قدم البروفيسور أحمد جبار، أستاذ بجامعة ليل الفرنسية، و الوزير الأسبق للتعليم العالي والبحث العلمي، و للتربية الوطنية، أمس بكلية الحقوق و العلوم السياسية لجامعة وهران 2 محمد بن أحمد، محاضرة حول العلوم في البلدان المسلمة من خلال التراث و الابتكار والانتشار، خلال الفترة الممتدة مابين القرن الثامن و الخامس عشر ميلادي، حيث استعرض في البداية أهم العوامل التي ساهمت في تأسيس و ميلاد تقاليد علمية جديدة، بمنطقة البحر الأبيض المتوسط الواقعة بالمشرق العربي، ثم المصادر القديمة، لاسيما في بلاد الرافدين، و لدى الدولة الفارسية و الهندية و اليونانية، و كلها دول يقول المحاضر ساهمت في تغذية و إثراء هذه التقاليد، التي عبرت عنها على امتداد قرون من الزمن، باللغة العربية، التي كانت اللغة العالمية للعلوم، و كلها عناصر جعلت من فضاء البلدان الإسلامية، أقوى قوة إقتصادية عالمية. كما أوضح أحمد جبار أن النحو و اللسانيات والشكل لم تكن موجودة كعلوم قائمة بذاتها قبل الإسلام ، عكس العروض، موضحا هنا أن الشعراء كانوا ينظمون القصائد، دون معرفة قواعد الشعر، بل كانوا يقومون بذلك عن طريق الفطرة، غير أن كل هذه العلوم يضيف المحاضر لم تتطور إلا مع نهاية القرن الثامن. من جهة أخرى استعرض بروفيسور الرياضيات و الباحث في تاريخ العلوم أحمد جبار خلال هذا اللقاء العلمي، المراحل الرئيسية لتطور العلوم، داخل بيوت الكثير من علماء الإمبراطوري الإسلامية، ضمن فضاء جغرافي محدد يضم الهلال الخصيب، أي سوريا و لبنان و فلسطين و الأردن و العراق، ثم آسيا الوسطى و الأندلس و الدول المغاربية بامتداداتها الإفريقية، حيث تم ذكر و توضيح خلال تلك الحقبة الغابرة، عن طريق البيانات والمخطوطات، الإسهامات الكبيرة و المعتبرة لعلماء تلك الحضارة في مختلف الميادين والمجالات. أما المرحلة الثالثة و الأخيرة، فتتمثل في عرض العناصر المعروفة، المتعلقة بظاهرة الحركة الجزئية حول المتوسط، ابتداء من القرن الحادي عشر، للجامعات العلمية اليونانية و العربية، وأيضا الملكية الجزئية لهذه المعرفة، في الهند و الصين خاصة في أوروبا، التي خلقت شبكة تجارية دولية، تعتبر أول و أكبر سوق في تاريخ البشرية، مضيفا في سياق متصل، أنه يستحيل تطوير أي شيء، إذا لم تمتلك المجتمعات و الشعوب، المحركات اللازمة من أجل الإقلاع سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي، أو الثقافي والعلمي.