بتوفيره جاهزا، حيث كانت العائلات السطايفية تقوم بالتعاون فيما بينها، وذلك بأن تقوم النسوة ب"التكسكيس" كل يوم في بيت من البيوت. كما لم تعد النسوة تطيق تعب الرحى التقليدية التي تطحن القمح وتحوله إلى شربة بل أصبحت هذه الأخيرة يتحصل عليها بعد طحنها بالمطاحن الكهربائية التي أفقدتها نكهته الأصيلة. والشيء نفسه يقال عن البهارات التي كانت نساء وادي سوف يتفنن في تحضيرها قبل حلول الشهر الفضيل بأسابيع، وكان لكل أسرة وصفتها السرية في تحضير البهارات الخاصة بها. أما اليوم فالعالم كله يشتري "لفاح" المحضر مسبقا في معامل صغيرة والكل يعتمدن على القنوات الفضائية لإعداد الأطباق السهلة، من جهة أخرى، تبحث القليلات عن كل ما هو تقليدي من أجل تزيين مائدة الإفطار بأطباق لا تطبخ غالبا إلا في رمضان، فطبق طاجين الحلو لايزال حاضرا، إضافة إلى طبق "لمثوم" "السفيرية" و"البرانية"، التي لاتزال متداولة لدى العائلات السطايفية، لاسيما إذا حضر على مائدة إفطار الضيوف. وفي هذا تقول حورية إنها قد أدمنت هذه البرامج التلفزيونية، وأصبحت مائدتها لا تخلو من تلك الوصفات التي قالت إنها أكثر عملية ولا تتطلب الكثير من المقادير واقتصادية من التقليدية، لاسيما الغربية منها. من جهتها تقول ريمة إن الوصفات التي تعلمتها من القنوات لاقت إعجاب عائلتها التي باتت تفضل تناولها عوضا عن التقليدية التي تحتوي نسبة معتبرة من الدهون، مما يضر صحة الصائم خلال الشهر الفضيل. وفي سياق آخر تقول الحاجة فطيمة إنه من غير الممكن أن تتخلى عن عادات شهر الصيام، وتضيف قائلة لا يكفي أن الكثير من بركة الشهر الفضيل وتقاليده قد اندثرت وحلت محلها أعراف جديدة، لذا لا أستطيع أن أفوت فرصة استرجاع بعض العادات الرمضانية من خلال تحضير أكلات شعبية لطالما ارتبط اسمها بمائدة الإفطار. أما عمي الربيع فيقول إنه لا أتخيل أن يمر شهر رمضان دون استحضار نكهة الزمن الجميل من خلال الكثير من العادات والطقوس، إضافة إلى ما تعلق بالمأكولات التي تتفنن زوجتي وبناتي في تحضير كل ما تجود به أناملهن من أطباق تقليدية عهدنا تحضيرها خلال هذا الشهر الكريم. وبرامج ثرية تُنقذ المتزوجات حديثا من أزمة مائدة رمضان توجّه كل الأنظار للعروس الجديدة في بيتها الزوجي، خاصة في شهر رمضان، لمعرفة مدى قدراتها المطبخية ولعل أبرز شيء يحب أن يراه الرجل حديث الزواج هو أطباق زوجته الشهية الموضوعة فوق طاولة الإفطار خلال الشهر الفضيل، حيث تقوم ببذل أقصى الجهود لتكون في مستوى تطلعات زوجها، ساعية إلى إثبات مهاراتها وقدراتها العملية في الطهي وإعداد الولائم، لكن أصعب موقف يواجه ربة المنزل هو اختيار الأطباق الرمضانية الجيدة في الأيام الأولى من زواجها وهذا لإرضاء زوجها وعائلته لهذا تلجأ في غالب الأحيان إلى القنوات الفضائية أو كتب الطبخ لعلها تصل بهذه الأطباق إلى كسب رضاهم والتأكد من قدرات عروستهم. وفي هذا الشأن، قال أحد الأزواج إن زوجته أعدت طبقا من الحساء يكفي لعائلة كبيرة جداً بينما لم يكن هناك أحد في البيت غيره هو وزوجته وهذا لتعودها طبخ كمية كبيرة نظرا إلى كبر أفراد عائلتها، وعلى الرغم من أن زوجته لا تتقن كثيرا الطبخ إلا أنه يساعدها كثيرا من خلال شراء بعض كتب الطبخ التي قد تحسن من مهارتها والاستفادة من برامج الأطباق الرمضانية في القنوات الفضائية، ويعدها بهدية قيمة عند إتقانها عدداً من الأطباق الرمضانية أهمها الشوربة التي تميز المائدة السطايفية. المطبخ المغربي والتونسي حاضران بقوة على مائدة الإفطار السطايفية ونتيجة للإقبال اللافت على برامج الطبخ العربية من طرف السطايفيات، أصبحت المائدة الجزائرية متنوعة لتحوي ما لذّ وطاب من كافة الوطن العربي خاصة الأكلات المغربية والتونسية، فالبسطيلة المغربية أصبحت معروفة بشكل واسع في صفوف السطايفية بعدما أقبلت الكثير من السيدات على متابعة الطبخ المغربي والتونسي عن كثب، الذي يأتي في مقدمة المدارس التي تتبعها السطايفيات من منطلق أن التوابل والمواد المستعملة لا تختلف عن الجزائرية. وفي هذا السياق، وجدنا البعض من ربّات البيوت اللاتي أبدين رأيهن حول الموضوع. البداية كانت مع السيدة "حنان" التي أيّّدت فكرة الاعتماد على بعض برامج الطبخ التي تبث على القنوات العربية، موضحة ميلها كثيرا إلى الطبخ المغربي الذي تعتبره قريبا جدا من السطايفي على اعتبار التقارب في العادات والتقاليد بين البلدين، مضيفة أنها جرّبت الكثير من الأطباق ولاقت استحسان كل من تذوّقها، كما أنها تدعم وجهة نظرها بكون كتب الطبخ التي تباع تقدم وصفات ناقصة هذا ما استشفته من خلال تجريبها للبعض منها. أما عن السيدة زهية مدمنة على الأكل المغربي وتتابع كل الوصفات الجديدة بحماسة، ناهيك عن المطبخ التونسي الذي يشبه كثيرا الجزائري بأكلاته الشعبية التي تستهوي الجزائريات بكثرة، بالإضافة إلى مطابخ عربية أخرى، فالسيدة هاجر تتبع كثيرا وصفات طبّاخ تونسي الذي تبث برامجه على قناة نسمة، وتثني على وصفاته التي نالت إعجاب كل من تذوقها. وعن سبب لجوئها إلى الفضائيات، تقول هاجر "لم أنجح في تحضير الوصفات المكتوبة لذلك بحثت عن المرئية". الإبحار في الأنترنت والفايسبوك لاختيار أشهى الأطباق تصاب ربات البيوت خلال الشهر رمضان بهستيريا أطباق المائدة وتدخل النساء في رحلة بحث في الأنترنت، حيث تتنافس لاستقطاب سيدات المائدة لاختيار أشهى الأطباق وعرض وصفات سحرية لإنقاذ المرأة من انتقادات تكثر في هذا الشهر حول ما تختاره لمائدة الإفطار، في ظل حرارة تتجاوز الأربعين تضعها بين خيارات الوجبات الخفيفة وتفرض عليها الابتعاد عن الأطباق التقليدية كالدولمة وطاجين الزيتون، حيث تعلن النساء في شهر رمضان حالة الاستنفار من أجل إعداد الكثير من أصناف المأكولات الشرقية والغربية على مائدة الإفطار، ويحلمن أن يكن ربات بيوت درجة أولى، وهذا لن يتم إلا إن كانت لديهن كتب منوعة ومتعددة من كتب الطبخ لأكبر مشاهير فن الطبخ المنزلي، كما تلجأ الكثيرات لقضاء ساعات طويلة على النت التي تقدم كل أصناف الطعام الحارة والباردة. وتضيف أفكارا جديدة ومتجددة للمرأة التي تزداد حيرتها أكثر في رمضان حين تريد أن تعد أصنافاً مختلفة من الطعام لتزين بها مائدة الإفطار. وفي هذا يقول عماد شاب متزوج، إنه يحرص على أن تعد زوجته طاولة تحمل أشهى وألذ الأطباق الرمضانية كما يجب، لذا فقد طلب منها أن تتصفح الأنترنت يضيف مبتسماً "زوجتي من النوع المتمسك بالأطباق التقليدية وترفض التجديد في طهي الأطباق، وأنا من النوع الذي يحب الجديد والمبتكر في الأطباق التي تزين السفرة الرمضانية، ومن أجل ذلك طلبت منها بإلحاح أن تتصفح الأنترنت التي تتفنن في إعداد مختلف الأنواع والأصناف من الطبخات العالمية والشرقية"، ويضيف "أنا صح ناكل بعيني وهذا عيبي فطريقة شكلها وطريقة تزيينها تجذبني لأكلها دون توقف". ... وأخريات يكتفين باقتناء كتب الطبخ من جهة أخرى، تسعى ربات البيوت في شهر رمضان إلى اقتناء مختلف كتب الطبخ التي تساعدها في تحضير مختلف الأطباق، كما يتنافسن في اختيار كتب الطبخ المختلفة والمتنوعة، التي تحتوي على طرق وشروحات مكثفة تمكّنهن من النجاح في الحصول على الأكلة التي يرغبون في تحضيرها، وقد تكون آتية من ثقافات أخرى كذلك، كتلك الكتب التي تشرح كيفيات طبخ شرقية، وأخرى آسيوية، وغيرها من الأطباق، التي وإن لم يعتد عليها البعض خلال رمضان، إلاّ أنه من شأنها أن تبعث شيئا من التغيير وتزيد المائدة الرمضانية بهاء وهذا ما أوضحته السيدة "رهام" أنها في كل سنة تقوم بشراء كتب جديدة للطبخ من أجل التنويع في مطبخها ومثلها الكثيرات. فهناك من تعتمد على اختيار الكتب التي تضم وصفات تقليدية تتناسب والشهر الفضيل، حيث يتم اختيار كتب تثير شهية أفراد العائلة من أجل الاستمتاع بمختلف الأطباق بعد يوم كامل من الصيام، خصوصا أن الشهية تكاد تنعدم في بعض الأحيان بسبب الحرارة السائدة التي تجعل من الإنسان يعطش أكثر مما يجوع، بالإضافة إلى هذا تعتمد النساء على اختيار الأطباق السهلة والبسيطة غير المكلفة، وهي الكتب التي تلقى في معظم الأحيان إقبالا معتبرا، خاصة عند ذوي الدخل المتوسط، كما يبحثن عن الكتب العالمية لتضفي على المائدة الرمضانية تنوعا لكسر روتين تحضير نفس الأطباق في كل شهر ومع اقتراب عيد الفطر المبارك، تعرف أيضا كتب تحضير الحلويات إقبالا كبيرا، حيث تساعد المرأة في تحضير أفضل أصناف الحلويات التي تقدمها وتتبادلها العائلات الجزائرية بمناسبة عيد الفطر.