لحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. أسال الله أن يبارك لي ولكم ولبلادنا ولأمة الإسلام في هذا العام الجديد، و أن يجعله عام خير وعز ونصر. ونسأله أن يجعل من هلال المحرم فاتحة توفيق لهذه الأمة. ولقد جعل الله فاتحة العام شهرًا مباركًا تشرع فيه الطاعة والعبادة، وكأنه يعلّم عباده أن يستفتحوا كل أمر بطاعته وتقواه. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» وذكرى عاشوراء، هي ذكرى عظيمة معانيها، وجليلة عظاتها. ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: *قَدِمَ النبي (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) المدينةَ، فرأَى اليهودَ تصومُ يومَ عاشوراءَ، فقال: (ما هذا اليومُ الَّذي تصومونَهُ)؟ فقالوا: هذا يومٌ عظيمٌ أنجَى اللهُ فيه موسَى وقومَهُ وغرَّقَ فرعونَ وقومَهُ، فصامَهُ موسَى شكرًا فنحنُ نصومُهُ. فقال رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): (فنحنُ أحقُّ وأوْلَى بموسَى منكمْ، فصامَهُ رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)، وأمرَ بصيامِهِ. فعاشوراء، هو يوم عزة وتمكين، ويوم مغفرة وأجر عظيم، وهو يوم شكرٍ لله رب العالمين. وقد أوردت كتب التاريخ أحداثا كثيرة وقعت في هذا اليوم الجليل واختلفت في رواياتها كتب الحديث بين صحيح وضعيف فنحن نذكر ما اشتهر منها، ومن تلك الأحداث التي روتها كتب التاريخ عن يوم عاشوراء أنه في هذا اليوم تابَ الله على سيدنا آدم، وقيل: هو اليوم الذي أُهْبِطَ فيه سيدنا آدم إلى الأرض، وعن توبة أبينا آدم يقول الله تعالى: (وَعَصَى ءادمُ ربَّهُ فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى)، كما ذكرت لنا كتب التاريخ أنه في يوم عاشوراء نجاة سفينةِ سيدنا نوحٍ من الطوفان وفيه رد بصر يعقوب عليه السلام ونجى يونس من بطن الحوت. والسنة أن يصام عاشوراء وقد ورد ان صيامه يكفر ذنوب العام الذي مضى وذلك لما ورد في صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم «سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية»، وقد ذهب جماهير الفقهاء وأكثرهم إلى استحباب صيام التاسع من محرم مع العاشر، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ، ويدل على ذلك ما جاء في صحيح مسلم وفيه قال (صلى الله عليه وسلم): «لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع» فدل على أن التاسع يضم إلى العاشر صياما فيكون الاستحباب. ولا بأس لمن لم يصم التاسع مع العاشر أن يصوم مع العاشر الحادي عشر وعليه أكثر الفقهاء. وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم يصوِّمون فيه صبيانهم تعويدًا لهم على الفضل ففي البخاري عن الربيع بنت معوذ قالت أرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: «من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائمًا فليصم»، قالت: فكنا نصومه بعدُ، ونصوِّم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار. يرى بعض الفقهاء أنه يستحب للمسلم أن يوسع على أهله وأطفاله في عاشوراء وقد استدلوا على ذلك بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «إنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته». نسأل الله أن ينفعنا وينفع جميع المسلمين وأن يحفظ بلادنا من كل مكروه إنه ولي ذلك والقادر عليه.