لا يستقيم المسرح ولا يشتد عوده ولا يزدهر ويتطور إلا بالنقد الذي يكتبه المتخصصون حصرا ولا ينتشر خبره بين الناس وقيمته بينهم إلاّ بالمتابعة الإعلامية التي يقدمها الصحافيون مكتوبة أو مرئية أو مذاعة، سواء انتبه لهذا من انتبه، وعمي عنه من عمي. هذان العاملان: النقد والإعلام أُسّ توسيع القاعدة المعرفية للناس بالمسرح، ولا مجال لأن يكون في الحياة العربية مسرح يستحق أن يُنتبه إليه إلاّ إذا كانا مرافقين له مرافقة النبيه الحريص، وفي هذا المقال أحبّ أن أوجه التحية لمجموعة من العناوين الهامة في الجزائر والوطن العربي التي تخصصت في هذا الشأن ولها حضور فاعل حالياً. في الصحافة الجزائرية يُعزى لصحيفة *الجمهورية* السبق في أن يُخصص فضاء أسبوعي قار للمسرح كل ثلاثاء اسمه *فضاء المسرح* هو هذا الذي يظهر فيه عمودنا الأسبوعي إلى جواره طائفة من المقالات التي تنوس بين أرجاء الظاهرة المسرحية وتكتب فيها بعض الأسماء الأكاديمية مرة ومن شُهد لها بالتجربة الميدانية الطويلة مرة أخرى، والواقع أنّ هذا الفضاء يستحق أن يقدم حوله قراءات نقدية تنظر في مدى قيمة ما يقدم حتى يتم التوجيه والتعديل والتحسين أسبوعا بعد أسبوع.تغطي الصحيفة الغرب الجزائري ولا تصل النسخة الورقية لكامل الجزائر لكن هذا النقصَ تمّت تغطيته بوجود موقع إلكتروني يتم تحيينه يوميا بحيث تصل مواد هذا الفضاء ومواد الصحيفة ككل إلى كل مهتم. وإذا كان للجمهورية وهي الصادرة من مدينة وهران سبق في هذا فإنّ وهران أيضا بجامعتها وقسم فنونها سباقة أيضا-ومتفردة إلى الآن- في تخصيص مجلة علمية محكمة اسمها *فضاءات المسرح* وهي مجلة يغنيك اسمها عن رسمها كان يشرف عليها أستاذنا الراحل *العيد ميراث* الذي كنتُ طالبا عنده لعدة سنوات، ويرأس تحريرها أستاذنا الدكتور عزوز بن عمر، وهو من خيرة أساتذة قسم الفنون علما وأدبا والحق أنّ هذه المجلة فتحت ولا تزال المجالَ للبحوث الرصينة والجهود الحثيثة، غير أنّ ما يُؤسف له أنّ المجلة قليلة الانتشار لا يكاد يعلم بأمرها إلاّ أساتذة القسم وطلبته ولن تجدَ لها أثرا في الفضاءات الميديائية لذلك يصعب التعرف عليها ومن ثمة يصعب تواصل كفاءات بحثية للمجلة والاستفادة من خبراتهم. في الوطن العربي سأخصص الحديث لصحيفة *مسرحنا* المصرية ومجلة *الحياة المسرحية* السورية، مع أنّ هناك مجلات تصدر في الشارقة مثل *المسرح العربي* و*المسرح* في مصر وقد يكون غيرها مما لا أذكر الآن، ليس نسيانا من كثرة وانتشار، ولكن لغياب التأثير ومحدودية الانتشار. تصدر صحيفة *مسرحنا* عن وزارة الثقافة المصرية وتحديدا هيئة قصور الثقافة كل يوم إثنين، رأس تحريرها الشاعر والناقد يسري حسان لسنوات، ثم خلفه الناقد المسرحي والسينمائي *محمد الروبي*،وفي عهده تم إنشاء موقع إلكتروني جديد خاص بالصحيفة يتم تحيينه بشكل مستمر، ويتيح الاطلاع الواسع لموادها، يكتب *الروبي* مقالات نقدية قصيرة في آخر الصحيفة بعنوان *مشهد* تختصر في كل مرة مشاهدات الرجل وآراءه في الظاهرة المسرحية، وتجمع الصحيفة في كل عدد أطيافا من الإعلاميين والنقاد الذين يتابعون ما يتم تقديمه من عروض وندوات ونشاطات متعلقة بالمسرح، من المهم أن نشيد بتجربة هذه الصحيفة التي يتجاور فيها مقال ناقد كبير مثل كمال الدين عيد أو ناقد رصين مثل *إبراهيم الحسيني* و*عمرو حمزاوي*مع شباب مثل أمل ممدوح وهبة بركات وصاحب هذه الأسطر، وهي صحيفة نتابعها أسبوعيا منذ سنوات ولم تنزل مطلقا على مستوى جيد من قوة الطرح واتساع في الرؤية. إنها *جوهرة* يجب أن يحافظ عليها الجميع، بل يأمل الواحد منا أن يكون في غيرها من البلاد العربية ما يضاهيها أو يأخذ من تجربتها ويزيد عليها بالتحسين والتطوير.