عاد «أرلوكان خادم السيدين» أمس السبت، إلى خشبة المسرح الجهوي لوهران، بعد مرور أزيد من عشريتين من الزمن، على العرض الأول الأصلي، للمسرحي الراحل عبد القادر علولة، الذي قدمه على نفس الخشبة سنة 1993، أي سنة قبل اغتياله في 10 مارس 1994، ليصنع الفرجة في عرضه العام الجديد. ويستحضر ذاكرة من أسس لتجربة جديدة ورائدة في المسرح الجزائري، الذي وشحه بالتراث الشعبي و عرف كيف يستثمر في «الكوميديا ديل آرتي»، ويجعلها تحاكي الواقع الجزائري، في محاولة للخروج من النمطية والبحث عن أساليب وجماليات جديدة في أبي الفنون، حيث أثمرت هذه المغامرة لمبدع «الأجواد» و «اللثام» و «التفاح»، بميلاد مسرحية «أرلوكان خادم السيدين»، التي اقتبسها الراحل عن نص للكاتب المسرحي الإيطالي كارلو قولدوني، وقد حرص علولة من وراء ذلك، على تكريم هذا الكاتب وإحياء ذكرى وفاته المائوية الثانية آنذاك. تفنن المخرج زياني شريف عياد بدوره في إعادة إحياء هذه المسرحية، التي أعاد بعثها على الخشبة، في ثوب جديد ولمسة خاصة، عكست مدى قوة هذا النص الصالح لكل الأزمنة، الذي يسمو فيه الحب وكل القيم الانسانية النبيلة، على المشاكل والانشغالات، من بيروقراطية وتفشي الرشوة قضايا ذات الصلة بالمرأة، وغيرها من الظواهر والمظاهر المشينة، المتسببة في تردي المجتمع، والتي لا تزال مطروحة وبنفس الحدة إلى يومنا هذا، تم استعراضها في قالب كوميدي ساخر، ناقم على الواقع المعاش، في محاولة لإفراغ ما يختلج صدور الناس، والتخفيف من معاناتهم وآلامهم، بطريقة سلسة، تجمع بين الضحك والامتاع، من خلال العقدة التي تولدت من فساد زواج «سيلفيو» ابن الطبيب «لمباردي» و «كلاريس»، ابنة التاجر «بنتليون» بمجرد إعلان الخادم «أرلوكان» عن حضور سيده «فيديريكو»، خطيب «كلاريس» السابق، والذي اعتقد الجميع أنه ميت، بينما هو في الحقيقة أخ «بياتريس» المتنكرة في زي رجل، للبحث عن حبيبها «فلوريندو»، المتهم الأساسي في مقتل شقيقها «»فيديريكو»، حيث تأخذ الأحداث مجرا آخر، بمجرد تحول «أرلوكان»، خادم «فيديريكو» و «بياتريس»، إلى خادم أيضا لفلوريندو دون علم سيداه. أثمر التعاون بين المسرح الوطني محيي الدين بشطارزي، والمسرح الجهوي عبد القادر علولة بوهران، بهذا الانتاج المشرك المتميز، الذي تعود ترجمته الأصلية إلى الراحل عبد القادر علولة، وساهم في إعداده محمد بورحلة، في حين أسند المخرج زياني شريف عياد أدواره لفنانين من المسرحين، والتي تألق في تجسيدها كل من مصطفى مراتية، الذي تقمص شخصية «أرلوكان» المحورية في المسرحية، وكذا الفنان المخضرم محمد حيمور في دور بنتليون و محفوظ الهاني في دور لومباردي، و عباس محمد إسلام في بريغيلا، والذي تولى أيضا مهمة مساعد مخرج في هذا العرض، ثم نسرين بلحاج في دور سمر الدين، كما تقمصت آمنة بلحسين شخصية كلاريس وجسد دور فلوريندو يوسف قواسمي، في حين عاد تصميم الملابس و السينوغرافيا إلى أرزقي العربي، والموسيقى لسنسبيل بغدادي و الإضاءة لشاكر يحياوي، هذا الفريق الفني، الذي عرف كيف يرفع التحدي، من خلال الجمع بين المسرح العالمي و التراث الشعبي والانفتاح على الحداثة الابداع.