ورثت" مشيخة " التلحين عن المرحوم بلاوي الهواري بوثائق رسمية ضرورة انجاز أستوديو لتسجيل أعمال المشاركين في التظاهرة لا يزال المايسترو قويدر بركان يعانق اللحن الوهراني بعد مسيرة قاربت أكثر من 40 سنة، رافق خلالها أصواتا عالمية و كوّن مواهبا شابة من أجل ترقية الأغنية الوهرانية الأصيلة التي باتت مهددة بالاندثار وسط الزخم الرايوي، فبعد سنوات حقق قويدر حلم إنشاء جوق موسيقي أطلق عليه "فرقة الباهية " في انتظار تحقيق حلم آخر يتعلق بإنشاء مدرسة و أستوديو خاصين بالأغنية الوهرانية، لتأمينها من الدخلاء و الانتهازيين، إلى جانب تفاصيل أخرى حول مساره الفني و واقع التراث الوهراني تابعوها حصريا في الحوار التالي : + هل تلقيتم دعوة للمشاركة في مهرجان الأغنية الوهرانية ؟ أجل تم استدعائي من قبل محافظة المهرجان لتنشيط السهرات لكن تخلينا عن الفكرة بسبب أتعاب الموسيقيين التي لم ترتق إلى مستوى الجهد المبذول في التدريبات و تقديم الحفلات الخاصة بالفنانين و المرشحين من خلال أغاني جديدة مقارنة بالمهارات الكبيرة التي يتم تقديمها من أجل الارتقاء بالأداء الموسيقي في العزف ، لهذا رفضت الفرقة تنشيط المهرجان ، أضف إلى ذلك أني جد خائف من ضياع المهرجان من أيدينا، لأنه مكسب حقيقي لمدينة وهران بسبب بعض التصرفات العشوائية ، فرغم احترامي الكبير للسيدة محافظة المهرجان، إلا أن هذه التظاهرة تحتاج إلى محافظة قوية تحافظ عليه وتطالب الوزارة بتوفير غلاف مالي كاف، لانجاز أستوديو خاص بالإنتاج والتسجيل، عبر شراء الأجهزة و الاعتماد على أشخاص مختصين في الصوت و توزيع الأغاني و ملحنين و كتاب، وهذا شرط أساسي لإنجاح مهرجان الأغنية الوهرانية والحفاظ على الرسالة التي تركها المشايخة، من خلال توفير الإمكانيات المادية اللازمة عوض أن تصرف المبالغ في جوانب ترفيهية فقط .كما أن عودتي إلى وهران في السابق اقترنت بأول طبعة للمهرجان سنة 2008 ، ولحد اليوم لازلت أحمل أملا لتطويريه وترقيته ،ليستعيد مكانته مثل السابق ،فتجربتي مع مهرجان الأغنية الوهرانية ، مكنتني من مساعدة بعض الشباب الهواة الراغبين في انتهاج هذه المسيرة . + لماذا فقدت الأغنية الوهرانية مكانتها وجمهورها حسب وجهة نظرك ؟ جمهور الأغنية الوهرانية معتبر جدا وهذا بسبب القطيعة التي حدثت خلال العشرية السوداء، حين توقف الإنتاج والإبداع اللذان يعتبران أساس ترقية الفن و الطبوع الغنائية، حيث هاجر الكثير من المطربين في حين فارق البعض الآخر الحياة ، و لولا المهرجان لما استطاعت وهران أن تستعيد طابعها الأصيل، لكن هذا غير كاف بل يتطلب تضافر جهود الجميع لتمكين هذه المواهب من تطوير الأغنية الوهرانية كتوفير أستوديو خاص لتسجيل أغانيهم. . + سمعنا أنك ورثت " مشيخة " التلحين من المرحوم بلاوي الهواري، فهل هذا صحيح ؟ فعلا لقد ورثت مشيخة التلحين عن بلاوي الهواري رحمه الله، و هو من أعطاه لي و بوثائق رسمية لا تزال موجودة عندي، فعندما التحقت كعازف على الكمان بفرقة الإذاعة والتلفزيون التي كانت تحت إشرافه من 1976 إلى غاية 1984، وحين ذهب الأستاذ الراحل بلاوي لأداء مناسك الحج ثم بعد ذلك تقاعد توليت قيادة الفرقة بقرار رسمي من المديرية العامة للتلفزيون، ، واستمر الوضع هكذا لغاية دخول الجزائر في دوامة الإرهاب مع بداية التسعينات، حينها تفرق عناصر الجوق ، وهاجرت أنا إلى فرنسا، و للعلم كانت أول تجربة لي في التلحين مع أغنية "دمروني العشاق" للمطربة مليكة مداح المتواجدة حاليا في ديار الغربة والتي شجعني عليها، كما لحنت أيضا للمرحومة صباح الصغيرة، الشاب مامي، حسني وعملت مع الشاب خالد وغيرهم، ولقيت هذه الألحان والأغاني رواجا كبيرا حينها ،كما عملت كثيرا مع شيخنا المرحوم خاصة في الطابع الوهراني . + نشطت فرقتك مؤخرا مع ديوان الوطني للإعلام والثقافة عدة حفلات ، حدثنا قليلا عن الأمر ؟ نشطنا 12 حفلة مع الديوان الوطني للإعلام والثقافة في الغرب الجزائري، رفقة وجوه فنية معروفة، لكن هذا لا يكفي لأن أغب أفراد الجوق يعيشون من مداخيل هذه الحفلات فقط، ومن المستحيل أن يعيش الموسيقي سنة كاملة فقط من هذا النشاط ، فهذا غير كاف، لهذا أجد نفسي مضطرا للذهاب إلى العاصمة من أجل البحث عن حفلات أخرى تنشطها الفرقة، حتى تكون هناك حركية لأننا نواجه إشكالا حقيقيا، وفي هذا الصدد أطالب من المسؤولين و على رأسهم والي ولاية وهران ، أن يوفروا للفرقة المتكونة من 25 موسيقيا دخلا بسيطا، كما كان في عهد الوالي السابق عبد القادر زوخ ، عندما أبرمت الولاية معنا اتفاقية، و كان المرحوم بلاوي الهواري راعيها الروحي، وكنت أنا رئيس جوقها ، إذ كنا نقوم بالتدريبات في قاعة تابعة لأحمد معواد ، وقد استمر هذا المشروع إلى غاية رحيل زوخ ، لكن القرار توقف لوحده دون إلغاء للاتفاقية الرسمية، لذا أتمنى أن يعاد تفعيلها من جديد من قبل السلطات ، فهؤلاء الموسيقيون جزء لا يتجزأ من مدينة وهران . + ما هو جديدك الفني ؟ كنت أنتجت كعازف كمنجة ألبوما مع دار" لازار" تحت عنوان " البلاط" ، وهو عبارة عن جولة موسيقية عبر العالم العربي، و أنا بصدد التحضير للجزء الثاني ،لكن للأسف صاحب الدار تخلى عن سوق الفن، وأصبح رجلا سياسيا، و أكيد سأبحث عن من ينتجه ،كما أنه في الفترة الأخيرة و خلال مدة 10 سنوات، استطعت أن أكوّن فرقة "الباهية" التي تعرف عليها الجمهور الوهراني و الوطني على مستوى المهرجانات والحفلات التي أقيمت منذ 2008 إلى يومنا هذا ، حيث كان هدفي تكوين فرقة متنوعة الخدمات ، تعزف كل الطبوع الموسيقية من شرقي، المغربي ،الوهراني و كل الطبوع الأغنية العربية بصفة عامة غيرها. وأخذ ذلك مني وقتا كبيرا من أجل يكون لهذا الجوق سمعة وطنية، أما عن جديدي الفني كملحن ، فأنا أشتغل على تحضير" ماكات"ما بين 30 و 40 لحنا جاهزا ، تحتاج فقط إلى التمويل للانجاز، علما أنه كان هناك مشروع مع فلة عبابسة لكن توقف بسبب انعدام منتج منفذ يتحمل الأعباء المادية. ونفس الشيء مع أصوات أخرى مثل العربي التومي، و بوسماحة محمد من سيدي بلعباس ، و حريق كريم من مستغانم وغيرهم من أجل انجاز أغاني تصب في فعالية مهرجان الأغنية الوهرانية، و يبقى الإشكال موجود دائما في ممول يتكفل بهذه المشاريع، و يدفع أتعابا لصاحب الكلمات و المغني و الجوق . + في اعتقادك هل يوجد خلف للراحلين وهبي و بلاوي ؟ توجد أصوات متميزة و شابة و إرث وهبي و بلاوي و بن زرقة و أحمد صابر مدون و محفوظ عندي و أنا أحافظ عليه ، و من أجل استمراريته يجب أن يكون هناك قرار حكومي و إرادة سياسية ايجابية سواء كانت محلية أو على مستوى الوزارة من أجل الحفاظ على هذا الإرث الطربي ، فمن جهتنا نحن مهيكلون ومنظمون لأمورنا، و حتى الجديد الذي اشتغلت عليه أنا و زملائي الملحنين هو مكتوب و حاضر، لكن ينقصنا الإطار القانوني الذي نعمل من خلاله، إذ تتم دعوتنا فقط في موسم الصيف للترفيه و إقامة حفلات فنية بحكم وهران مدينة سياحية، وهذا ليس بحل صراحة ، بل يجب إيجاد الفكرة الجيدة من أجل إكمال الرسالة التي تركها لنا بلاوي و أحمد وهبي لمواصلة الدرب و تقديم أغاني جديدة في نفس القالب الذي تركه الأولون بالعمل مع أصوات جديدة ظهرت، و برزت عن طريق مدرسة ألحان وشباب . + ألا تلاحظ أن الكثيرين نسبوا لأنسفهم هذا الإرث الوهراني ؟ تفشت هذه الظاهرة في الوسط الفني، فبعض الأشخاص يريدون تقمص تاريخ ليس بتاريخهم ، و ينسبونه لأنفسهم كمعرفة وهبي و بلاوي و غيرهم ، أنا شخصيا خائف من الكذبة التاريخية، لذا على الإعلام التحقق من المعلومة قبل توثيقها لأنها معلومة ستسجل للأجيال القادمة، فوهران عندها أولادها المخلصين ، وقبل أن تكون الأغنية الوهرانية محلية هي جزائرية قدمها أحمد وهبي و بلاوي و أتمنى التعاون مع كل الذين يشرفون على هذا القطاع من أجل الحفاظ عليها و تطويرها .