فقدت الساحة الثقافية الجزائرية واحدة من عمالقة المسرح التي كرست حياتها لخدمة فنها و إمتاع جمهورها ... مكيو سكينة، المعروفة بصونيا غادرتنا وهي في ال 63 من عمرها تاركة وراءها رصيدا فنيا لا يستهان به ومسيرة إنسانية وثقافية عبقة ، فرغم قوة شخصيتها و إرادتها ، ورغم عشقها للخشبة إلا أنها لم تستطع التغلب على المرض الذي اختطفها منا و صادر أحلامنا التي ولدت من رحم فنها أعمالها وإنسانيتها و طيبتها .. الراحلة صونيا التي ولدت بمدينة الميلية بولاية جيجل عاشت حياة صعبة وهي تحاول التصدي لضغوطات المجتمع ورفضه لامتهانها التمثيل وهي في سن ال 17 .. هذا الحصار المعنوي لم يحد أبدا من إصرارها على اعتلاء الخشبة و الوقوف أمام الجمهور ، لتفجر طاقتها الإبداعية وتعانق أحلام الجزائريات اللائي أحبنن صوتها وحضورها و آداءها، كيف لا ؟ وصونيا كانت مثالهن في النضال وقوة الشخصية وحب الوطن ، المرأة التي عرفت تماما ماذا تريد حتى لو كره الحاقدون .. !!، فكانت خطوتها الأولى هي الالتحاق بمعهد التكوين الدرامي ببرج الكيفان الذي تخرجت منه عام 1973، لتظهر بعدها في باقة ناجحة من الأعمال الدرامية و العروض المسرحية التي لازالت راسخة في عقول وقلوب الجزائريين، وهو ما أهلها لإدارة المعهد، لتعين بعدها على رأس المسرح الجهوي لولاية سكيكدة، وقد تزوجت صونيا الشاعر الكبير الراحل، أحمد فؤاد نجم، خلال فترة إقامته بالمنفى في الجزائر، ثم انفصلا عن بعضهما بعد ذلك. كانت صونيا أول امرأة جزائرية تقدم المونولوج ، كما أنها تملك في رصيدها مجموعة مميزة من الأعمال الركحية الناجحة ، منها مسرحية " حضرية والحواس" رفقة مصطفى عياد ، "قالوا لعرب قالوا" ، "بابور غرق" ، "العيطة" ومونودرام "فاطمة".، و أيضا مسرحية" الجميلات " من إنتاج مسرح عنابة الجهوي، كما تألقت إلى جانب كل من الراحل عز الدين مجوبي وعبد القادر علولة، دون أن ننسى سيد أحمد أقومي، محمد بن قطاف وزياني الشريف عياد، الطيب صديقي، و آخر عمل مسرحي لها كان " بدون عنوان" وفيلم سينمائي رفقة المخرج كريم موساوي بعنوان" طبيعة الحال " .