تبحث الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن اتفاق على مسودة قرار يدعم مسعى دوليا لإنهاء الحرب الأهلية المندلعة في سوريا منذ خمس سنوات قبل بدء محادثات وزارية بشأن الأزمة تعقد في نيويورك أمس. وأبلغت مندوبة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة سامانثا باور الصحفيين أن الأعضاء الخمسة الذين يتمتعون بحق النقض (الفيتو) لم يتفقوا بعد على مسودة لطرحها أمس على المجلس الذي يضم 15 عضوا. وفي بادئ الأمر كانت القوى الغربية تأمل في أن يوافق المجلس على قرار يصدق على خارطة طريق مدتها عامان لإجراء محادثات تبدأ في يناير كانون الثاني بين الحكومة السورية والمعارضة لتشكيل حكومة وحدة وطنية ثم إجراء انتخابات في نهاية المطاف. وتم التوصل إلى خارطة طريق تتضمن وقفا لإطلاق النار في كل البلاد لكنه لا يسري على تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة جناح القاعدة في سوريا وبعض جماعات المعارضة المسلحة الأخرى خلال جولتين من المحادثات الوزارية في فيينا. وبدأ موفدون دوليون كبار الخميس التوافد الى نيويورك سعيا للحصول على دعم الاممالمتحدة لخطة اميركية وروسية طموحة تهدف للتوصل الى وقف لاطلاق النار في سوريا التي تشهد حربا دامية مستمرة منذ نحو خمس سنوات. وقد زار وزير الخارجية الاميركي جون كيري في وقت سابق هذا الاسبوع موسكو لطمأنه الحليف الرئيسي الروسي للرئيس بشار الاسد بأن واشنطن لا تسعى الى "تغيير للنظام" في سوريا. والخميس التقى كيري بنظيره السعودي عادل الجبير في فندق في نيويورك لطمأنة خصم الاسد بأن الولاياتالمتحدة لا تتهاون مع الرجل القوي في سوريا. وتهدف مساعي كيري الدبلوماسية لتحقيق توازن تهدف الى ابقاء موسكو والرياض ضمن العملية، فيما تجري المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم 17 دولة محادثات سلام. وتريد واشنطن والموفد الدولي الى سوريا ستافان دا ميستورا ان يرسل نظام الاسد والفصائل المسلحة المعارضة موفدين الى محادثات السلام في الاول من جانفي او بعد هذا التاريخ. واذا ما تم التوصل الى وقف لاطلاق النار في الحرب الدائرة في سوريا منذ اربعة اعوام ونصف، يمكن للقوات السورية وروسيا وائتلاف بقيادة اميركية تركيز ضرباتهم على تنظيم الدولة الاسلامية الجهادي المتطرف. وبموجب اتفاق تم التوصل اليه الشهر الماضي في فيينا، امام المفاوضين الحكوميين والمعارضين ستة أشهر لتشكيل حكومة انتقالية و18 شهرا لتنظيم انتخابات وطنية. شجب "الإرهابيين".. غير ان العديد من الاسئلة ما زالت تلقي بظلالها على العملية. فهل يقبل الاسد وداعمتاه روسيا وايران الجلوس مع فصائل معارضة يصفونها باستمرار "بالإرهابية"؟ وهل تتحدث المعارضة وداعموها الاجانب مع نظام يتهمونه بقتل الالاف من مواطنيه بالبراميل المتفجرة والغاز السام؟ ويريد موفدون دوليون - بينهم خصوصا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف - ان يعرفوا من السعودية مدى تقدم جهودها لتشكيل ائتلاف للمعارضة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية جون كيربي ان الاردن سيشرح تقدم مساعيه في العملية ويضع لائحة بالمجموعات الارهابية التي ينبغي عدم اشراكها في المحادثات. وحتى اذا كان وقف اطلاق نار ممكنا، فمن يراقبه؟ ومن يقود الحرب لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية ومجموعات اخرى مثل جبهة النصرة التي لا تشارك في عملية السلام. ولمناقشة هذه المسائل وسواها، تلتقي المجموعة الدولية لدعم سوريا بناء على دعوة من الولاياتالمتحدة في فندق في نيويورك سعيا لتضييق تلك الخلافات. ثم يتوجه دبلوماسيون الى مبنى الاممالمتحدة القريب للحصول على موافقة مجلس الامن الدولي على العملية، وهو امر سيتحقق على الارجح. وقال كيربي "من الواضح ان النتيجة الكبيرة لجلسة بعد الظهر (الجمعة) هي هذا القرار والامين العام على ثقة بانه يمكننا التوصل الى ذلك". ويقر الدبلوماسيون الاميركيون ان الخطة طموحة والنجاح غير مؤكد، لكنهم يأملون في ان تتمكن روسيا والسعودية من اقناع الخصم السوري حليفهم بالجلوس الى الطاولة. ويرون ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يرغب في رؤية القوات الروسية التي ارسلها الى سوريا لدعم نظام الاسد، تغرق في مستنقع نزاع لا ينتهي. وبموازاة ذلك فان هجمات تنظيم الدولة الاسلامية وموجات اللاجئين الهاربين من الحرب السورية التي امتدت الى الشرق الاوسط واوروبا، تثير القلق في عواصم اجنبية اخرى. تجنب روسيا لكن يبدو ان الولاياتالمتحدة قد قدمت تنازلاتها في بحثها عن السلام. ففيما كانت تتجنب روسيا وفرضت عقوبات على اقتصادها لمعاقبة بوتين على تدخله في اوكرانيا، يعبر كيري الان علنا عن شكره لموسكو على دورها "البناء" في سوريا. وفيما تصر وزارة الخارجية على انه ليس هناك تغيير في سياستها التي تؤكد ان الاسد فقد كامل الشرعية لقيادة سوريا، خففت واشنطن بشكل واضح الدعوات التي تطالبه بالرحيل. وقال كيري في الكرملين بعد محادثات مع بوتين "اكدنا اليوم ان الولاياتالمتحدة وشركاءها لا يسعون الى تغيير النظام، كما هو معروف، في سوريا". وأضاف "ما قلناه هو اننا لا نعتقد بان الاسد نفسه لديه القدرة على قيادة مستقبل سوريا".وتابع "لكن اليوم لم نركز على خلافاتنا (...) ركزنا على العملية السياسية التي بموجبها سيتخذ السوريون القرارات بشأن مستقبل سوريا".