غنائم وبركات في محرم عاشوراء: تنبيهات وأحداث عاشوراء: العاشر من شهر الله المحرم. وتاسوعاء: التاسع منه. قال ابن عباس رضي الله عنهما: عاشوراء العاشر من المحرم رواه الترمذي. مشروعية صوم عاشوراء مرَّ فرضُ الصوم بثلاث مراحل: المرحلة الأولى: صوم ثلاثة أيام ويوم عاشوراء. المرحلة الثانية: كان الصوم بالخيار من شاء صام رمضان ومن شاء أفطر _وإن كان صحيحاً مقيماً- وأطعم عن كل يوم مسكيناً. قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين } [البقرة/184]. المرحلة الثالثة: فرض صوم رمضان وذلك بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة/183] فانتقل الفرض من صيام عاشوراء إلى صيام رمضان. قال ابن مسعود رضي الله عنه في صحيح مسلم: لما فُرض رمضان تُرك عاشوراء . قال ابن حجر رحمه الله: ما ترك استحبابه بل هو باق فدل على أن المتروك وجوبه فضل صوم عاشوراء ثبت في الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا ؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. وقد كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يُعنى بصوم عاشوراء قال ابنُ عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْم فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ -يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ- رواه البخاري. ويتحرى: يتقصد صومه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله رواه مسلم. صوم تاسوعاء من الأكمل أن يصوم الإنسان التاسع والعاشر من المحرم فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما صامه وأمر الناس بصومه قال الصحابة: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ . فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه مسلم. قال النووي رحمه الله: ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاس . الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْم كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ. الثَّالِثَ: الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلَالِ وَوُقُوعِ غَلَط فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَة مِثْلُ قَوْلِهِ فِي عَاشُورَاءَ: لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِل لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ لو أفرد أحدنا عاشوراء بالصوم هل يكون مكروهاً؟ الجواب: قال شيخ الإسلام : صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَة وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ ............. عاشوراء في الجاهلية صيام عاشوراء كان معروفا في الجاهلية قبل البعثة النبوية فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه . قال ابن حجر رحمه الله: قال القرطبي: لعل قريشا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم وصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم كما في الحج أو أذن الله له في صيامه على أنه فعل خير فلما هاجر ووجد اليهود يصومونه وسألهم وصامه وأمر بصيامه احتمل ذلك أن يكون ذلك استئلافا لليهود كما استألفهم باستقبال قبلتهم ويحتمل غير ذلك ............. فتاوى عاشوراء *من أتى عليها عاشوراء وهي حائض هل تقضي صيامه؟ لا يقضى صومه لفوات وقته. والضابط فيما يقضى وما لا يقضى أنَّ كلَّ نفل قيد بسبب كالكسوف أو قيد بوقت كالأيام البيض وعاشوراء فإنه لا يقضى إذا فات وقته أو سببه. *صوم عاشوراء بنية القضاء يصح أن يصوم المسلم في عاشوراء ويريد بذلك القضاء ولكنه لن يكون عاشوراء وإنما هو القضاء. وكل عملين مقصودَين لا يمكن تشريك النية فيهما بل لابد من الإتيان بهما. ولا بأس من أن يصوم عاشوراء ثم يصوم القضاء بعده ولو تيسر صوم القضاء أولاً فهذا أولى. *ماذا يكفر صوم عاشوراء؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ لِلصَّغَائِرِ فَقَط ويدل له قول النبي صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفراتٌ ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر رواه مسلم. فهذا رمضان فكيف بالنفل؟ ............... احذروا بدع عاشوراء سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل والاغتسال والحناء والمصافحة وطبخ الحبوب وإظهار السرور وغير ذلك.. فهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح أم لا؟ وإذا لم يرد حديث صحيح في شيء من ذلك فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا؟ وما تفعله الطائفة الأخرى من المأتم والحزن والعطش وغير ذلك من الندب والنياحة وشق الجيوب. هل لذلك أصل أم لا؟ فأجاب: الحمد لله رب العالمين لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين. لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم. ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين لا صحيحا ولا ضعيفا لا في كتب الصحيح ولا في السنن ولا المسانيد ولا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة. ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث مثل ما رووا أن من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام وأمثال ذلك. ورووا فضائل في صلاة يوم عاشوراء ورووا أن في يوم عاشوراء توبة آدم واستواء السفينة على الجودي ورد يوسف على يعقوب وإنجاء إبراهيم من النار وفداء الذبيح بالكبش ونحو ذلك. ورووا في حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم: أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة . ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب ولكنه معروف من رواية سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه. قال: بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته وإبراهيم بن محمد بن المنتشر من أهل الكوفة وأهل الكوفة كان فيهم طائفتان: طائفة رافضة يظهرون موالاة أهل البيت وهم في الباطن إما ملاحدة زنادقة وإما جهال وأصحاب هوى. وطائفة ناصبة تبغض عليا وأصحابه لما جرى من القتال في الفتنة ما جرى .