تمخّضت، عديد القضايا وتوالت الأحداث في حراك الجزائر الذي أبهر العالم بسلميته، حراك بدأ ذات 22 فيفري لإسقاط نظام الحكم البوتفليقي وكل رموزه، نجح في اسقاط العهدة الخامسة ونجح في رحيل الباءات الأربع ونجح في اختيار رئيس شرعي للجمهورية الجزائرية... حراك سيّره قائد الأركان الراحل بكثير من الحنكة والبصيرة... حراك لم ترق فيه الدماء طيلة عشرة أشهر من المسيرات التي جاب فيها المواطنون ربوع الوطن... حراك تمخّضت عنه الجمهورية الجديدة التي تحاول الجزائر حياكة خيوطها الحريرية بأيادي مصرّة وكلّها عزم على إرجاع صيت الجزائر الداخلي والخارجي... محطات نحاول اختصارها في هذه الأسطر... في 22 فيفري 2019، تظاهر الآلاف من المواطنين في مدن عدة، بينما يحظر التظاهر منذ عام 2001، رافعين شعارات "لا لعهدة خامسة"، و«لا بوتفليقة"، و«لا سعيد" شقيق الرئيس الذي كان ينظر إليه على أنّه خليفته المحتمل، وكان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي وصل إلى الحكم عام 1999 أعلن ترشحه في العاشر من فيفري لولاية رئاسية خامسة، رغم تدهور صحته نتيجة إصابته بجلطة دماغية عام 2013. وفي العاشر من مارس، صرح رئيس الأركان الفريق الراحل أحمد قايد صالح، أن الجيش يتقاسم مع الشعب القيم والمبادئ نفسها، وفي 11 مارس، أعلن بوتفليقة عدوله عن الترشح لولاية خامسة وإرجاء الانتخابات الرئاسية لأجل غير مسمى. نهاية العهد البوتفليقي وفي 15 مارس، خرجت حشود ضخمة في وسط العاصمة منددة بتمديد ولاية بوتفليقة من خلال تأجيل الانتخابات، وشملت التظاهرات أغلب ولايات الجمهورية، وفي نهاية مارس طلب قائد أركان الجيش الفريق الراحل أحمد قايد صالح إعلان الرئيس عاجزًا عن ممارسة السلطة أو أن يستقيل، وفي الثاني من أفريل أعلن بوتفليقة (82 عامًا) استقالته. وفي الخامس من أفريل، نزل الجزائريون إلى الشوارع بأعداد كبيرة، معربين عن عزمهم على التخلص من "كل" رموز النظام. تعيين بن صالح رئيسا للدولة وفي التاسع من أفريل، تم تعيين رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسًا للدولة، فيما قاطعت المعارضة جلسة البرلمان. ليواصل الحراك مسرته بالمطالبة برحيل الباءات الأربع، رئيس المجلس الشعبي الوطني، معاذ بوشارب، رئيس المجلس الدستوري، الطيب بلعيز، رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، والوزير الأوّل نور الدين بدوي. وهي المطالب التي قوبلت بالرفض من طرف السلطة في البداية ولكن بدأت مرحلة جديدة ببداية سقوط أوّل الباءات وهو رئيس المجلس الدستوري، الطيب بلعيز. عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية في 12 ديسمبر، جرت الانتخابات الرئاسية في الجزائر في أجواء ديمقراطية كبيرة وبلغت نسبة المشاركة 39.83 %، وتم الاعلان عن فوز المترشّح الحر، عبد المجد تبون، الوزير الأوّل الأسبق بالرئاسة في الدورة الأولى بنسبة 58.15 بالمائة من الأصوات. وقال الرئيس المنتخب في أول مؤتمر صحافي له: "أتوجه مباشرة للحراك المبارك، وأمد له يدي لحوار جاد من أجل جمهورية جديدة". وفي 19 ديسمبر أدى رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليمين الدستورية رئيسًا، وعيّن صبري بوقدوم وزيرًا أول بالنيابة وأقال وزير الداخلية صلاح الدين دحمون الذي وصف معارضي الانتخابات الرئاسية بأنهم "خونة ومرتزقة"، وعين مكانه وزير السكن كمال بلجود. الأكاديمي عبد العزيز جراد وزيرا أوّلا في 28 ديسمبر عيّن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون الأستاذ الجامعي والأكاديمي الحائز على دكتوراه في العلوم السياسية عبد العزيز جراد وزيرا أوّلا، وهو ما لقي ترحيبا وقبولا كبيرين من طرف الأوساط السياسية وكذا من طرف المواطنين وحتى من قبل المعارضة وبعض محركي الحراك الشعبي. سقوط أوّل باء واستقالة الطيب بلعيز في منتصف أفريل، استقال رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز المقرّب من بوتفليقة، وفي العشرين من ماي، رفض الراحل قايد صالح، ومسيّر أخطر مرحلة مرّت بها الجزائر منذ الاستقلال، مطلبين رئيسيين للمحتجين هما إرجاء الانتخابات الرئاسية التي حددت في الرابع من جوان.