تحتفظ الحكومة بالمشاريع المهيكلة الكبرى للتنمية المحلية رغم التراجع الكبير للعائدات النفطية مع نهاية جوان وهي مشاريع من شأنها الاستجابة للطلب الاجتماعي لاسيما السكن، خاصة في ولاية الجزائر. وتساهم هذه التوصية التي قدمت خلال اجتماع الحكومة-الولاة المنعقد نهاية أوت الماضي بالعاصمة في التسريع من وتيرة برنامج إسكان القاطنين بالسكنات الهشة والأحياء القصديرية وأسطح العمارات لاسيما في ولاية الجزائر والذي يخص 84.700 سكن لصالح 75.752 عائلة معنية. بعد سنة من الشروع في هذه العملية (21 جوان 2014) أعيد إسكان 20.000 عائلة في مختلف مواقع بلديات الجزائر العاصمة وهي عملية لم تسجل ابدا مثلها منذ الاستقلال الوطني. وتشرف ولاية الجزائر بالموازاة على برنامج اعادة الاعتبار للبنايات القديمة من مجموع 55.302 سكن موزع على 14 بلدية بالجزائر الوسطى و792 عمارة يجري ترميمها في إطار المرحلة الأولى لمشروع طموح للتجديد الحضري للمدن الكبرى للوطن. ويعد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة المبادر بعملية التجديد الحضري بعد ان سجل خلال تنقلاته المختلفة بعدة ولايات حالة التدهور المتقدمة لعمارات يعود تاريخها الى الحقبة الاستعمارية. وتشرف السلطات المحلية على عمليات التنمية المحلية هذه (السكن والصحة والتربية والطرق والنقل...) رغم تقلص العائدات النفطية في سوق متوتر نظرا لمؤشرات لاسيما الازمة المالية التي تمس بعض دول اوروبا وتراجع النمو في الصين. ويرى الخبراء أن ارتفاع بناء السكنات يعادل نقطة واحدة على الأقل من النمو السنوي. ويبقى الجهد المالي للدولة معتبرا إذ تخصص هذه الأخيرة حوالي 3.500 مليار دينار (2ر47 مليار دولار) مباشرة للطلب الاجتماعي في مجال السكن حيث ارتفع برنامج الانجاز إلى 5ر2 مليون سكن. وهو جهد خاص بذلته الجزائر في الوقت الذي أخذت فيه أسعار البترول تتراجع في سياق تقلص النمو في الصين (أقل من 3 % حاليا) وفي بعض بلدان الاتحاد الأوروبي (إسبانيا والبرتغال واليونان حاليا) وانخفاض طلب الخام الأمريكي بعد انطلاق استغلال حقول الغاز الصخري في أمريكا الشمالية. وستتواصل المشاريع المهيكلة في التنمية الريفية (السكن والصحة والتربية والطرق والتزويد بالماء الصالح للشرب) ولن تتأثر بانخفاض العائدات النفطية المتوقع بلوغها أقل من 35 مليار دولار في نهاية 2015 مقابل 62 مليار دولار في 2014. وكان الوزير الأول عبد المالك سلال أشار مرارا أمام البرلمان إلى أنه "من الحيوي بالنسبة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلد تقليص الضغط الاجتماعي على السكنات من خلال برامج جديدة" للسكنات العمومية الايجارية. وأكد على أولوية "القضاء على أزمة السكن" لكسب رهان عبور مرحلة تراجع أسعار النفط العالمية في أحسن الظروف الاجتماعية والاقتصادية. وكان سلال أكد خلال لقائه مع الولاة في نهاية أوت أن تخفيض الاستثمارات العمومية المبرمجة في 2016 "لن يمس بالمكاسب الاجتماعية وسياسة التنمية" المحلية. وقال إن "الظرف الراهن صعب ولكنه يتيح لنا أيضا فرصة لمراجعة الذات واتخاذ قرارات جريئة من أجل بناء رؤية اقتصادية جديدة" مضيفا أنه بدلا من التقشف "فنحن في الجزائر نعول على النمو والإنعاش الاقتصادي".