كشفت تعليمة وجهها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، إلى هياكل الحزب، يعترف فيها بوجود أسماء من الحزب قدمت ترشحها لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة المرتقب نهاية الشهر الجاري، ترشحت خارج إرادة الأفلان، أن مناضلي هذا الحزب أصعب ما يكون من ضبط مواقفهم. يبدو أن الحملة التي دشنها الرجل الأول في الحزب، منذ الصائفة المنصرمة، والتي توعد من خلالها بإقصاء كل من تسول له نفسه التمرد على الحزب في الانتخابات السالف ذكرها، لم تؤت ثمارها المرجوة، بدليل أن أسماء قررت خوض السباق، بعدما فشلت في سباق الانتخابات الأولية التي نظمها الحزب في وقت سابق، وأشرف عليها الأمين العام شخصيا في بعض الولايات. ولم تكن هذه الظاهرة وليدة فترة تولى فيها عمار سعداني مقاليد الأمانة العامة للحزب العتيد، بل تعود إلى فترات سابقة، بل إن هذه الظاهرة باتت مع مرور الوقت قاعدة وليست استثناء، وكثيرا ما تسببت في تعرض الحزب لنكسات انتخابية أفقدته أغلبية كان يفترض أن يحصدها بسهولة. ويتضح من هذا المعطى أن مناضلي الأفلان أصعب من أن يتم ضبطهم، لا يخيفهم التهديد والوعيد، وهو ما يؤكد أن الولاء للكثير من مناضلي الحزب، ليس لقيادة الحزب العتيد، وإنما لجهات أخرى، بداية بالولاء للطموح الشخصي على حساب مصلحة الحزب، وثانيا الولاء لجهات أخرى لها علاقة بصراع تحركه العصب في الحزب-الجهاز، كما يحلو للبعض تسميته. وفي الجهة المقابلة، يبدو التجمع الوطني الديمقراطي أكثر الأحزاب انضباطا، غير أن هذا الانضباط كثيرا ما جرّ الحزب لاتهامات تنزع نحو نعته بأنه "ثكنة"، وليس حزبا سياسيا، حسب بعض معارضي الأمين العام الحالي بالنيابة، أحمد أويحيى. ومن شأن التشرذم، الذي بدأت ملامحه تطفو على السطح بالنسبة للحزب العتيد، والانضباط الذي يطبع كتيبة الأرندي في انتخابات التجديد النصفي، أن يقود إلى ما لا يأمله أمين عام الحزب العتيد، الذي لطالما شدد على ضرورة الفوز في انتخابات التجديد النصفي المقبلة، تأكيدا لانتصارات حققها في "حروب" خاضها في وقت سابق، وهو أمر إن وقع سيشكل ضربة لسعداني، الذي اتخذ من الاستحقاق مقياسا لمدى تحكمه في الحزب، الذي عجز من سبقوه عن قيادته، بالترغيب والترهيب.