*- زبيدة معامرية: واجب الذاكرة يدفعني للحديث عن هذه المرأة الرمز *- أنا اليوم حاضرة أمامكم بفضل تضحية الشهيدة خصصت المؤسسة الوطنية للإعلام والنشر والإشهار، وقفة تكريمية للشهيدة "شايب دزاير" في مقر المكتبة التابعة لذات المؤسسة التي صارت تحمل اسمها، والتي عرفت منذ حملها لهذا الاسم، بركة تنظيم العديد من اللقاءات الفكرية والثقافية التي فرضت حضورها في الساحة الثقافية إلى حد الساعة، وقد ارتأت المؤسسة توجيه الدعوة إلى كاتبة وباحثة وروائية هي زبيدة معامرية التي سبق وأن ذكرتها في كتابها الموسوم "المشكال" ذاكرة حرب الصادر في 2012، وهي مجموعة قصصية. حضر اللقاء العديد من الأسماء، يتقدمهم المدير العام ل"أنيب" جمال كعوان الذي إليه تعود فكرة تسمية المكتبة باسم الشهيدة بعد أن قرأ كتاب معامرية، الذي تذكر فيه استشهاد البطلة رفقة سبعة من المجاهدين. وقد جاء في تقديم سيدي علي سخري منشط الجلسة أنه من خلال تكريم الشهيدة يتم تكريم كل الشهيدات والمجاهدات، وقد أصبحت مكتبة "أنيب" تحمل اسم شايب دزاير، بفخر وشرف كبير، هذه المجاهدة الشهيدة التي كانت إلى عهد قريب مجهولة لدى الكثير، ولم تذكر -حسبه- في أي من كتب التاريخ الرسمية ولم يحمل لا شارع ولا مدرسة اسمها، هذه المناضلة التي لبت نداء أول نوفمبر 1954 واستشهدت رفقة باجي مختار (مجموعة 22) رفقة سبعة أعضاء أخرين من جيش التحرير في 19 نوفمبر 1954، أياما قليلة بعض انطلاق حرب التحرير، وهي التي تعتبر أول شهيدة قضت والسلاح بيدها، ويرى سخري أن مشاركة المرأة في المجتمع التقليدي هي أكثر تعقيد من مشاركة الرجل. ومن أجل التكريم استضافت واستقدمت المكتبة والمؤسسة الروائية الباحثة زبيدة معامرية وهي من أطر وزارة الثقافة التي سبق وأن تعرضت للشهيدة في كتابها الموسوم "المشكال" ذاكرة حرب، وقد تم خلال اللقاء استعراض رفقة الجمهور، إشكالية مشاركة المرأة في حرب التحرير على اعتبار أن التزام المرأة في المنعرج التاريخي هو من التعقيد بمكان، كونها شابة قامت ضد الاستعمار كمجاهدة في الجبل أو كمسبلة أو فدائية، بالنظر لمجتمع محافظ. وقد تم في بداية اللقاء، الوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على روح المجاهدة الراحلة، وروح الكاتب مالك شبل الذي رحل في 12 نوفمبر الجاري. وشكرت معامرية في بداية حديثها مؤسسة "أنيب" للتفكير فيها ودعوتها إلى هذا الفضاء الفكري والثقافي، وأردفت بأنها جاءت للحديث عن هذه الشهيدة التي قضت في مطلع الثورة ولم يتم الحديث عنها بعد ذلك. وفي كل مرة تمر أمام المكان الذي استشهدت فيه تتوقف، وتشعر وكأنها تنادينها. واستطردت الكاتبة وتحدثت عن الظروف التي جعلتها تنتمي إلى الثورة وتلبي نداء أول نوفمبر والتقائها بباجي المختار الذي كان يقصد بيتهم العائلي للاجتماع مع المجاهدين. وقد رفضت الفتاة ذات 18 ربيعا الانفصال عن مجموعتها لما حاصرتها قوات الجيش الفرنسي الغاشمة، وفي مرتفعات جبل صالح بقالمة وهو مناسب لحرب العصابات، كان باجي مختار يخيم هناك ويكون وينظم الفلاحين الذين كانوا يأتون من كل مكان. باجي مختار الذي كان يحارب من أجل الجزائر، قام بتعليم دزاير الفتاة البنت القروية كيفية استعمال السلاح وكان يحترمها كثيرا ويريد أن يجعل منها مقاومة، وهي التي كانت على علم بمكان تواجد الأسلحة السري. في 19 نوفمبر 1954 حاصر جنود الاحتلال المنزل الذي كان فيه باجي رفقة جماعته، وحدث اشتباك عنيف بين الفرنسيين والمجاهدين سقط على إثره العديد من القتلى والجرجى وكان باجي مختار منهم وبعد أن ساعدته لإدخاله البيت، أخذت دزاير السلاح وواجهت العدو لتسقط في ميدان الشرف وفي الليلة نفسها لحق بها باجي مختار، مضيفة أن واجب الذاكرة أمام هذه المرأة الرمز يدفعها للحديث عنها وأنها اليوم حاضرة هنا بفضل تضحية هذه المرأة، مشيرة أنها قد تأثرت جدا عندما علمت أن مكتبة "أنيب" سيطلق عليها اسم الشايب، امرأة بهذا الحجم والقدر تستحق أن يعرفها الناس ويقدرون مسارها النضالي والجهادي. لم تفوت معامرية الفرصة لتذكر الحضور ومن ورائهم المسؤولين كون منطقة سوق أهراس التي تنحذر منها لا تزال مع شديد الأسف، نائية ولم تحظى بالتنمية المطلوبة على غرار مدن الجزائر الأخرى. ورأت بعض المتدخلات أن المجاهدات قد تم غمط حقهن خلافا للمجاهدين، ورأى متدخل آخر أن هناك الكثيرات من المجاهدات والشهيدات ممن تم نسيانهن. وبفضل كتاب زبيدة معامرية الصادر في 2012، "المشكال ذاكرة حرب" تم نفض الغبار عن الشهيدة شايب دزاير وخروجها من دائرة النسيان.