نهب ثروات الشعب الصحراوي: مجلس الاتحاد الأوروبي يقر بعدم شرعية الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد والمغرب    معرض "شوكاف" يكشف عن التطور الملحوظ لصناعة الشوكولاتة بالجزائر    جثمان المجاهد إسماعيل محفوظ يوارى الثرى بمقبرة عين النعجة    كرة القدم : تعيين الجزائري جمال حيمودي مشرفا عاما على قطاع التحكيم في تونس (الاتحادية)    تمنراست : إبراز دور الزوايا الكنتية في المحافظة على الهوية الوطنية وحسن الجوار    باتنة: إطلاق جائزة الشهيد مصطفى بن بولعيد للفن التشكيلي في طبعتها الأولى    العدوان الصهيوني: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى ما يقارب 47500 والإصابات إلى أزيد من 111500    قالمة: 27 وحدة إنتاجية متخصصة في الصناعات الغذائية تضمن تموين السوق المحلية    وزير المجاهدين يستقبل خطيب المسجد الأقصى    الجمعية العامة العادية للفاف: المصادقة بالإجماع على الحصيلتين الادبية والمالية لسنة 2024    حيداوي يستقبل ممثلين عن مسجد باريس الكبير    قمة التكنولوجيا المالية: مؤسسات ناشئة تقدم حلولا مبتكرة لمواكبة تطور التجارة الإلكترونية    الإطاحة بشبكة إجرامية مختصة في الاتجار بالمؤثرات العقلية بالطارف    سايحي يلتقي أعضاء النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين في الصحة العمومية    الحماية المدنية: تراجع في ضحايا حوادث المرور وارتفاع في وفيات التسمم بالغاز    الجزائر العاشرة عربيا و258 عالميا في مؤشر الرعاية الصحية    مكاتب لصرف العملة بميناء الجزائر    نجاح دبلوماسي تاريخي للجزائر    براف المرشح الوحيد لخلافة نفسه    جازي توقع اتفاقية رعاية مع اتحاد بسكرة    قبول 21 ملف تصريح بالترشح    رسالة من تبّون إلى بوكو    تمديد عطلة الأمومة.. مرحلة الجدّ    الشروع قريباً في إنجاز محطة لتحلية مياه البحر    محلات التوابل تستعد لاستقبال الشهر الفضيل    مستنقع دماء جديد في إفريقيا    سر أهل غزة!؟    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    هذه صفات عباد الرحمن..    إعادة تشكيل الشرق الأوسط: هل يكون الفتات خيرا من لا شيء؟    وزير الصحة يُطمئن الأطبّاء    تنصيب المدير العام الجديد للديوان الوطني للإحصائيات    التفجيرات النووية بالجزائر.. جريمة ضد الإنسان والبيئة    ولاية قسنطينة تتدخل لإنهاء المشكل    3385 مليون دينار لمواجهة أزمة الماء    وفرة في اللحوم كمّا ونوعا    رجال أعمال يبحثون سبل التعاون الجزائري-التركي    الخبرة الجزائرية لاستغلال احتياطات المحروقات بموريتانيا    الرئيس تبون حريص على العناية بتاريخ وذاكرة الأمة    اجتماع جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية    مناهضو التطبيع بالمغرب يحشدون قواعدهم    تعاون جزائر ي -روسي مكثف في المجال العلمي    840 ألف دينار تكلفة الحج لهذا العام    معسكر: الشهيد شريط علي شريف… نموذج في الصمود والتحدي والوفاء للوطن    غويري مستاء من مسؤوليه في نادي رين    رياض محرز.. التوهج يستمر    مباشرة برنامج طموح لدعم الكتاب والنشر    سيرة مناضلة وشاعرة من العيار الثقيل    ثمرة عناية الدولة بشبابها المبدعين    إنتاج صيدلاني : حاجي يستقبل ممثلين عن الشركاء الإجتماعيين ومهنيي القطاع    دورة "الزيبان" الوطنية للدراجات الهوائية ببسكرة : 88 دراجا على خط الانطلاق    السوبرانو الجزائرية آمال إبراهيم جلول تبدع في أداء "قصيد الحب" بأوبرا الجزائر    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية لمستخدمي الصحة    نادي سوسطارة يفرط في نقطتين مهمتين    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكان قرية "تيزقين" يصرخون.. "النجدة إننا نموت ببطء" !

إنهم باختصار أناس يلبسون المعاناة والحرمان ويأكلونها في النهار وتقاسمهم الفراش في الليل فلا تبرح الماء الذي يشربونه ولا الهواء الذي يتنفسونه ولكل واحد منهم توأم اسمه مستخلص الشقاء.
لما سمعنا عن معاناة سكان "تيزقين"، كنا نعتقد ذلك ضربا من المبالغة، لكن لما زرناها تأكدنا بأن للشقاء أرجلا ولسانا وشفتين وأنيابا، لأن الناس هناك لا يكادون يفقهون من ملاذ الحياة إلا ما شوهد في التلفاز، بل إن البعض منهم لا يملكون هذا الجهاز ولا يعلمون عنه إلا القليل.
المعروف عن بلدية بوسلام أنها من أفقر البلديات ليس بولاية سطيف فقط، بل وطنيا، حيث تنعدم فيها أبسط ضروريات الحياة، و«تزقين" التابعة لها، الوضع أشد وطأً والفقر مكتوب على جبين كل الأهالي، فلما وصلنا إلى هذه البقعة التقينا بممثلي جمعية "أزرال" الذين صنعوا المستحيل بتأسيس هذه الجمعية قصد التعريف بالقرية على الأقل وإيصال معاناة سكانها إلى المسؤولين، حيث تكلم هؤلاء بمرارة كبيرة عن حال السكان هناك، متسائلين "منين نبدأ الحكاية" على حد الفنانة الراحلة وردة الجزائرية، على حد تعبير أحد أعضاء هذه الجمعية، الذي قال بأن الوضع في قرية تيزقين تختصره مأساتهم مع محاولة مسح القرية من الوجود على خارطة النقل، بتهديم الموقف الذي كان يقي السكان برودة الشتاء وحر الصيف على حافة الطريق البلدي رقم 45 الرابط بين بوسلام والقرية، حيث تم تهديمه من طرف مجهول، لتبدأ رحلة العذاب على متن الطريق الذي يربط القرية بالطريق الولائي المذكور.
طريق لا يصلح حتى للدواب
تكشف وضعية الطريق الذي يربط قرية "تيزقين" بالطريق الولائي رقم 45 على بعد 2 كلم، حجم الكارثة التي حلّت بالسكان هناك، حيث مازال هذا الطريق على شكل مسلك ترابي طاله الاهتراء، وبات لا يصلح حتى للدواب وما بالك بالمركبات، التي لا تسلكه بعض الماركات إلا تلك المعروفة بقوة الدفع، والجرارات، وأكد بعض المواطنين أنهم تراجعوا عن فكرة اقتناء السيارة بسبب وضعية هذا الطريق الذي يعد مقبرة للمركبات، ورغم جهود السكان الذين يتطوعون كل مرة لتهيئته بالطرق التقليدية، إلا أنه سرعان ما يعود إلى حالته المزرية كلما عرفت المنطقة تساقطا للأمطار أو الثلوج، حيث يتحول الطريق إلى مجاري مائية يستحيل التنقل على متنه إلا سيرا على الأقدام، كما طرح السكان مشكلة مياه الأمطار للطريق الولائي رقم 45 التي تصب إلى القرية عبر هذا المحور، بعد انسداد بالوعات صرفها إلى الجهة المقابلة لموقف "تيزقين" مما أزم الموضع أكثر، ليبقى هذا الطريق يشكل نقطة سوداء عملاقة بالمنطقة.
الغاز، الإنارة والتهيئة مازالت أحلام
رغم أن غاز المدينة يمر إلى المناطق المجاورة عبر تراب قرية تيزقين، إلا أن العديد من العائلات مازالت محرومة من هذه المادة الحيوية، وتعتمد على الاحتطاب في التدفئة وحتى الطهي، في ظل ندرة قارورات الغاز كون أن المكان جد معزول وبعيد عن نقاط البيع، حيث طرح السكان بشدة مطلب توسيع شبكة الغاز لربط جميع المساكن، ذات الأمر بالنسبة للكهرباء الريفية، حيث مازالت بعض العائلات تقضي لياليها على وقع الشموع والفوانيس، فيما تعتمد عائلات أخرى على الربط العشوائي من خلال نقل الألياف من المناطق التي استفادت من هذه المادة، رغم ما تشكله هذه العملية من مخاطر كثيرة تهدد حياة السكان، وعن التهيئة فهي منعدمة تماما حيث مازالت جميع الأزقة والطرقات ترابية ولا وجود إطلاقا للزفت أو الخرسانة المسلحة بهذه القرية.
منطقة غنية بالمياه الجوفية ولكن..
ولعل الأمر الذي شدّ انتباهنا ونحن نتجول رفقة بعض السكان بين أزقة هذه القرية وجود العديد من الينابيع الطبيعية، لكن السكان طرحوا مشكلة العطش بشدة، مؤكدين أن القرية غنية بالمياه الجوفية لكن تنعدم فيها المشاريع التي تستغل هذه الثروة المائية، حيث أشار أحد أعضاء الجمعية المذكورة أنه بإمكان تشييد نقب مائي واحد فقط للقضاء على أزمة العطش في بلدية بوسلام كلها وليس بتزقين فقط، لكن لا حياة لمن تنادي، وكأن تشييد المشاريع التنموية بهذه المنطقة حرام على حد تعبير أحد الشبان، الذي تأسف كثيرا وهو يروي لنا قصة أمه مع جلب المياه، والتي تتنقل لمسافات طويلة سيرا على الأقدام وتحمل على ظهرها دلاء تقوم بتعبئتها من أحد الينابيع وهي في السبعين من عمرها، حيث يؤكد هذا الشاب أن هذه الحكاية تشترك في نسج خيوطها العديد من النسوة في قرية تيزقين.
خنادق الموت !؟
كشف سكان قرية تيزقين أنهم مازالوا يعتمدون على حفر خنادق عملاقة للتخلص من المفضلات والمياه القذرة، والتي شيّدت بطرق فوضوية وسط القرية، نظرا لغياب شبكة للصرف الصحي تربط مساكنهم، الأمر الذي ينذر بحدوث كارثة بيئية تهدد صحة السكان بأمراض خطيرة، وتتفاقم الخطورة إذا علمنا أن السكان يعتمدون على بعض الينابيع والآبار للتزود بمياه الشرب في المنطقة مع إمكانية اختلاط مياه الشرب مع هذه الفضلات، وبالتالي يناشد هؤلاء السلطات المحلية بتزويد قريتهم بشبكة للتطهير تقيهم من تداعيات الوضع الحالي، والتي لا تنبئ بخير.
سكنات تستوجب النقل الجوي لبلوغها
ورغم مكوثنا قرابة يوم كامل في تيزقين إلا أن هناك العديد من العائلات التي لم نتمكن من الوصول إلى منازلها، كونها تقع في أماكن من الصعب جدا الوصول إليها حتى سيرا على الأقدام، أما التنقل بواسطة مركبة داخل أزقة القرية فذلك ضرب من الخيال، كون أن جميع المسالك مخصصة للراجلين فقط وليست هناك طرقات ترقى للسير على متنها بالمركبات، وقد كشف لنا أحد السكان عن وجود عائلات لا تملك حتى شهادات الميلاد وغير مسجل أفرادها في البلدية والأدهى من ذلك حتى الآباء والأولاد لا يملكان عقد الزواج الإداري أي أن عائلات بكاملها تعيش "حراقة" في وطنها، كونها تعيش تحت الخط الأحمر من الفقر وهم يجسدون بحق صورة البؤساء والمعذبون في الأرض، وكما قال أحدهم، لقد سمعنا بالاستقلال لكننا لم نشاهده في أرض الواقع.
النزوح الريفي الحل الوحيد للسكانتشهد القرية نزوحا رهيبا للسكان نحو المدن الكبرى، الأمر الذي جعل عدد السكان في تناقص مستمر بسبب غياب شبه كلي للتنمية بالمنطقة، وكذا شبح البطالة الذي أضحى هاجس المواطنين، وهو ما دفع قاطنيها إلى الهجرة والتوجه بالدرجة الأولى إلى ولاية بجاية الحدودية التي تعد الأقرب إلى مواطنيها من ولاية سطيف، حيث تأسف بعض السكان الذين مازالوا يكابدون مشقة العيش هناك والحفاظ على وجود الحياة في تيزقين، مؤكدين أن الغالبية الذين هجروها مكرهين أنهكتهم مصاريف الكراء في المدن، خاصة وأن معظمهم من المعوزين والفقراء، وبالتالي يطالبون من السلطات منحهم نصيبهم من التنمية لتثبيت السكان في هذه القرية.
مناصب عمل موسمية والبطالة القاسم المشترك
ينبغي الإشارة إلى أن أغلب سكان القرية من فئة البطالين والقلة القليلة التي أسعفها الحظ للعمل عند الخواص فمن أجل مناصب مؤقتة وموسمية، خاصة تلك المتعلقة بالفلاحة، حيث يتم اللجوء إليهم لجني الثمار، والغريب أن هذه الحرفة تنتشر بكثرة وسط الأطفال، فإذا كانت التنظيمات والتشريعات الدولية تمنع تشغيل الأطفال فأبناء تيزقين ليس لهم خيار إلا ضرب الأرض في الحقول ونوع من الأعمال الشاقة التي جعلتهم من فئة المعذبين في الأرض، وبحسب السكان الذين التقيناهم، فإن هناك طفلا لم يتجاوز سن الثانية عشرة توفي السنة الماضية متأثرا بثقل الأكياس التي كان يحملها على ظهره عندما كان يعمل بأرض فلاحية تابعة لأحد الخواص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.