أخذ مشروع تعديل الدستور، بعين الاعتبار مطالب المعارضة بالبرلمان، وحمل في طياته العديد من المفاجآت لها، رغم أنها تبقى في نظرها مجرد إجراءات شكلية ستضرب عرض الحائط كسابقتها. ووضع الدستور المعدل حدا للجدل الذي أثاره النقاش حول العديد من القضايا خلال الفترة الأخيرة، على رأسها أحقية نواب المعارضة في مطالبة المجلس الدستوري بإعادة النظر في بعض القوانين، وعن العمل البرلماني توجب الوثيقة الجديدة على عضوالبرلمان أن يتفرغ كلية لممارسة عهدته من خلال حضوره الفعلي، على أن يجرد من عهدته النيابية، بقوة القانون، في حال غير انتمائه السياسي الذي انتخب من أجله، كما ألزم الدستور الجديد الوزير الأول وطاقمه الحكومي باحترام الهيئة التشريعية، بينما لم تعد الغرفة العليا بموجب 120 من الدستور قادرة على إجبار الحكومة على سحب مشاريع القوانين. ألقت الأحداث الأخيرة التي عرفتها قبة زيغود يوسف بظلالها على الدستور المعدل بداية من قانون العقوبات الذي ظل حبيس أدراج بن صالح لعدة أشهر، وصولا إلى قانون المالية 2016 المثير للجدل، ومنحت الوثيقة الجديدة صلاحية إخطار المجلس الدستوري طبقا لأحكام المادة 166 الفقرتان 2 و3 من الدستور بخصوص القوانين التي صوت عليها البرلمان، ومن جهة أخرى لم تعد الغرفة العليا حسب نص الدستور المعدل قادرة على إجبار الحكومة على سحب مشاريع القوانين التي صادقت عليها الغرفة السفلى لتسحبها الحكومة وبات المجلس الشعبي الوطني هوصاحب الكلمة الأخيرة في الفصل في مشاريع القوانين التي تقترحها الحكومة. وبالمقابل قدم الدستور الجديد تنازلات بالجملة للمعارضة، وأصبح الوزير الأول حسبما قاله مدير ديوان رئاسة الجمهورية مجبر على عرض بيان السياسة العامة للحكومة أمام البرلمان وجوبا، عكس ما كان معمول به في وقت سابق، رغم أن كل الدساتير التي جاءت بعد سنة 1988 قد أمرت رؤساء الحكومات بتقديم حصيلة عن نشاطها إلى البرلمان، إلا أن هذا الالتزام لم تطبقه أغلبية رؤساء الحكومات المتعاقبين، وهوما حدث مع حكومة سلال المتعاقبة، الأمر الذي دفع بنواب البرلمان يطالبون الحكومة الحالية بعرض بيان السياسية العامة للحكومة.