شدت أغلب التشكيلات الحزبية، التي قررت دخول غمار الانتخابات التشريعية المقررة في 10 ماي المقبل، الرحال ليس إلى الساحات العمومية أو المقاهي حيث تكثر تجمعات المواطنين من مختلف الفئات والأعمار بل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، أياما قبل انطلاق الحملة الانتخابية في خطوة منها لاستمالة أصوات «القوة الشبابية النائمة» التي رفضت في مختلف المناسبات الانتخابية السابقة منح أصواتها لمترشحين رأت فيهم عدم الكفاءة، وقررت المقاطعة ليس من باب رفض أداء الواجب الوطني، وإنما كعقاب لهؤلاء على اختزال وجودهم في وعود سرعان ما تختفي باعتلاء كراسي قبة البرلمان. يبدو، أن قدرة المواقع الإلكترونية على تغيير الأنظمة الحاكمة في بعض الدول العربية، حركت أطماع الكثير من رؤساء الأحزاب والمسئولين السياسيين، الراغبين في إدخال تغيير على تركيبة المجلس الشعبي الوطني، وأيقظت فيهم الرغبة في استغلال كل ما هو تكنولوجي في سبيل تحقيق هذا الهدف أسوة بالإخوة العرب، الذين نجحوا إلى حد ما في تغيير المشهد السياسي ببلادهم بعد نضالات كانت أكبرها على مواقع التواصل الاجتماعي كالفايسبوك، التويتر، اليوتوب، وغيرها من مواقع الشبكة العنكبوتية، التي لا يتطلب الولوج إليها سوى الضغط على كبسة زر بجاهز كمبيوتر موصول بالانترنت. ولعل، ما يكون قد ضاعف رغبة هؤلاء في استغلال شبكة الانترنت، كوسيلة إعلامية يستفيد منها المرشحون والأحزاب السياسية في الحملات الانتخابية، تعاظم عدد المنخرطين فيها، إذ تشير آخر الإحصائيات حول مشتركي موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» في الجزائر، إلى ارتفاع عدد المشتركين مع نهاية عام 2011 إلى 8 . 2 مليون مبحر، وذكرت أرقام واردة عن منظمة إحصائيات الانترنت العالمية أن الجزائر تحتل المركز الخامس إفريقيا في نسبة مستخدمي الفايسبوك بمعدل 8 . 2 مليون مشترك بعد المغرب بواقع 1 . 4 مليون مشترك، وقبل تونس بنحو 7 . 2 مليون مشترك مع نهاية 2011. ويقول العارفون، بخبايا هذه الوسائل الحديثة، أنه كلما توسع عدد المنخرطين في هذه الشبكة كلما تعاظم دورها واشتد الرهان عليها لاستقطاب أكبر شريحة مهمة من الناخبين يصعب إقناعها بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، ونعني هنا الشباب، فهذه الوسيلة توفر فرصا كبيرة للاتصال، وتوظف فيها كل الإمكانيات بالصوت والصورة والكتابة، فضلا عن الحوارات التفاعلية التي تفتحها مع الزائرين للمواقع الإلكترونية. عدة صفحات والهدف تطبيق إستراتيجية جديدة أشهر قليلة، قبل انطلاق الحملة الانتخابية، كانت العديد من الأحزاب السياسية، قد حجزت لها أماكن بأكثر مواقع التواصل الاجتماعي استعمالا من قبل الجزائريين «الفيسبوك»، فأنشئت صفحات خاصة بها، حملت شعار الحزب، أهدافه ومبادئه، وجندت لأجل ذلك مختصين في عالم التكنولوجيات الحديثة، لإظهار صفحتها في أحسن حلة بهدف استقطاب آلاف المبحرين في المواقع الإلكترونية. ورغم إختلاف توجهاتها، وانتماءاتها السياسية، وعمرها النضالي، إلا أنها اتفقت على دخول العالم الافتراضي، وتبني إستراتيجية إعلامية جديدة، من شأنها إزالة ذلك الجدار الذي يفصلها عن فئة الشباب، فإذا ما أخذك الفضول ووضعت في خانة البحث اسم حزب من الأحزاب المعتمدة في الجزائر سواء القديمة منها أو الجديدة، إلا وظهرت لك صفحة كاملة تحمل معلومات عن الحزب الذي تبحث عنه، فتجد صفحة خاصة بحزب جبهة التحرير الوطني، حزب التجمع الوطني، حركة مجتمع السلم، الجبهة الوطنية الجزائرية، جبهة التغيير، حركة الإصلاح، وغيرها من الأحزاب، التي تمكنت من اكتساب العديد من الأصدقاء والمتعاطفين، تجاوزت عند البعض الألفين مشترك، على غرار صفحة حزب جبهة التحرير الوطني وانتخابات 2012، وصفحة حركة مجتمع السلم، وحزب العدالة والتنمية لمؤسسه عبد الله جاب الله. غير أن الملفت للانتباه أن هذه الأحزاب لم تستغل هذه الوسيلة كما يجب، حيث تجد صفحاتها تفتقر إلى إستراتيجية محددة الأهداف يمكن أن تستميل وتستقطب زوارها، فأغلب تلك الصفحات تحولت إلى فضاء للتراشق بالكلمات، ونشر الإشاعات، ما بات يقلل من أهميتها، فيما فضل البعض الآخر التركيز على صور قيادة تلك الأحزاب، ونشر أهم نشاطاتها المنظمة على المستوى الوطني والمحلي، واهتمت فئة أخرى بالدعوة إلى المشاركة في الانتخابات المقررة في ال10 ماي المقبل، من خلال نشر صور تحث على ذلك مثلما فعل الحزب العتيد، أو نشر رسائل صريحة تطالب الشباب خاصة بإحداث القطيعة مع الممارسات السابقة والتوجه إلى صناديق الاقتراع للتعبير عن رأيه، واثبات وجوده، وألا يترك الآخرين يقررون مكانه، مثلما تطالب به «الأفانا» على صفحتها. واقع يجب التعامل معه يقول المكلف بالإعلام في حزب الحرية والعدالة مصطفى هميسي، ل«الشعب» أن التواصل على الشبكة العنكبوتية ليس اختيارا بل واقعا يجب التعامل معه، موضحا أن الوعاء الانتخابي الذي يمثله هذا الفضاء مجهول، لكن يجب استغلاله لتحسيس الشباب بأهمية العمل السياسي، عن طريق نشر خطاباتنا السياسية في هذه المواقع، لعل وعسى يمكن إقناعه بما عجزنا عنه في التجمعات والتظاهرات. وكشف هميسي، أن حزب الحرية والعدالة استنجد بفريق فني من الشباب، لتنشيط صفحة الحزب على الفايسبوك، ونشر كل الوثائق والردود على الأسئلة الواردة من قبل زوار الموقع.