لم يتوقّف الانذار الذي بعث به نائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق قايد صالح للرئيس السابق للمخابرات الجزائرية الجنرال المتقاعد محمّد مدين المدعو توفيق ، 80 سنة عند مجرّد الكلام بل تم القاء القبض على الجنرال المتّهم بالتخابر على الدولة و التآمر ضد الجيش وضد الحراك الشعبي، مضاف إليه اللواء عثمان طرطاق و سعيد بوتفليقة. توفيق ، المخ الذي لا يزول بزوال الرؤساء الجنرال توفيق ، التلميذ الطيّع لعبد الحفيظ بوصوف أيّام الثورة ظل وفيا للسلطة و رجالها و يعرف بأنّه لا يرفض المهمات و كان ذلك السبب الأول الذي أوصله إلى سدّة المخابرات في التسعينات، قبل توقيف المسار الانتخابي و استقالة الرئيس الشادلي بن جديد و له مواقف صارمة تجاه رموز « الفيس « المحلّ الذين تعرفهم مكاتبه و زنزاناته من العاصمة إلى رقان مرورا بالبليدة ، باعتبارهم كانوا أكثر الإسلاميين رفضا للتحاور و التفاوض مع السلطة عكس جماعة مزراق، مع ما عرفته هذه الفترة من تكالب للإرهاب و تصفه عديد الجهات الاعلامية و السياسية و الحزبية في الداخل و الخارج بأنّ له الفضل الكبير في دحر الارهاب ، و كان من مهندسي قانون الرحمة أيّام الرئيس زروال ، و لكن في الجهة الأخرى ف«محمد مدين» محمّد مدين الذي اُحيل على التقاعد في سابقة لم يكن ينتظرها أحد باعتباره من رجال الرئيس و أحد الوجوه البارزة في محيط ذات الرئيس و أدار المخابرات مدة تفوق 25 سنة و يدعى ب «المخ» تحوم حوله عديد الاتهامات و الشائعات التي لم تتأكّد و التي تصل إلى حدّ تدبيره مجازر ضد المواطنين أيّام الارهاب و لا تستثنيه الصحافة الأجنبية من مجزرة اغتيال رهبان تبحرين و اخفاء جثثهم إلى اليوم . و ظلّ الجنرال توفيق مجهولا لدى العامّة و لم تنشر صوّره إلّا بعد إقالته من طرف رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتلفيقة و هي الإقالة التي تؤكد كل الأوساط أنّها جاءت من مستشار الرئيس ، السعيد بوتفليقة توجسا من الرجل الذي بدت عليه الرغبة في رفض العهدة الخامسة التي بدأت العصابة تحضّر لها منذ مدّة طويلة و ظهرت من خلال خلو قانون المالية ل 2019 من الضرائب . الجنرال مدين الموصوف أيضا بالشخصية الغامضة معروف عنه التواري عن الأنظار و قلّة المعلومات عنه و قد ردّ ذات يوم الوزير الأول السابق أحمد أويحي عن سؤال حوّل هذه المسألة لأحد الصحفيين بقوله : الجزائر الدولة الوحيدة التي يُعرف فيها اسم رئيس المخابرات . الثلاثي الذي اشتغل على تدبير المؤامرات السياسية و التحايل على الحراك الشعبي جُمع أيضا أمام التحقيق القضائي و المساءلة كما هو الشأن بالنسبة لسعيد بوتفليقة مستشار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ، فسعيد الذي كان أستاذا جامعيا بجامعة باب الزوار انتقل بعد رئاسيات 1999 للمرادية مستشارا لأخيه و ظلّ بدوره متواريا عن الأنظار و لا تقترب منه عدسات التلفزيون العمومي في كل الخرجات الميدانية لرئيس الجمهورية ، و يصفه الجميع بأنّه الرئيس الفعلي للبلاد و له تأثير كبير على عبد العزيز بوتفليقة الذي ربّاه و رعاه باعتبار والدهما توفي في 1958 و لم يكن سعيد يبلغ سوى سنة واحدة و قد تدرج في التعليم بالجامعات الفرنسة إلى حصوله على درجة الدكتوراه. لا يختلف اثنان في كون سعيد بوتفليقة أكثر الشخصيات التي ينبذها الشارع الجزائري و يطالب برأسه فقد استطاع الإعلام أن يصنع منه دينصور المال و الأعمال و تدويره رأس المال الخاص في كفّه و بفضله ظهرت حيتان كبيرة بنفوذ قوي مثل رجل الأعمال حدّاد و الإخوة كونيناف و غيرهم و الذين كان لهم تأثير على صناعة القرار السياسي. بعد اقالة الجنرال مدين برز اسم جديد في المخابرات و يتعلّق الأمر بالجنرال عثمان طرطاق المعروف ببشير 69 سنة ففي إطار هيكلة عميقة في جهاز الاستخبارات ، عُيّن مسؤولا على ذات الجهاز و هو الرجل الثاني لمدة طويلة في جهاز المخابرات أيّام الجنرال توفيق عاد إليه المنصب بعد إنهاء مهام الأوّل ، و أشيع عنه أنّه بدأ منذ مدّة في تحضير أجواء التمهيد للعهدة الخامسة للرئيس ا السابق عبد العزيز بوتفليقة بإيعاز من سعيد بوتفليقة ، طرطاق المنتمي إلى ولاية سطيف تدّرج بدوره في المسؤوليات داخل المخابرات. ف.ش