أشار الدكتور بودة محمد أستاذ بكلية الحقوق بجامعة محمد بن احمد وهران 2 إلى تأخر المشرع الجزائري في مواكبة متطلبات التطور العلمي في المجال الطبي بإبقاء العمل بالقانون 1985-05 والصادر في 16 فبراير 1985 ، والذي جرى تعديله بقواعد قانون الصحة بالأمر 06-07 الصادر في 19 جويلية 2006 ، إلى جانب التعديل الحالي والذي جرى بدوره دون توسيع دائرة النقاش المجتمعية في جوانب لا تهم فقط الهيئات الوصية أو السلطة صاحبة القرار في التعديل، بل مضامينه تهم الجميع، ولأن الخوض في قضية التبرع لا تتوقف عند حدود قرارات وزارة الصحة لكون المسألة مرتبطة أكثر بالوعي الاجتماعي وإلى أهمية الحياة الإنسانية عند الاستعانة بوسيلة الطب في السعي إلى تكريس حق الأفراد في الحياة من خلال إتاحة الفرصة بتسهيل سبل التبرع سواء بالطريق الشائع المتمثل في إنقاذ حياة الأفراد عن طريق التبرع بالدم في المستشفيات أو الذين تتوقف حياتهم على ذلك التبرع في غرف عمليات المستشفيات . و معلوم أن القانون كما سبق التذكير به أعلاه صدر سنة 1985 قبل بدء عملية الإصلاح القانوني في شتى القطاعات وقبل بدء عملية خوصصة قطاع الصحة بفتح باب الاستثمار أمام العيادات الخاصة، كما قد جرى تعديله بشكل جزئي . أما مسألة التبرع بالأعضاء قبل أن تشملها الإجراءات والشروط القانونية التي قد تبدو أنها مشددة لتجنب الوقوع في المحظور وتكرار استعمالها في غير محلها في حال ارتباطها بعامل المعاملات المالية التي قد تفضي إلى إخراج العمل الطبي من مضمونه الأخلاقي ، فالمسألة لها ارتباطات اجتماعية ، قانونية وأخلاقية . لأن نص القانون نفسه ينص على ضرورة أن لا يتم انتزاع أعضاء الإنسان ولا زرع أنسجة أو أجهزة بشرية إلا لأغراض علاجية أو تشخيصية ، كما نص على أن انتزاع الأعضاء أو زرعها لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال محل معاملات مالية . و بحسب القانون المذكور فإنه لا يجوز انتزاع الأعضاء البشرية أو الأنسجة من أشخاص أحياء، إلا إذا لم تعرض هذه العملية حياة المتبرع للخطر . كما يشترط كذلك موافقة المتبرع الكتابية بأحد أعضائه بمحرر أمام حضور شاهدين، تلك موافقة يتم إيداعها أمام مدير المؤسسة والطبيب رئيس المصلحة. موافقة لا يتم التعبير عنها إلا بعد أن يخبره الطبيب بالمخاطر الطبية المحتملة و المترتبة عن التبرع بالعضو وانتزاعه. ومن الشروط التي هي في صالح الشخص المتبرع أنه يستطيع التراجع في أي وقت عن موافقته السابقة بالتبرع . أما عن فاقد الأهلية كالمجنون فإنه في هذا الشأن المسألة مفصول فيها حيث اشترطت المادة 163 من القانون المذكور أعلاه بأنه يمنع القيام بانتزاع الأعضاء من القصر والراشدين المحرومين من القدرة على التمييز. وحول نفس هذه القضية ذكرت إحدى فقرات المادة 166 من نفس القانون أنه إذا تعلق الأمر بأحد الأشخاص فاقدي الأهلية فإنه يجوز لأحد الأولياء الأب أو الأم أو الولي الشرعي حسب الحالة إعطاء الموافقة بالتبرع . موافقة لا تمنح إلا تحت طائلة الاطلاع من الطبيب المختص بالمخاطر الطبية المحتملة جراء القيام بالتبرع على صحة المتبرع . وفي كل الأحوال يجوز انتزاع الأنسجة والأعضاء من المتوفين لكن بعد الإثبات الطبي والشرعي للوفاة، وبعد الموافقة الكتابية للشخص المتوفى المعني بالتبرع أثناء حياته، أو بعد موافقة أحد أعضاء أسرة الراشدين المذكورين أعلاه تراتبيا، يضاف إليهم الابن ، البنت ، الأخ أو الأخت، وان لم يكن للمتوفى أسرة فإن الإذن يطلب من الولي الشرعي . كما أنه يسجل منع التبرع من الأشخاص المصابين بأمراض من طبيعتها أن تضر بصحة المتبرع أو الشخص المستقبل للعضو. و هناك اشتراط قانوني بأن لا يتم التبرع أو انتزاع الأعضاء إلا في المستشفيات المرخص لها بذلك بشكل صريح ، كما أن إجراء العملية الجراحية لا يتم إلا من قبل لجنة طبية داخل الهيئة الاستشفائية تنشئ خصيصا لهذا الغرض مع ضرورة إخطار المعني بالتبرع من مخاطر عملية التبرع الطبية المحتملة. كما يمكن بطبيعة الحال التبرع لصالح البحث العلمي لكن خص المشرع موضوع الهدف العلمي في حالة تشريح الجثث بناء على طلب يتم تقديمه من الطبيب المختص وبناء على وجود موافقة سابقة من المعني أثناء حياته، أو بموافقة من أحد أعضاء أسرته البالغين .