لم تمنع عمليات التطهير التي طالت الأحزاب عبر التعديلات التي خصت قانون الأحزاب , من استمرار حالة اكتظاظ الساحة السياسية بتشكيلات حزبية في حالة استيداع دائمة و لا تنشط إلا استثناء , نشأ ثلثها تقريبا بقواعد لجان المساندة لنفس البرنامج السياسي , و ما تبقى هو نتاج تشظي و انشقاقات أحزاب أخرى لأسباب تتعلق غالبا بالطموح الشخصي و غياب الديمقراطية الداخلية وعدم التداول على "الزعامة" . و القليل من الأحزاب يشذ عن هذه القاعدة . مما يفسر جزئيا ظاهرة عزوف الشباب عن الانخراط في الأحزاب و اللجوء إلى "الفيسبوك " و مواقع التواصل الاجتماعي , للتعبير عن أفكارهم و ممارسة النضال الاجتماعي في خدمة الغير . و لأن "حزب الفيسبوك " لا يوصل إلى المناصب الانتخابية , يضطر الشباب (و غيرهم)إلى الانخراط الموسمي المناسبتي في بعض الأحزاب طمعا في الفوز بعهدة انتخابية. و من هنا اكتشفت بعض الأحزاب دور و تأثير وسائل التواصل الإلكتروني , فنشأ ت بين الطرفين علاقة تبادل المنافع . إذ يزيد عدد المترشحين الذين أعمارهم دون 40 سنة , عن 43 %, كما يفوق عدد الذين يزيد مستواهم التعليمي عن الطور الثانوي ال 58% , مما يحقن قاعدة الأحزاب بدماء شابة تتقن لغة الداتا وتحسن الإبحار في فضاءات النت و شعاب الشبكات الاجتماعية , إن أحسنت هذه الأحزاب استغلال هذه الثروة بطبيعة الحال . و تشير المعطيات الأولية حول مرحلة الترشيحات لتشريعيات الرابع ماي المقبل استنادا إلى بيانات وزارة الداخلية و الجماعات المحلية , إلى تنافس 63 حزبا على مقاعد البرلمان ال462 , بالإضافة إلى 3 تحالفات حزبية و 163 قائمة للأحرار , إذ بلغ مجموع المترشحين 12.591 مترشحا موزعين على 1.088 قائمة من بينها 797 قائمة بعنوان 63 حزبا سياسيا و163 قائمة حرة بالإضافة الى 128 قائمة بعنوان التحالفات. وكشفت ذات المعطيات أن كل من حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر قدموا قوائم مشاركة ب 52 دائرة انتخابية،كما ذكرت حركة مجتمع السلم المندمجة مع حركة التغيير, أنها شاركت بنفس العدد من القوائم , فيما قدم تحالف الاتحاد من أجل العدالة والنهضة والبناء 49 قائمة، مثله مثل الحركة الشعبية الجزائرية , بينما ذكر حزب العمال أنه أودع 42 قائمة . فيما قدمت جبهة القوى الاشتراكية 35 قائمة " و الأفانا 34 قائمة ,وقدم حزب عهد 54 حسب المصدر ذاته 17 قائمة،و جبهة الديمقراطيين الأحرار 16 قائمة، بالإضافة إلى 13 قائمة قدمها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ,وحزب الكرامة 11 قائمة ، وحزب فضل قدم 6 قوائم. الأحزاب "الكبيرة" تبقى كبيرة على «النت» و إذا استثنينا قوائم الأحرار , نلاحظ أن نصف القوائم المتبقية , هي من نصيب الأحزاب المذكورة آنفا (21 حزبا) بينما يتقاسم النصف الآخر 42 حزبا . و في غياب معطيات موثقة حول تواجد هذه الأحزاب على شبكة الإنترنيت و الشبكات الاجتماعية , اقتصر بحثنا عن مثل هذا التواجد على الفئة الأولى من الأحزاب . و كشف البحث بشكل عام أن الساحة العنكبوتية تشهد حملة انتخابية مسبقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي , من خلال فتح بعض الأحزاب عدة صفحات على النت للانخراط الالكتروني , و تخوض أحزاب أخرى حملة ألكترونية لتجنيد مناصرين جدد تحسبا للتشريعيات المقبلة . بينما توظف أحزاب أخرى الفضاء الإلكتروني في نضالها لإقناع مستعملي النت بطروحاتها و مواقفها الحزبية . غير أن هذا الاستغلال السياسي للنت , يظل محدودا و محصورا في قلة من الأحزاب الكبرى ,و في صوره البدائية ,أي بنقل الصور و الخطابات التي أثبتت فشلها في الواقع المحسوس , إلى الواقع الافتراضي . كما أن الاحترافية غائبة في استغلال هذه الدعائم الالكترونية , بحيث يقتصر على الخدمات المجانية المتوفرة سواء بالنسبة لمواقع النت أو صفحات و حسابات مواقع التواصل الاجتماعي و من أبرزها الفايسبوك و التويتر و غوغل + و يوتوب و انستغرام . فالحزب العتيد "الأفالان" يتوفر على بصمة إلكترونية بكل هذه الشبكات باستثناء غوغل + و انستغرام , و تكاد كل محافظة تستقل بصفحتها على الفايسبوك , و تسعى القسمات إلى حذو حذوها , فضلا عن الصفحات الشخصية للمناضلين و المترشحين و التي أضحت تفتح بوتيرة متزايدة , و بلغ زوار الموقع الرسمي للحزب منذ فتحه في جانفي 2014 , حوالي 19,5 مليون زائر , أما صفحة الفايسبوك الرسمية الحديثة النشأة فتستقطب أكثر من 26 ألف معجب. و تحدد كلمة للأمين العام للحزب مدرجة في الموقع الألكتروني , المكانة التي يخص بها الحزب الشبكات الاجتماعية على النت فتشير إلى أن" أهمية هذه الشبكة العالمية التفاعلية ,الاقتصادية والسهلة الاستخدام, جعلت من حزب جبهة التحرير الوطني سابقا في انشاء قطاع بالمكتب السياسي خاص بالموقع الالكتروني والوسائط تحت إشراف أحد أعضاء المكتب السياسي". و تعدد الكلمة وظائف هذه الوسائط بكونها " فضاءا للتواصل بين قيادة حزب جبهة التحرير الوطني وكل الفاعلين من مناضلات ومناضلين، محبين ومتعاطفين مع حزبنا، وكذلك مع كل شرائح المجتمع التي لها اهتمام بالنشاطات السياسية لبلادنا. نريد من خلال هذا الموقع أن نعبر عن هويتنا الوطنية وأهداف برنامجنا في شتى الميادين السياسية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كي نتمكن من ايصال رسالة حزب جبهة التحرير الوطني الى المجتمع الجزائري وخاصة الشباب .ان هذا الموقع(الالكتروني) وسيلة تسمح لمستخدمي الانترنت للتعرف على اخر المستجدات والنشاطات على الصعيد الحزبي، كما أنه وسيلة للاتصال بين هياكل الحزب من خلايا وقسمات ومحافظات"... و نفس التواجد في الفضاء الأزرق يسجله الأرندي من خلال صفحاته وحساباته على الشبكات الاجتماعية الرئيسية , الفاسبوك و التويتر و اليوتوب , زيادة على الموقع الرسمي على النت , حيث تستقطب صفحة الفايسبوك الرسمية للحزب أكثر من 117 ألف معجب , رغم حداثة إنشائها على أسس صحيحة منتصف العام الماضي , و عزم قيادة الحزب على التركيز على الفضاء الالكتروني من أجل إقناع أكبر شريحة من الجزائريين و من الشباب بشكل خاص لدخول المعترك السياسي من بوابة الأرندي و بالدفاع عن المصالح العليا للبلاد و التصدي لمن يحول المساس بأمنها و استقرارها باستعمال الشبكات الاجتماعية . و هو ما كشف عنه الأمين العام للحزب خلال الدورة الوطنية التكوينية في تقنيات الاتصال على شبكة الانترنيت المنظمة خريف العام الماضي لفائدة مسيري صفحات التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" على مستوى كل قواعد الحزب في كل ولايات الوطن،و التي ركزت على آليات وكيفيات إقناع أكبر شريحة من المتصفحين للانخراط في صفوف التجمع الوطني الديمقراطي، ووضع إستراتيجية تساعد الحزب على الانتشار وجعل الصفحات المروجة للأرندي في كل ولاية وبلدية كما تم خلالها تقديم حصيلة عن عدد المنخرطين إلكترونيا، بعد شهرين من فتح الصفحة الرسمية للحزب، وتكوين المسؤولين على تقنيات الاتصال". أما حركة مجتمع السلم فكانت من أوائل التشكيلات السياسية التي ولجت عالم الانترنيت و وظفت شبكات التواصل الاجتماعي في نشاطاتها الحزبية بشكل احترافي تحت إشراف هيئات الحزب المركزية و القاعدية المكلفة بالإعلام والاتصال , و التي استفادت من الكثير من الدورات التدريبية حول مفهوم الإعلام الاجتماعي و تطور الشبكات الاجتماعية بعد ظهور الويب, وتأثيرها على عمل الحركة ,إضافة إلى شرح أساليب التعامل مع أهم شبكتين اجتماعيتين هما ؛الفيسبوك وتويتر؛ و إجراء تطبيقات عملية عن الفايسبوك كأحد أهم الشبكات الاجتماعية في عصرنا الحالي و فرص استعمالها في النضال الإلكتروني , حيث تم تشكيل عدة فرق مكلفة بهذا النوع من النضال .يتم تداول إنتاجه عبر الموقع الرسمي للحركة و صفحاتها و حساباتها على مواقع الفايسبوك و التويتر و اليوتوب و جوجل+ و انستغرام , و تستقطب الصفحة الرسمية للحركة على الفضاء الزرق أكثر من 48 ألف معجب . بينما تستقطب صفحة رئيس الحركة أكثر من 147 ألف معجب . .. و أحزاب تنفض الغبار عن مواقعها الإلكترونية و ما قيل عن هذه الأحزاب الرئيسية , ينسحب بشكل متفاوت على بقية الأحزاب المتنافسة , التي سارع العديد منها مع اقتراب موعد انطلاق الحملة الانتخابية إلى فتح صفحات رسمية أو إعادة تفعيلها وتحيينها على الشبكات التواصل الاجتماعي حيث وجدت فيها الأداة الأكثر سرعة والأقل تكلفة في التواصل مع المناضلين و مع الهيئة الناخبة بجميع شرائحها, و لا سيما فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة, و يشكلون لوحدهم 70 % من مستخدمي الفايسبوك في المنطقة العربية حسب بعض التقديرات. و رغم مراهنة الأحزاب على منصات التواصل الاجتماعي لتنشيط حملاتهم الانتخابية , غير أن استغلال هذا المنبر لنقل نفس الخطاب و الصور و النشاطات الحزبية التي نفرت الشباب من الاهتمام بالسياسة و السياسيين , قد ينتج أثرا عكسيا لعدة اعتبارات منها أن الانتخاب ليس نشاطا افتراضيا و إنما هو فعل واقعي يتطلب جهدا لم يتعود عليه القابعون وراء حواسيبهم او هواتفهم , كما ان التقديرات التي تشير إلى أن مستخدمي الفايسبوك في الجزائر يقارب 17 مليون مستخدم تحتاج إلى دراسة حول عدد الأعضاء النشطين و تحديد فئاتهم العمرية و اهتماماتهم حتى يكون الفايسبوكيون مفيدين كناخبين محتملين . ذلك ان تقديرات أخرى تشير كذلك إلى أن أكثر من 72 % من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي يستعملون هويات غير حقيقية ,و أن استعمال هذه الشبكات في المسائل السياسية بشكل عام لا يتجاوز 8% , و لذا يبقى تأثيرها محدودا في السياسة و حتى في قضايا أخرى يقتصر مفعولها "على أفعال و ردود افعال " في العالم الافتراضي , باستثناء بعض الحملات ذات الطابع الخيري التضامني مع حالات اجتماعية التي اثمرت مساعدات مالية و عينية للمستفيدين .