يبدو أن نشطاء "السترات الصفراء" مازالوا يسعون نحو تحقيق المزيد من المكاسب، عن طريق أداة العنف وإشعال الفوضى فى شوارع العاصمة الفرنسية باريس، خاصة أن تلك الإدارة نجحت فى تحقيق انتصارا مرحليا للحركة الفوضوية، من خلال إجبار الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته على التراجع عن قراره الإصلاحى. كان رئيس الوزراء الفرنسى، قد أعلن أمس الثلاثاء عن تراجع الحكومة على قرارها بفرض ضرائب على المحروقات، وتأجيله لمدة 6 أشهر، متعهدا بمراجعة النظام الضريبى فى بلاده، خاصة وأنها الأعلى من حيث الضرائب التى يدفعها المواطنون على مستوى أوروبا. كما تعهد كذلك بملاحقة دعاة الفوضى والعنف. ولكن يبدو أن لهجة رئيس الوزراء الفرنسى وتهديده بملاحقة المخربين، لم تكن كافية لردع نشطاء "السترات الصفراء"، حيث أصروا على البقاء فى الشوارع، ومواصلة أعمال العنف فى العاصمة الفرنسية، وهو ما ينذر بمواجهات جديدة مع قوات الشرطة الفرنسية فى الساعات المقبلة، إذا لم يتم احتواء الموقف. وقد قام المتظاهرون بقطع الطرق وإشعال النيران فى الشوارع الرئيسية فى باريس، بينما ظهر مجموعة من النشطاء فيما يشبه بالخيام، ولديهم بعض الاحتياجات، كالكراسى والمنضدات، بالإضافة إلى شجرة الكريسماس، بينما ارتدى بعضهم قبعات "بابا نويل"، فى إشارة واضحة لنواياهم الاستمرار فى التظاهر حتى احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة. وكان المتحدث باسم الحكومة الفرنسية بنجامين جريفو قد قال، فى تصريحات اليوم الأربعاء، إن بلاده قد تغير موقفها من ضريبة الثروة فى وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات على سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون. وأضاف الحكومة قد تعيد النظر فى هذه الاقتراحات إذا شعرت بأن الخطوة لا تجدى نفعا. وأضاف "إذا تبين أن الإجراء الذى اتخذناه لا يجدى نفعا وإذا لم تسر الأمور على ما يرام فإننا لسنا حمقى، بوسعنا تغييره". وفى الوقت نفسه، واصلت محطات الوقود إغلاق أبوابها مع استمرار أعمال الفوضى والعنف فى الشوارع الفرنسية، وهو ما ينبئ بأزمة كبيرة فى الساعات المقبلة، حيث بقت لافتات رفعتها المحطات تحمل عنوان "خارج الخدمة"، بينما أظهرت الشاشات الإليكترونية خواء المحطات من البنزين بكافة أنواعه. وظهرت قوات الأمن الفرنسية، فى حالة تأهب استعدادا للتعامل مع التطورات التى تشهدها الاحتجاجات، وذلك بناءا على أوامر من وزارة الداخلية الفرنسية. وأسفرت حصيلة الاحتجاجات التى دخلت أسبوعها الثانى، عن قرابة 120 مصابا، و420 معتقلا بحسب مسئولين أمنين، ذلك بخلاف تعطل مرافق حيوية، وإتلاف وحرق مبانى حكومية وخاصة، وهو ما دفع وزير الداخلية كريستوف كاستانير، لعدم استبعاد اللجوء لفرض حالة الطوارئ. وأغلق محتجو "السترات الصفراء" لقرابة أسبوعين، الطرق عبر فرنسا فى احتجاج ضد زيادة ضرائب الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة، إلا أن الاحتجاجات تزايدت وتحولت لحالة من الكر والفر وحروب الشوارع بين الأمن ومثيرى الشغب، فى أزمة هى الأعنف فى تاريخ ولاية الرئيس الفرنسى الشاب إيمانويل ماكرون الذى تولى السلطة قبل 18 شهرا. وبسبب أعمال الشغب توقفت الملاحة الجوية فى مطار نانت الفرنسى، بعد اقتحامه من قبل أصحاب السترات الصفراء الغاضبين من رفع أسعار الوقود فى باريس.