رسالة الفن في نظره عميقة، حزينة تمثل المأساة أكثر من الملهاة ،يقول شارلي سوساي :" الفن هو ما يجد المتلقي في ثناياه وجهه ..وجه وطنه. هويته ...حبيبته... حزنه الليلي..دمعه و وحدته" .. و يعتقد أن هذا الجيل بعيد جدا عن الصورة الحقيقية للفن، ترى عن أي عطاء يتحدث من يغني عن رقصة لا تكتمل سوى بهلوسات مخدرة أو غيرها ، يتساءل شارلي و يؤمن كل الايمان أنّ انفصام الفن عن رسالته الأزلية يجعل كل شيء يبدو مثل حلقات كوميديا مملة ... سخرية لملء الفراغ ...السطحية ،اللامبالاة ، الاستهزاء بالقيم ، الربح السريع... ثم يقول بندم : " هذا ما يطبع أيامنا لكن هذا الجيل ضحية أيضا لأن جيلي تواصل معه من على بعد ألف ميل ...فكيف كانا ليلتقيان ؟؟ " . و حين سألته عن الفرح ... يصمت كثيرا قبل أن يجيب ، هل يبحث الفنان عن الفرح ... هل وصلت اليه ؟؟ .. يقول باختصار : " من حق الفنان أن يكون ركيكا ... لكن ليس من حقه ألا يكون فنانّا !! " هذا هو الفرق أعتقد بينه و بين غيره , الفنان الحقيقي لا يصبو الى الفرح ربما بقدر ما يصبو الى تحقيق حلم التعساء , الحلم الانساني الكبير الذي يجعله يحمل جماهير كثيرة في صمت حنجرته قبل العزف ... يتأهبُ ... يغني إلى أن تبتهج جميع الاحزان بداخله و تبهج ركح مسارح كثيرة يظل ينام على صوت صفيق جماهيرها مهما أخذه العمر بعيدا دون أن يتعب من الخوض في البحار والعادات و التناقض مع كل ما حوله و من حوله ، و يختتم : " أن تسعدَ كونكَ لا تمتلكُ شيئا من أجل نفسك ، هذا يعني أنكَ جاوزتَ الفرح ." يبتسم شارلي حين يأخذنا الحديث إلى الثقافة العربية ، يقول أنها مستفحلةٌ على الشرق ... هذا الشرق بالنسبة لهم هنا غالبا يعني العرب رغم وجود الكثير من الأنساب الأخرىو بعضها أقدم من الوجود العربي حتى الثقافة العربية هي وليدة أو مجموعة أنقاض ثقافات أخرى مزجها الانسان العربي ببراعة و ضاف لها ، لكنه ضيّع من بريقها الكثير و احتفظ بشيء منها لتسحقه الحداثة ربما و التصفيات الجيوسياسية ، و ما أثارني أن يطبع ذاكرته المغرب الافريقي الشمالي أكثر من أية جغرافية أخرى ...يقول : " يعني لي أحيانا المشرق ايضا فهو يتقاسم معه في أصول عديدة ... لم اطلّع كثيرا عليها كما هي " يحب الاطلاع على كل ما وصله من جل الأعمال المكتوبة أو المغناة المترجمة و الانسان بطبيعته مجرم حين ينقل مادة من اصلها عبره ... لأنه حتما سيترك اثره ... سيغيّر دون أن يشعر ...لذلك قرر شارلي ألا يحلل منها غير ما يحسُ به ... يقول : "اعتقد أن العرب مظلومون كثيرا ليس في ثقافتهم فحسب بل في الكثير من بديهيات حياتهم حتى دينهم ... لكنني مقتنع أن الانسان الذي صنعته صحراء آسيا و انتشر في العالم ثقافيا بعدها هو انسان طيب يسعى دوما الى النبل و المحبة" .