- أصبح المتحف العمومي الوطني "أحمد زبانة" بوهران الذي يعد "أيقونة فنية" بالحي الشعبي "المدينة الجديدة" قبلة للسياحة الثقافية تكرس التراث الجزائري بتنوعه الاسلامي والعربي والامازيغي. و بما أن هذا الصرح التراثي له دور تربوي و يعد مرجعا في تثقيف الأجيال فانه يعتبر من أهم المزارات السياحية بوهران كونه يزخر برصيد ثري من القطع الأثرية والمجموعات التراثية و الفنية والتي تعد بمثابة منتوج سياحي بامتياز, حسبما ذكرته مديرة ذات المتحف. كما أن هذه المؤسسة المتحفية تضم في حد ذاتها أربعة متاحف من خلال تخصصات "الفنون الجميلة" و"علم الآثار" و"الاثنوغرافيا المغاربية والاجنبية" و"تاريخ وطبيعة" جعلتها مقصدا للسياح الوطنيين والأجانب, كما أضافت بشرى صالحي . وفي هذا الإطار سجل المتحف ارتفاعا ملحوظا في عدد الزوار الأجانب حيث بلغ 595 زائرا خلال السنة الماضية مقابل 184 زائرا في 2016 أغلبهم من انجلترا و اسبانيا و فرنسا و ألمانيا و الصين وتونس دون احتساب الوفود الاخرى التي قامت بزيارة المتحف, حسبما ذكرته المكلفة بالاتصال والتنشيط بهذه المؤسسة. واستقبل هذا الصرح التاريخي إجمالا في نفس الفترة من داخل و خارج الوطن 43.726 زائرا كما أضافت ليلى بوطالب لافتة الى أن "هذا الارتفاع الذي وصل إلى الضعف يبين أن هناك وعي كبير بزيارات المتاحف لاكتشاف التراث الجزائري المتنوع". و بتذكرة دخول لزيارة أعرق متحف على مستوى الوطن لا يزيد ثمنها عن 200 دج يعيش الزائر من خلال جولة عبر صالاته لحظات بين أركان عبق التراث الجزائري الذي يعزز الهوية الوطنية على حد تعبير طالبة في قسم التاريخ بجامعة وهران 1 "أحمد بن بلة" تتردد على المتحف دوريا للتحضير لمشروع ماستر. وتضيف ذات الباحثة "انه الوجهة المثالية للسياح للتعرف على تاريخنا المجيد و تراثنا العريق", مبرزة "إننا نحن الطلبة و الجمعيات المهتمة بالتراث للسياحة مطالبون بالترويج لتراثنا وتاريخنا عبر صفحات التواصل الاجتماعي". كنوز تراثية تغري عيون الزوار الأجانب ويعتبر فرع الاثنوغرافيا المغاربية والأجنبية بالمتحف الوطني " أحمد زبانة " من أكثر الفروع استقطابا للزوار الأجانب الذين لهم فضول كبير لمعرفة التراث الجزائري و تفاصيل القطع المعروضة على حد تعبير الملحقة بالحفظ بمصلحة الجرد بذات المرفق . وتعكس الكنوز الثراتية لهذه المؤسسة المتحفية ثراء التراث الجزائري بأبعاده الثلاث الامازيغية و العربية و الإسلامية و يعتبر جزء من الذاكرة الشعبية كما أضافت فاطمة مغربي. ومن أبرز التحف التي تزدان بها واجهات العرض تلك التحف التي تعود الى القرنين الثامن و العاشر الميلاديين منها السيوف و المسدسات والمنتجات الصناعة التقليدية واللوازم النحاسية المختلفة الاستعمالات و الحلي القبائلي لبني يني ( تيزي وزو). ويحفظ هذا الصرح أواني فخارية أمازيغية منها من منطقة القبائل و أخرى من تلمسان و أثاث بربري و ألبسة تقليدية ومجموعات تراثية من الجنوب الجزائري مجسدة داخل خيمة تبرز عادات و تقاليد المجتمع التارقي مع المعدات المستعملة في الحياة اليومية للرجل الأزرق على غرار السيف المزين بخط التفيناغ و الزي التقليدي الوهراني منها "بلوزة الزعيم " . كما يشمل هذا المعرض على المسكوكات التي تعود إلى مملكة نوميديا التي ضربها الملك ماسينيسا و بعده سيفاكس و يوبا الثاني وغيرهم و التي تعتبر من أقدم العملات التي دخلت تاريخ المبادلات التجارية في الاقتصاد الجزائري وقطع أخرى ضربت في عهد مؤسس دولة الموحدين عبد المؤمن بن علي الكومي وفق ما ذكرته ملحقة بالحفظ بالمتحف المذكور بولفرعة سارة. كل هذه التحف وغيرها يقف الزائر أمامها مشدوها حيث أنها لا تزال تحافظ على جمالها بفضل طريقة حفظها بهذا المتحف حسبما ذكره المصور المكسيكي و المهندس المعماري أندريس أليخوس الذي لم يفوت فرصة زيارته لوهران بمناسبة معرضه حول أوجه التشابه بين بعض المعالم الأثرية الجزائرية والمكسيكية المنظم في منتصف شهر يناير الماضي. خطوة نحو انتعاش السياحة التراثية بوهران وأعطت المعارض المنظمة بين الفينة و الأخرى من طرف المتحف الوطني "أحمد زبانة " نفسا جديدا لهذه المؤسسة المتحفية حسبما ذكرته مديرتها التي أكدت "اننا نحرص من خلال مختلف قنوات الاتصال الحديثة على التعريف بالقطع و المجموعات التراثية". كما ساهمت مختلف التظاهرات المقامة بالمتحف على غرار تظاهرة "أرسم مدينتك" و معرض لتراث وادي ميزاب في تنشيط الحركة الثقافية بوهران فضلا على أن المتحف يفتح أبوابه لاحتضان المعارض المنظمة من قبل المصورين الشباب و الجمعيات التي تعرف بالتراث الجزائري كما أضافت السيدة صالحي بشرى . وفي هذا الصدد يرى الزائر نصر الدين وهو أستاذ متقاعد "أن هذه المعارض تزيد من وعي المواطن بأهمية الحفاظ على تراثه كشاهد تاريخي" مؤكدا في ذات السياق أنه "لا يمكن أن تعيش المتاحف إلا من خلال أنشطة تحيي الذاكرة الثقافية لترسخ معاني الوطنية والاعتزاز بالهوية". وبالنظر الى الاهتمام الكبير بفرع الاثنوغرافيا المغاربية و الأجنبية فانه يجري حاليا التفكير لإعطاء وجه جديد لصالات عرض هذا الفرع من خلال إعادة تنظيم طريقة حفظها لجعلها أكثر إمتاعا للزوار وفق ذات المسؤولة التي أشارت الى "إننا نعمل على إعادة فتح أمام الجمهور قاعة التحف القديمة (أنتيكيتي) المغلوقة منذ عشر سنوات". كما يعتزم المتحف تجسيد مشروع يتمثل في استحداث "بوتيك المتحف" لعرض و بيع منشورات المتحف و مطويات حول تاريخ وما يحتويه من قطع أثرية و تراثية و مجموعات فنية ومنحه لأحد الحرفيين عن طريق دفتر شروط و ذلك بعد موافقة الوزارة الوصية . ويقول صاحب وكالة سياحية بوسط مدنية وهران أنه يمكن أن يكون للنشاط الثقافي بالمتحف منتوجا سياحيا يتم تسويقه ضمن برنامج الرحلات السياحة المحلية مبرزا في سياق متصل أن التراث هو مصدر محفز لجلب السياح الأجانب لاكتشاف الجانب التراثي لمدينة وهران.