«إن رواية تاء الخجل للكاتبة فضيلة الفاروق تحريض علي عرض واقع المشهد الأنثوي في صورة ديكورية ,تتخذ ألوان الدماء المرتبطة بالموروث الإنساني التي عرفتها الديانات القديمة عتبة لها وتنطوي دلاليا علي الحرف الأبجدي التاء المربوطة الذي يمثل صندوقا مغلقا علي الذات الأنثوية التي تشكل دال الحبس والانفراد"رفيقة محمد خطاب الرواية النسوية المعاصرة ص 445 . «تاء الخجل" رواية للكاتبة "فضيلة الفاروق" والتي أثارت ضجة كبيرة في مجتمع ذكوري منغلق,وهو موضوع الفتيات المغتصبات إبان العشرية الحمراء وهو النقطة السوداء التي لم يتجرأ احد علي تناوله فظل المحظور والمسكوت عنه في منظومة اجتماعية تحيط الرجل بالحصانة المطلقة وتٌقزم المرأة إنسانيا واجتماعيا وفكريا .الرواية مغلفة بسردٍ تصويري لدرجة أن تتخيل انك تشاهد جميع أحداث الرواية كما لو كنت تشاهد فيلما سينمائيا .تكون بطلتها خالدة بمقام الراوي فتتدرج الأحداث بسلاسة وانسيابية وهي نموذج المرأة المثقفة والمتحررة من براثن التدجين والتقاليد والتي تعرض جوانباً من طفولتها ومراهقتها في بيت العائلة "بآريس" وتفاصيل عن نسائه ونظامه الخاص بتصنت الدائم علي أفراده وكيف أنها كانت العنصر الشارد من هذه التركيبة العائلية القاسية والمتحجرة وبعض المشاهد من قصة حب حكم عليها بالفراق لتزايد الضغوطات علي خالدة وتداخل الإحداث في تلك الفترة : «كثيرا ما إختبأت في الزوايا المظلمة وتسللت إلي غرف نومهن التي يمنع علي الأطفال منعاً باتاً اقتحامها .اختبئ تحت الأسرة وأصغي إليهن.'ص15 ، "كان يجب ان نتواجه حين قررت أن أهجرك تماما ,كان يجب أن تسألني ,أن تطلب مني توضيحا ,أن تعتذر عن ذنب لم تشعر انك ارتكبته لكنك رجل من برج الثور معطاء في الحب شحيح في الاعتذار"ص 17 ، تمكنت خالدة من كسر طوق الظلام والانغلاق فتفوقت في دراستها وتخرجت من كلية الإعلام صحفية والتحقت بإحدى الصحف المكتوبة التي أوكلت إليها مهمة عمل تحقيق صحفي حول الفتيات المغتصبات من عناصر الجماعات الإرهابية في سنة 1994 والمتواجدات في المستشفي الجامعي بقسنطينة.تستعرض حكاية يمينه الفتاة ألأوراسية التي اختطفها الإرهابيون واغتصبوها بوحشية لمرات متتالية واخلي عنها أهلها في المستشفي لأنها العار الذي سيظل يلاحقهم ورزيقة التي كانت احدي سبايا الأمير فقاومته لحد ان خدشت وجهه لكنهم تمكنوا منها وتركوا في أحشائها ثمرة قذارتهم .رفض الطبيب إجهاضها بحجة أن التحقيق لم ينتهي فما كان أمام الفتاة إلا الإقدام علي الانتحار لوأد هذا العار وبأيام لحقتها يمينة بعد أن تمكن منها الموت فكانت خيبة ثقيلة لخالدة التي تفاءلت بأنها ستعيش بعد أن أشعلت في روحها قنديل الحياة :«وحدهن المغتصبات يعرفن معني انتهاك الجسد وانتهاك الأنا,وحدهن يعرفن وصمة العار ,وحدهن يعرفن التشرد والدعارة والانتحار وحدهن يعرفن الفتاوي التي أباحت الاغتصاب "ص 57 . "تاء الخجل" المروعة في تفاصيلها والجريئة في طرحها بفضحها للقانون المتساهل والمستهتر مع هذه الجريمة البشعة وتعريتها لسوءة مجتمع غارق في الازدواجية بدافع العار الذي يدفعهم لتخلي عن فلذات أكبادهن إلي الشارع والانتحار ومواخير الاتجار بالجسد."فضيلة الفاروق" لم تقدم سردًا عشوائيا عن إنتهاكات تعرضت لها المئات من النساء بل توثيقا عن مرحلة مروعة فاقت كل مراحل الاستغلال والاضطهاد لنساء عبر التاريخ ومسائلة لنظم القانونية المجحفة في عقاب المجرم والعوائل التي تتبرأ من بناتها تحت غطاء الشرف .