بعيدا عن ما يتكرر من مواضيع حول انتشار الأوساخ و القمامات بمدينة وهران و عن أسبابها و نتائجها على البيئة و المحيط نتناول هذه المرة الموضوع من زاوية أخرى تخص محتوى حاويات القمامة أو بمعنى آخر ماذا ترمي الأسرة الوهرانية في رمضان أو ماذا يصادف عامل النظافة في أطنان الأوساخ و النفايات المنزلية التي تجمع يوميا، و الحديث هذه المرة كان مع هذه الفئة من الرجال الساهرين على جمع كل ما يُرمى خارج البيوت النظيفة. الحصول على عامل نظافة للتكلم معه لم يكن أمرا سهلا و كان ذلك يستدعي منا ترقب شاحنات جمع القمامة للالتقاء بالعمال و عندما التقينا بإحدى شاحنات النظافة صباحا وهي بصدد القيام بمهمتها بحي اكميل كان من الصعب تعطيل العمال كونهم ملتزمين بوقت محدد لتغطية قطاع سكني كامل حيث أنهم يتنقلون في عجالة إلا أننا استوقفنا موسى بعض الوقت وهو شاب في العقد الثالث من العمر يعمل بشاحنة جمع النفايات الذي توجهنا إليه مباشرة بالسؤال عن محتوى حاويات القمامة التي يقومون بتفريغها في الشاحنات يوميا في شهر رمضان، و تكلم موسى بإسهاب و كأنه يحمل هما كبير قائلا أن كل ما يستعمله الجزائري يرمى و أكثر ما يصادفهم في شهر رمضان الكريم هو بقايا الأكل و تأسف لذلك قائلا أن التبذير وصل إلى حد رمي "النعمة" في الوقت الذي تفتقد العديد من العائلات إلى وجبة ساخنة بعد يوم من الصيام. أطباق كاملة وفواكه في أكياس القمامة في أكياس النفايات المنزلية ترمى الكثير من المواد الغذائية التي غالبا ما تكون صالحة للاستهلاك -حسب المتحدث فزيادة على رمي بقايا أطباق من مختلف المأكولات و هي الظاهرة التي تسجل فقط في رمضان تفرغ في المزابل يوميا كميات كبيرة من الفواكه التي تفسد بسبب التخزين و في بعض الأحيان ترمى نتيجة نضجها الزائد خاصة الفواكه الموسمية مثل الخوخ و المشمش و البطيخ، هذا فضلا على رمي الخبز و أوضح موسى أن هذه المادة أصبحت تجمع في كثير من الأوقات من قبل باعة الخبز اليابس الذين يتوجهون قبل عمال النظافة إلى المزابل من اجل التفتيش عنه و جمعه لإعادة بيعه و هذا ما وفر علىهم وضع الخبز وسط القمامة. و من ضمن ما يرمى من قبل العائلة الوهرانية أيضا بقايا المواد المعلبة مثل التونة و المايونيز و الطماطم المركزة و كذا الخضر الفاسدة و حتى الحلويات مثل الشامية و الزلابية و القائمة طويلة يضيف موسى أنهم من القمامة يمكنهم معرفة ماذا يأكل سكان كل منطقة و غالبا تكون الأطباق التي تطبخ في رمضان على رأس القائمة بقايا الزجاج و الفخار خطر لا تملك الجزائر عموما ثقافة فرز النفايات المنزلية و هو الإشكال الذي يواجهه عمال النظافة يوميا حيث ترمى بشكل عشوائي بقايا الزجاج و الفخار مع باقي القمامة ما يعرض العمال إلى جروح مختلفة على مستوى الأيدي و الأرجل نظرا لعدم الانتباه لوجود مواد حادة مثل الزجاج وسط كيس القمامة و هذه السلوكات اللامسؤولة للمواطن تعتبر إساءة غير مباشرة لهذه الفئة الناشطة في صمت التي تتحمل كل ما يبدر من السكان من أوساخ و عدم احترام و إساءة لفظية و معنوية و احتقار كبير و ذكر الشاب موسى في هذا الصدد أن درجة الوعي في مجتمعنا المسلم لم تصل لتستوعب معنى أن النظافة من الإيمان و الوسخ من الشيطان و ان احتقار عامل النظافة الذي يناديه البعض ب«الزبال" هو جزء من ثقافة التخلف البعيدة عن الدين و الأخلاق و التربية. و أضاف المتحدث أيضا أن وهران بالفعل تغرق في القمامات لكن ذلك ليس تقصيرا او إهمالا من عمال النظافة و ليست هذه الأخيرة مهمتهم وحدهم و إنما المذنب الأول و المسؤول على صور الاوساخ المنتشرة في مختلف المناطق بالمدينة هو المواطن الذي لا يحترم أوقات مرور الشاحنة من جهة و يرمي أكياس الزبالة بطريقة عشوائية و كل ذلك يعكس أساليب العيش من اسراف و تبذير و رمي كل ما يتبقى من الطعام و عدم الاهتمام السكان بمحيطهم و البيئة.