تضمنت الرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الأحد 11 مارس للأمّة الجزائرية عديد النقاط الجوهرية التي اختلفت حولها آراء المحللين والمتتبعين لشأن الحراك الشعبي الذي بدأ في 22 فبراير الماضي، المطالب أساسا بعدول الرئيس عن الترشح لولاية رئاسية جديدة نظرا لوضعه الصحي، وإحداث تغييرات تمس جوهر النظام والسلطة وذهاب عديد الوجوه التي إنتقدها الحراك. وقد أكدت الرسالة أنّ رئيس الجمهورية كان الأذن الصاغية لمطلب الحراك الذي طالبه بالتخلي عن الترشح فقالها صراحة بأنّه قد سحب ترشحه من المجلس الدستوري وأكثر من ذلك لم يكن ينوي التقدم لهذا الاستحقاق لعامل السن والوضعية الصحية وبالتالي يكون الرئيس قد وضع حدا للجدل الذي رافق الحراك، وقدّم نسبة كبيرة من الحلّ وفقا لما جاءت به المطالب وأكد أنّه صار لزاما أن يتقدّم الشباب نحو مراكز صناعة واتخاذ القرار في البلاد. ومن أوجه استجابة رئيس الجمهورية لمطلب الحراك التعجيل بتنظيم ندوة وطنية لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تقصي أحدا، ندوة تكون ورشة وطنية حقيقية و لها كل الصلاحيات و الاستقلالية في ما تقرره بشأن الانتخابات القادمة، بعد توقيف المسار الانتخابي الذي كان مزمعا انطلاقه في 18 أبريل المقبل وحل اللجنة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات وإنهاء مهام رئيسها السيد عبد الوهاب دربال. ولئن كانت حكومة السيد أحمد أويحيى المستقيل قد لقيت ما لقيت من وابل الغضب الشعبي الذي طالبها بالرحيل بعد أن حمّلها مسؤولية التجاوزات والفساد الحاصل في كل مفاصل الدولة فقد كانت الاستجابة نقطة أخرى تضمّنتها الرسالة الرئاسية فقد قدّم أحمد أويحيى استقالته أول أمس للرئيس وتمّ تعويضه بوزير الداخلية نور الدين بدوي، الذي أوكلت إليه مهمّة تقديم حكومة جديدة تكون في مستوى تطلّعات الشعب وتطلّع رئيس الجمهورية وتضمن مرحلة انتقالية إلى غاية الوصول إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستوكل مهمتها إلى ورشة الوفاق الوطني. وأكد الرئيس بأنّ التزامه أمام الله بدفعه إلى أداء واجبه الأخير تجاه الشعب، لا أكثر. كما أوكل الرئيس للندوة الوطنية مشروع دستور جديد وعرضه على استفتاء شعبي حر وللندوة أيضا صلاحية تحديد موعد الانتخابات المقبلة التي تسهر عليها حكومة كفاءات وطنية . ومن خلال ما ورد في الرسالة فقد طغى على اقتراحات الرئيس الطابع السياسي دون الدستوري ما يؤكد أنّ المشكل في البلاد سياسي وحلّه تضمنه القرارات السياسية والرغبة في التجديد من خلال تأكيده على حكومة كفاءات وطنية، تعطي الأولوية للصوت الشعب وتعبّر عن رغبته في التشاركية بالسماع إلى مطالبه، وهو ما اعتبره المتتبعون مخرجا لتجنيب البلاد الصراع والمآل الخطير، الذي قال الرئيس بأنّ سلطته تتجنبه احتراما لمبادئ القيم العليا للشعب والحرص على تجنيب البلاد دوامة اللا استقرار.