الحراك الشعبي السلمي ليس تنظيما سياسيا أو نقابيا له قيادة معروفة يطبق تعليماته وتوجيهاتها وإنما هو حركة شعبية واسعة ذات طابع احتجاجي عفوي وسلمي جاءت كرد فعل على تعسف النظام الحاكم وإصراره على ترشيح شخص عاجز فاقد للأهلية لعهدة رئاسية خامسة من قبل جماعة غير دستورية في شكل عصابة كانت تتصرف وتتخذ القرارات باسمه ثم تطورت مطالب الحراك واتسع نشاطه فأصبح يطالب برحيل كل رموز النظام وانضمت إليه أحزاب المعارضة ولحد الآن لا توجد قيادة معروفة لهذا الحراك يمكن معرفة ما يصدر عنها أو التحاور معها مما يخلق وضعا سياسيا غير مسبوق ويطيل في عمر الأزمة وإفشال كل مسعى للحل في إطار الدستور ومع مرور الوقت تكثر الشعارات والإشاعات ذات المصادر المجهولة ومحاولات الاختراق من جهات داخلية وخارجية لا تريد نجاح هذه الثورة البيضاء وإحداث التغيير المطلوب بالانتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي منتخب و يحظى بثقة الشعب ومن الشعارات المؤثرة في مسيرة الحراك ( ترحلوا قاع ) الذي تحول إلى مطلب أساسي وقد حل مكان شعار (ترحلوا يعني ترحلوا ) وقيل أن شابا في الحراك رفعه لأول مرة ولأن الناس كأسراب طير يتبع بعضهم بعضا كما قال ابن قتيبة الدينوري فسرعان ما انتشر الشعار وعم جموع الملايين وقبله رفع شعار (رحيل الباءات الأربعة بن صالح وبلعيز وبدوي الذي مازال قائما كمطلب أساسي اثر على عمل رئاسة الدولة والحكومة وعطل الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية على التوالي وحتى الشخصيات التي رشحها الحراك لقيادة المرحلة الانتقالية تتعرض للهجوم والتشويه مثل الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي والمحامي مصطفى بوشاشي وإبعاد كل رموز المعارضة ثم امتد التشويه إلى الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالقول أنه يريد الحكم وأنه سكت على نظام بوتفليقة والمطالبة برحيله رغم نفيه السعي للسلطة وإعلانه الانحياز للشعب ومرافقة تحركاته في الإصلاح والتغيير وقد أشار في خطابه الأخير بتمنراست إلى وجود أشخاص وأطراف يعملون بمنطق العصابة والبحث عن تأزيم الوضع لإطالة أمد الأزمة بتعمد نشر الإشاعات وقد حاولوا اتهام قائد الجيش بالولاء لفرنسا وهو الذي أجهض تدخل أعوانها في الانقلاب على الحراك الشعبي وافقدها تأثيرها على الإحداث وترك أبناءها يتامى حائرين دون ولي أو معين كما حاولوا التأثير على الحراك الذي يرفع شعار ( جيش شعب خاوة ,خاوة) بالحديث عن عباد الرزجاس في إشارة إلى الجيش الوطني الشعبي حامي الوطن كما شككوا في العدالة الجزائرية التي أعلنت الحرب على الفساد والمفسدين وفتحت ملفات ثقيلة وملاحقتها لشخصيات كبيرة في الحكومات السابقة ورجل أعمال بعضهم في السجن وبعضهم في التحقيق وادعوا أنعمل العدالة انتقائي خاضع لتصفية الحسابات ووصل الأمر إلى الادعاء ان الشخصيات المحبوسة بسجن البليدة ( توفيق وطرطاق والسعيد ) ينعمون بالحرية في بيوتهم في الوقت الذي تطالب فيه أطراف فرنسية وجزائرية بإطلاق سراح مسؤولة حزب العمال المتهمة في نفس القضية وقد تنبه الناشطون في الحراك للشعارات الزائفة والمدسوسة وفندوا ما فيها من ادعاء وكذب وحتى بعض الشخصيات المعارضة في الخارج مثل محمد العربي زيطوط الذي كانت مداخلاته في البداية تحظى بمتابعة قوية صارت أطروحاته مرفوضة شعبيا وفقدوا الثقة فيه بالإضافة إلى رفضهم للتدخل الأجنبي من قبل فرنسا والإمارات العربية المتحدة التي تقود الثورات المضادة في العالم العربي فالحراك الشعبي مؤطر سياسيا ويملك وعيا وحسا وطنيا ومنتبه لما يحيط به وليس من السهل خداعه من الذباب الالكتروني فلديه مبيد فعال لقتل كل الحشرات المؤذية .