تبنّى الحراك الشعبي في الطبعات الأخيرة من مسيراته الأسبوعية مطلبا يراه جوهريا و مثيرا للجدل و المتعلّق بمشروع قانون المحروقات الذي صادق عليه أول أمس مجلس الوزراء المجتمع برئاسة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح. و ما يثير الجدل في المشروع الذي لم يتحول بعد إلى قانون إلّا بمصادقة غرفتي البرلمان عليه ،بعض البنود التي يرى فيها المواطنون مساسا بكرامة الدولة و استغلالا غير قانوني للثروة الوطنية التي هي في الأخير ملك للمجموعة الوطنية ، و منها احتمال تمليك النفط الذي قد تكتشفه الشركات الأجنبية لها في مساحات حفر و تنقيب كبيرة في الصحراء الجزائرية ، هذا البند الذي تعوّل عليه الدولة من أجل استقطاب أكبر الشركات البترولية العالمية و استدراجها لاستثمار رؤوس أموالها في الجزائر ، عبّر عنه المتظاهرون بأنّه كما قالوا : بيع للبلاد للأجانب ، مع ما سيصاحب ذلك من تسهيل بل و تحفيز ضريبي و جبائي ، و معلوم أنّ الخزينة و إلى وقت قريب كانت توفر المال للنفقات حتّى من الجباية البترولية . و لكن و حسب وزير الطاقة محمد عرقاب فأنّ القانون السابق للمحروقات قد طرح منذ 2005 ما لا يقل عن 67 منطقة للاستكشاف النفطي و لم يتقدّم لها سوى 19 اقتراحا مكّن من توقيع 13 عقدا فقط و السبب حسب الشركات الاستثمارية يعود إلى صلابة القانون النفطي في الجزائر ، ما يدفعها إلى البحث عن أسواق جديد و عقد صفقات مربحة. و حاول وزير الطاقة في تصريحات صحفية الدفاع عن مشروع القانون الذي وصفه بالسلس و المدخل نحو استقطاب الشركات الكبرى من أجل توظيف أموالها و تقاسم المخاطر مع سونطراك . و من أهم البنود التي تثير تخوّف المواطنين المنددين بالمشروع إعطاء مساحة شاسعة من الاهتمام الأجنبي للمحروقات التي قد تتملّك المناطق التي تكتشف فيها المحروقات ، و معلوم أنّ كل الميزانية التي تخطّط لها الجزائر من أجل تسيّر الخزينة العمومية إنّما تتّكل على دخل الريع الذي يوفره تصدير المحروقات في شبه غياب لبدائل اقتصادية في الجزائر منذ عديد السنوات و تتزامن هذه المصادقة من قبل مجلس الوزراء و احتمال مرور المشروع عبر البرلمان مع عشية التحضيرات الكثيفة لإجراء الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر و هو ما قد يكون له رد فعل كبير من قبل الناخبين الذين يعمل الحراك الشعبي على توعيتهم بضرورة رفض مشروع القانون ،و هو قانون قد يزيد في تعميق الأزمة السياسية في البلاد ، أكثر من ذلك فقد توعّد المتظاهرون خلال مسيرة الجمعة الماضية بشن حملة على نواب الأمّة الذين قد يصادقون على المشروع في المناقشات المقبلة للبرلمان ،حيث سيعرض مشروع القانون على المنتخبين في الغرفتين . تنتج الجزائر 1,2 مليون برميل نفط يوميا. و تمثل عائدات المحروقات نسبة 95 % من إيراداتها الخارجية وتساهم في 60% من ميزانية الدولة. ف ش