نشط صباح أمس الدكتور في جامعة "ليل1" الفرنسية والوزير الأسبق أحمد جبار، محاضرة حول "مرحلة الجغرافيا العربية" بمقر "كراسك" وهران، تطرق فيها إلى دور العرب في تطوير واكتشاف علم الجغرافيا، حيث صرح أن الكثير من العلماء في ذلك الوقت المزدهر للحضارة العربية، أسسوا لقاعدة علمية جغرافية، لا تزال إلى اليوم تذكرها كتب التاريخ، وأضاف البروفيسور أحمد جبار، أن الخرائط التي كان يعدها مختلف العلماء العرب في تلك الفترة، كانت دقيقة وقريبة جدا من الواقع، مبرزا دور الكثير من الخلفاء لاسيما العباسيين منهم، في الاهتمام بهذه العلوم التي كانت مرادفا للرقي والتطور الذي بلغه العالم الإسلامي وقتذاك، منها بالخصوص خريطة المستنقعات التي طلبها الخليفة العباسي المنصور قبل 775 م، وخريطة العالم التي أعدتها مجموعة من علماء الفلك بطلب من الخليفة المأمون قبل سنة 833م، ومن بين العلماء البارزين، الذين دونوا مؤلفات في الجغرافيا نذكر على سبيل المثال لا الحصر، ثابت بن القرى في كتابه (صفة الدنيا) والخوارزمي الذي أنجز أقدم خريطة لمصر، فضلا عن خرائط حول دليل القبلة، ولم يخف دور الحضارتين اليونانية والفارسية في تطوير العلوم العربية، منها خرائط المأمون التي كانت عبارة عن تركيب بين تلك التي أعدها الإغريقيون والفرس، موضحا أن علماء الجغرافيا العرب، كان لها قصب السبق في الكشف عن كروية الأرض، واستعمال الكثير من المفاهيم العلمية في التحدث عن المناطق والجهات، على غرار كلمة "إقليم" يونانية الأصل، هذا دون أن ننسى تطوير مسافات السواحل، رسم الجزر الموجود في البحر الأبيض المتوسط، إضافة أقاليم لم تكن معروفة عند اليونانيين، ولم يقتصر دور العلماء العرب في الجغرافيا الطبيعية، بل أنهم تطرقوا إلى الجغرافيا الإدارية على غرار كتاب "المسالك والممالك" لعبيد الله بن خرداذبه أبو القاسم، في القرن التاسع الهجري، ناصحا الطلبة والباحثين بتعلم كيفية البحث في الأنترنت، حيث أنه حتى طريقة البحث تسهل لهم العثور على الكتب والمراجع التي يحتاجونها في بحوثهم . كما ابرز البروفيسور أحمد جبار أن كتاب "المسالك والممالك لابن خرداذبه، تحدث عن 3 محاور منها الضرائب، مسارات الرحلة...إلخ، معرجا على أهمية هذه الكتب في الكشف عن الرحلات التي كانت تقام إلى الصين والهند، ووصف جميع ما شاهدوه من عجائب وغرائب، على غرار أعمال الجغرافي الموسوعي الكبير المقريزي، وابن رته صاحب "الأعلاق النفيسة" وابن الفقيه مؤلف "كتاب البلدان" والمسعودي "مروج الذهب"، وفي مجال جغرافيا المقاطعات نذكر على سبيل المثال لا الحصر، البلخي مؤلف "صور الأقاليم" الاسترخي وغيرهم من الباحثين الجغرافيين الكبار، ليتحدث بإسهاب عن شخصية العالم الجغرافي "الإدريسي" الذي رسم بشكل دقيق خريطة العالم، بطلب من أحد الملوك المسيحيين، في سنة 1165 م أي في القرن ال12 ه بالتقريب. ليبرز في محاضرته، كيف أن العلم والبحث كان له دور كبير في تطور الحضارة العربية وتمدد الإمبراطورية الإسلامية التي كان يضرب بها المثل في تمجيد العقل وتوثيق الرحلات والأسفار بشكل أدبي وسدري جميل دون إدخال العاطفة والاحاسيس التي تشوه كتبهم التي ألفوها وقتذاك للبشرية جمعاء .