يتواصل منذ الخميس الماضي، العدوان الذي يشنه المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة على العاصمة طرابلس، تحت غطاء مكافحة الإرهاب، وذلك قبل أيام قليلة على إنعقاد المؤتمر الوطني الجامع الذي علق عليه الليبيون الآمال كحل لإنهاء الإنقسام، وتوحيد مؤسسات الدولة. وقد توعدت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج المعترف بها دوليا، بشن هجوم مضاد تحت مسمى "بركان الغضب" بهدف "تطهير كل المدن الليبية من المعتدين" الموالين لخليفة حفتر. وفي هذا السياق أكدت مصادر أمنية أن قواتها تتقدم وستدحر قوات المشير حفتر قبل الجمعة القادمة، حيث قال آمر جهاز الأمن العام عماد طرابلسي: "قواتنا تتقدم وسندحر قوات حفتر خلال ال 24 ساعة القادمة". من جهته أكد نائب رئيس الأركان بحكومة الوفاق الليبية اللواء سالم جحا أن "طرابلس لن تسقط ولن تنكسر و لن تركع وإرادتها أقوى من أن تلين، مضيفا ان أهل طرابلس لا يلجؤون في الشدائد لبيوتهم لطلب الأمان ولا يستسلمون دفاعا عن شرف مدينتهم". وأكدت مصادر أمنية أن هناك جهود لفتح ممرات لإنقاذ المواطنين العالقين في مناطق الإشتباكات، مشيرة إلى استمرار وصول التعزيزات من كافة مدن ليبيا لدحر القوات المعتدية بقيادة حفتر. كما طمأنت مصالح الأمن بالإستمرار العادي لكل النشاطات في طرابلس بما في ذلك التعليم في المدارس و الجامعات، بينما تعقد مختلف الدوائر الوزارية و الإدارية اجتماعات لتقييم أوضاع قطاعاتها. وحسب مصادر إعلامية محلية فإن إثارة الفتنة و الزج بشباب أبرياء في أتون حرب أكبر الرابحين فيها خاسر يهدف إلى "خلط الأوراق قبل موعد إنعقاد المؤتمر الجامع المزمع عقده في أبريل الجاري لإفساد المسار السلمي الذي ارتضاه الشعب الليبي بمختلف مكوناته الإجتماعية وعلق عليه الآمال كحل لإنهاء الإنقسام و توحيد مؤسسات الدولة".
-- وسط اتهامات ليبية لباريس ...السراج يطالب ماكرون بحمل حفتر على وقف هجومه على طرابس--
ووسط إتهامات ليبية لباريس بأنها أعطت الضوء الأخضر للهجوم، طالب رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحمل اللواء المتقاعد خليفة حفتر على وقف هجومه على طرابس. وذكرت تقارير إخبارية نقلا عن المكتب الإعلامي للسراج أن الأخير أبلغ ماكرون –خلال اتصال هاتفي جرى بينهما الليلة الماضية- بضرورة أن يوقف حفتر القتال وينسحب من حيث أتى. وأضافت أن ماكرون أعلن خلال الاتصال رفضه الكامل مهاجمة طرابلس وتهديد حياة المدنيين، وأكد على ضرورة وقف الهجوم الذي بدأ الخميس الماضي وأسفر عن مقتل العشرات من العسكريين والمدنيين وأدى لنزوح مئات آخرين. للإشارة فإن حصيلة القتلى على إثر الاشتباكات في محيط طرابلس ارتفعت إلى 35 قتيلا و40 مصابا حسبما أعلنت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني الليبية في وقت سابق. من جهته، أكد عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية محمد عماري أن فرنسا تمارس ضغوطا على المجلس الرئاسي لوقف القتال والتفاوض مع حفتر، مضيفا أن الضغوط هي محاولة لإكساب حفتر ورقة تفاوضية بعد سيطرته على مدينة غريان (100 كيلومترا تقريبا جنوبطرابلس) في بداية الهجوم. وأضاف أن المجلس الرئاسي يرفض هذه الضغوط خصوصا بعد اتخاذه قرار المواجهة المسلحة مع حفتر، مؤكدا أن موقف المجلس الرئاسي هو عدم قبول الحديث عن حل سياسي قبل إخراج قوات اللواء المتقاعد التي وصفها بالمعتدية من المناطق التي تحاول اجتياحها. وأشار عماري إلى أن حكومة الوفاق الليبية ستعقد اليوم الثلاثاء اجتماعا طارئا لتكليف وزرائها بتوفير كل الإمكانيات لدعم جبهات القتال، وأن المجلس قرر تكليف الجهات المختصة لملاحقة ضباط وقادة عسكريين في قوات حفتر. وكانت يومية لوموند الفرنسية اعتبرت أمس الاثنين أن هجوم قوات المشير خليفة حفتر على طرابلس يعد "فشلا ذريعا" بالنسبة لباريس، مشيرة إلى الموقف المحرج لفرنسا ازاء هذه الازمة الليبية الجديدة. و كتبت الجريدة "و بالفعل، فإنه بفضل السلطات الفرنسية تمكن الرجل القوي من فرض نفسه كطرف أساسي في الأزمة الليبية"، مشيرة الى ان وسائل الاعلام الليبية التي تدعم حكومة فايز السراج قد تطرقت الى "تضايق هذا الاخير مما اعتبره دعما فرنسيا للماريشال. ولاقت تحركات حفتر تنديدا دوليا واسعا لاسيما وأنها تأتي بالتزامن مع تحضيرات لمؤتمر جامع للحوار الوطني ترعاه الأممالمتحدة ومن المقرر أن ينعقد في الفترة بين 14 و 16 أبريل الجاري بمدينة غدامس فقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، اليوم الثلاثاء، إلى وقف فوري للعمليات العسكرية التي تقودها مجموعات مسلحة تابعة للمشير خليفة حفتر مؤكدا أنه "لا يوجد حل عسكري للصراع الليبي"، ودعا جميع الأطراف إلى الدخول في "حوار فوري" للتوصل إلى حل سياسي. من جهتها قالت فيدريكا موغيريني الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في المؤتمر الصحفي الذي عقدته عقب انتهاء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي "أعتقد أن القيادة السياسية والعسكرية في ليبيا بحاجة إلى تحمل المسؤولية لتحقيق انتقال سلمي". بدوره أعلن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية والممثل الرئاسي الروسي الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا، أن روسيا مستعدة لاستقبال ممثلي أطراف النزاع في ليبيا. كما دعت وزارة الخارجية التونسية ،إلى الوقف الفوري لعمليات القتال في ليبيا، مشددة مجددا على أهمية التزام جميع الأطراف بالتهدئة وضبط النفس وتغليب الحوار لتجنيب الشعب الليبي مزيد من المعاناة والاقتتال. وكانت كل من الولاياتالمتحدة و إيطاليا و الإمارات و فرنسا و بريطانيا قد أصدرت بيانا مشتركا دعت فيه إلى وقف التصعيد الحالي مؤكدة عدم رؤيتها لحل عسكري للصراع خوفا من إمكانية تسبب ذلك في "جر ليبيا نحو الفوضى". من جانب آخر أعلنت مصلحة الطيران المدني في ليبيا في بيان لها اليوم عن إعادة فتح مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس وتشغيل الرحلات المسائية فقط حتى إشعار آخر. للتذكير فإن مطار معيتيقة تعرض أمس الإثنين لغارة شنها سلاح الجو بالجيش الوطني الليبي ما تسبب في إيقاف الملاحة الجوية وتعليق الرحلات. ويعد مطار معيتيقة الدولي المقام داخل قاعدة طرابلس الجوية المنفذ الجوي الوحيد في غرب ليبيا والعاصمة طرابلس منذ تدمير مطار طرابلس الدولي المنفذ الجوي الرئيسي في ليبيا جراء معارك في العام 2014.