يُعوّل الجزائريون اليوم في الجمعة التاسعة من الحراكِ الشّعبي السّلمي على تجنيد أكبر عدد من المُتظاهرين للتأكيد على مطلب رحيل جميع رموز النظام البوتفليقي، ورفض ”الترقيعات” التي أجرتها السُلطة خلال الأسبوع المنصرم ومسّت الشكل دون المضمون، وعلى رأسها تنحية ”باء” وتعويضه ب”فاء”. استغرب العديد من الجزائريين خلال الأسبوع المُنصرم رفض السُلطة الاستماع إلى صوت الشعب الذي يرتفع أسبوعا بعد آخر، بل يوما بعد يوم، حيث دوّى من خلال مليونيات الجمعة الماضية 12 أفريل، ومليونية الطلبة يوم الثلاثاء، وتجمع عمال ونقابيي الاتحاد العام للعمال الجزائريين أوّل أمس الأربعاء، والمظاهرات والتجمعات الفئوية لكلّ من القضاة، المحامين، الموثقين، وذوي الاحتياجات الخاصّة، رؤساء بلديات، ومُناضلين مُستقلين وغيرهم. كل تلك الأصوات صدحت بمطلب واحد: ”ارحلوا جميعا”، وهو المطلب المُوجه إلى الباءات الثلاث: رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، الوزير الأول نور الدين بدوي، ورئيس المجلس الدستوري الطّيب بلعيز (قبل استقالته)، يُضاف إليها منسق جبهة التحرير الوطني معاذ بوشارب، وجميع رموز النظام البوتفليقي، خاصّة منهم الذين ساندوا ترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة في وقت سابق. كما دعا الشعبُ إلى محاسبة رجال السياسة ورجال المال ممن يثبت تورّطهم في قضايا فساد. غير أنّ ردّ السلطة جاء مُخالفا للتوقعات كونه اقتصر على إجراءات وصفها الجزائريون ب ”الترقيعات” أو ”البريكولاج”، منها استقالة رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز وتعيين كمال فنيش مكانه، ما أثار تعليقات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي بكون السلطة لم تفعل سوى استبدال حرفٍ بآخر، كون فنيش أيضا واحدا من رموز النظام البوتفليقي. والرّد الثاني من السُلطة السياسية هو التصريحات التي جاءت على لسان وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة حسان رابحي أوّل أمس، التي أظهرت جليا أنّ الحكومة برئيسها وأعضائها الحاليين ماضية في عملها، ولا نية لها لا في الاستقالة ولا التنحي، وأكثر من ذلك اعتبر رابحي أنّ المواطنين الذين احتجوا على زيارات الوزراء على مستوى وِلاياتهم لا يُمثلون كل سُكان تلك الولايات، رغم أنّ مطلب تلك ”المجموعات”، كما وصفها رابحي، لا يختلف عن مطلب مليونيات الجمعة في شيء وهي رحيل الحكومة برئيسها وطاقمها. وعدا الإجراءات ”الترقيعية”، تميّز الأسبوع الماضي بالتصريحات التي يرى الكثير من الجَزائريون أنها ”لا تغني ولا تُسمن من جوع”، لأنها لم تُرفق بعد باتخاذ أيّ قراراتٍ ميدانية لإثبات ”حسن النية”. ومن التصريحات التي طالب الجزائريون أن تتحوّل إلى عمل تلك التي أطلقها قائد الأركان القايد صالح من الناحية العسكرية الرابعة، والتي تضمنت اتهامات مباشرة للمدير السابق لجهاز الاستعلامات والأمن محمد مدين، المدعو توفيق، بكونه من بين أشخاص آخرين ”لا يزالون ينشطون ضدّ إرادة الشعب، ويعملون على تأجيج الوضع من خلال الاتصال بجهات مشبوهة، ومع بعض المسؤولين والأحزاب السياسية”. وعليه ينتظر الجزائريون قرارًا يمكن أن يكون على الأقل ”بداية النهاية”، برحيل الباءات الثلاث المُتبقين (بن صالح، بدوي وبوشارب)، وتشمل في مرحلة ثانية باقي رموز النظام السّابق، ثمّ محاسبة المتورطين في قضايا فساد. كما تداعى الجزائريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحفاظ على سلمية المُظاهرة أكثر من أيّ وقت مضى، وحتى في حال التعرض إلى استفزاز أيا كان نوعه وتفادي الرّد عليه، فنجاح المسيرات وتحقيقها لأهدافها مُرتبطٌ أساسا بحفاظها على طابعها السّلمي الذي يجب أن لا تحيد عنه تحت أيّ ظرف، كما تداعوا لمنع أيّ مُتسلل من قذف مصالح الأمن بأي أداةٍ، خاصّة أنّ مصالح الأمن تكون قد تراجعت عن استعمال القوّة العمومية لقمع المظاهرات منذ مسيرة الطلبة في العاصمة يوم الثلاثاء الماضي، والتي اختلفت معالجتها الأمنية كثيرا عن مسيرة الثلاثاء 9 أفريل الماضي.