الاستثمار.. سواء كان أجنبيا أو وطنيا لا تحرّكه إلّا الدولة من خلال مرونة التشريعات و وضعه على سكّة المنافسة بدل التعامل مع نفس الكم بكيلين مختلفين وتدخل المحسوبة و المحاباة في إسداء الصفقات ، و قد أكّد عديد المتخصصين في المجال الاقتصادي و خاصة في دراسة الصفة التي كانت تسير بها الاستثمارات في الجزائر أنّ الطرق غير الموضوعية في جلب المستثمرين لم تكن تخضع لأيّ قانون ما عدا قانون المعرفة التي تربط الشركات الأجنبية بمحيط السلطة الحاكمة و هو محيط تتحكّم فيه زمرة معيّنة و معروفة . وحتّى عدما توجّهت الجزائر من خلال قانون المالية التكميلي في 2009 إلى تطبيق القاعدة 51 / 49 والتي أرادت من ورائها حماية استثماراتها و تحقيق الربح للمستثمر الجزائري إنّما نفّرت المتعاملين الأجانب لأنّها في 2003 أكدت في عديد الملتقيات والمنتديات العالمية أنّها تضمن للمستثمرين الأجانب نقل أرباحهم إلى الخارج، وهذا ما دفع بهم إلى أن تكون مشاريعهم في البلاد ذات مدّة قصيرة أي ليست مبنية على إستراتيجية طويلة المدى.القاعدة 49/51 والتي تعني امتلاك الشريك الجزائري عمومي أو خاص نسبة 51 بالمائة من أصول أسهم الاستثمار المراد إقامته، في حال عدم الالتزام بشروط العملية وحق الشفعة لكل الأصول التي يريد مستثمرون أجانب التخلص منها أو بيعها في الخارج، إضافة إلى سماحه للحكومة بتوسيع الرسوم على الأرباح الاستثنائية المطبقة على القطاع النفطي إلى قطاعات أخرى وخاصة الأرباح التي تحقق في ظروف استثنائية خارج قطاع النفط . بل و أكدت ظروف التطبيق أنّ الاستثمار الحقيقي لم تعرفه الجزائر بعد و إنّما الأمر يتعلّق بتدوير التجارة فالمؤسسات التي كانت تستثمر في الجزائر تستعجل الانتهاء من مشاريعها من أجل الكسب الوفير و السريع و تحويل الأرباح إلى الخارج بمعنى أنّ النظرة الإستراتيجية طويلة المدى المؤدية إلى شراكات مثمرة كانت و لا تزال منعدمة ، و لا أحد يلوم المستثمرين الأجانب على هذا السلوك لأنّ الجزائر منذ 2003 أكدت في كل أنّها توفر لمن يأتون للاستثمار إليها القوانين و الأحكام التي تساعدهم على تحويل أرباحهم و من جهة أخرى تربط الاستثمار بالقاعدة 51 / 49 وهي القاعدة التي طبّقتها منذ 2009 ما أفقد الأجانب الثقة في نيّة الجزائر بشأن إطلاق الاستثمار . هذا كلّه مناف بل و مضرّ بالحرية الاقتصادية التي تنتهجها كبريات الاقتصادات في العالم و التي تقتضي تنقية مناخ الاستثمار و ذلك عن طريق سن قوانين يخضع لها الجميع و تنطبق على الجميع بدل ربط العلاقات الوطيدة مع اللوبيات المسيطرة على الاقتصاد في الجزائر كل الدول التي تتوفر على قطاعات إستراتيجية تطبّق قاعدة 49/ 51 لحماية اقتصادها و تأكيد تفوّق مداخيلها على المستثمر الذي عقدت معه هذه الشراكة من خلال تقديم الجدوى الاقتصادية أو هيئة الاستثمار لتنمية الدخل القومي. إنّ ضمان الاستثمار إنّما يتحقّق عن طريق إعداد البيئة التشريعية المناسبة وبالتالي السماح بتدفق رأس المال الأجنبي وأيضا المحلي.