أنهى فوج العمل المنصب من طرف وزارة الطاقة وسوناطراك، إعداد مشروع قانون المحروقات المعدل، وشكل الملف موضوع ثلاثة مجالس وزارية مشتركة في انتظار برمجته في اجتماع للحكومة قريبا، وذلك للمصادقة على مجموعة من التعديلات الجبائية والضريبية والإجرائية التي يراد من خلالها إحداث توازن جديد واستقطاب اهتمام الشركات الدولية. أكدت مصادر حكومية ل"الشروق" أن وزارة الطاقة فرغت من تحضير النص المتعلق بتعديل مشروع قانون المحروقات الذي يثير في كل مرة الكثير من الجدل، بسبب الارتباط الوثيق بين مضامينه وقدرته على استقطاب الشركات الأجنبية وبين الحفاظ على مصالح سوناطراك كشركة وطنية تعمل في قطاع النفط من جهة، وبين تنافسية هذا القطاع التي تبقى جبايته تمثل الجزء الأكبر من ميزانية الدولة ومداخيل الخزينة العمومية. وأكدت المصادر أن الحكومة أجرت دراسة أولية على المسودة الأولى للمشروع المتواجد حاليا على طاولة الوزير الأول، أحمد أويحيى، في انتظار برمجته للدراسة في اجتماع الحكومة والمصادقة في مجلس الوزراء، ويتضمن المشروع حسب مصادرنا مجموعة من التعديلات الجبائية والضريبية وحتى الإجرائية التي يراد من خلالها إحداث نوع من التوازن واستقطاب اهتمام الشركات الدولية وكذا ضرورة التكيف مع التغيرات المسجلة، خاصة منها ما تعلق باستغلال المحروقات غير التقليدية ومختلف الصيغ الجديدة، دون التخلي عن قاعدة الاستثمار في الجزائر أو ما يعرف بقاعدة 51 و49 في المائة والتي لا تشكل عائقا كبيرا في مجال الاستكشاف. وتتضمن مسودة مشروع قانون المحروقات الجديد إمكانية العودة للعمل بعقود تقاسم الإنتاج، وعقود المساهمة وعقود تقاسم المخاطر لإضفاء مردودية أفضل على استثماراتهم في الجزائر، بعد أن تم الاستغناء عنها في قانون المحروقات 07-05، والعمل بعقود الامتياز عوضا عنها. وحسب مصادرنا فقد تمت الاستعانة في عملية صياغة وإعداد النص التشريعي على مواقف وتصورات الشركاء الأجانب، فضلا عن مجموعة الانشغالات المعبر عنها من قبل هذه الشركات من ملاحظات وامتعاضات لدى نشاطها بالجزائر، والاعتماد على مقاربات جديدة واستخلاص الدروس من التجارب السابقة، وتتواجد مسودة مشروع قانون المحروقات على مستوى الوزارة الأولى وبالضبط على مستوى الوزير الأول، أحمد أويحيى، حيث تنتظر اللجنة التي أوكلت إليها مهمة إعداد المشروع مناقشته من طرف الحكومة ومراجعة بنوده والفصل في قرار اعتماده، في وقت ما تزال الحكومة تبرر تأخرها في إصدار قانون المحروقات بضرورة التريث ودراسة القانون جيدا قبل إصداره، بالنظر إلى الدور الهام الذي سيلعبه في إعادة استقطاب المستثمرين الأجانب والمساهمة في رفع حجم عائدات الجزائر من العملة الصعبة، في ظل شح الموارد المالية منذ سنة 2014، نتيجة انهيار أسعار النفط في السوق الدولية. مشروع تعديل قانون المحروقات الذي كان مبعث جدل كبير في سنة 2006 والإتهامات التي طالت المشرفين على إعداده يومها بسبب مضامينه التي اعتبرها البعض رهنا لمستقبل الأجيال، قبل أن يتدخل الرئيس بوتفليقة ويلغي المواد موضوع الجدل، وجدت الجزائر نفسها مجددا مجبرة على تعديله بعد أن تراجع إنتاجها إلى اقل من المليون برميل يوميا، وتقلصت مواردها من العملة الصعبة تحت 40 مليار دولار، الأمر الذي يفرض التحرك لإعادة استقطاب الشركات النفطية للاستثمار في الحقول الجزائرية، بعد أن أحجمت هذه الأخيرة عن المشاركة في المناقصات الدولية المعروضة من وكالة "ألنافط"، منذ 2011 بسبب العقبات البيروقراطية والشروط الصعبة التي يفرضها القانون.