عادت الجزائر لتلعب الدور الدبلوماسي المنوط بها بحثا عن حل سياسي للنزاع العسكري في ليبيا ،حيث استقبلت خلال اليومين الأخيرين بعض أطراف الصراع و في مقدمتهم رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية السيد فايز السراج الذي استقبله السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون و دار الحوار بينهما حول مستجدات الوضع العسكري الصعب في ليبيا ، كما تلقى السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مكالمة هاتفية من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل وجهت خلالها دعوة للجزائر لحضور محادثات برلين حول الوضع المتأزم في ليبيا و استعرضت المستشارة الألمانية مع السيدرئيس الجمهورية تطور الأوضاع الميدانية ، و ضرورة التوصل إلى حل سياسي و من جهته أكد السيد تبون تمسك الجزائر بمبدأي رفض الجزائر لأي تدخل أجنبي في الشئون الداخلية لهذا البلد ،و ضرورة تغليب الحل السلمي و جلوس أطراف الصراع على طاولة الحوار ،كما استقبل السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أمس الثلاثاء وزير الخارجية التركي السيدمولود جاويش أوغلو الذي يقوم بزيارة لبلادنا منذ اول أمس الاثنين 6جانفي و كان وزير الشئون الخارجية صبري بو قادوم قد استقبله أول أمس الاثنين و تناول اللقاء الوضع في ليبيا على اعتبار أن تركيا قد أصبحت طرفا في الصراع من خلال توقيعها اتفاقيةمع حكومة الوفاق الوطني بطرابلس لرسم الحدود البحرية بينها و بين ليبيا ، و مصادقة برلمان تركيا يوم الخميس الماضي على قرار يسمح بإرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا و هو ما أثار ضجة كبيرة و أنذر بالعواقب الوخيمة لمثل هذا التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي الليبي ،و لم تتوقف المساعي الدبلوماسية الجزائرية لتحريك آليات الحل السياسي للأزمة الليبية عند هذا الحد حيث دعا السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسئولياته في فرض احترام السلم و الأمن في ليبيا ، هذا فضلا عن محاثات هاتفية أجراها وزير الخارجية صبري بوقادوم مع الأمين العام للأمم المتحدة –أنطونيو غوتيريس ،و وزراء خارجية كل من مصر و الإمارات العربية المتحدة و فرنسا و كذا النيجر و مالي و التشاد ،و يندرج هذا التحرك الدبلوماسي الجزائري ضمن عملية عودة الجزائر للعب دور هام في حل النزاعات الدولية خاصة إذا ما تعلق الأمر ببلد شقيق ومجاور هو ليبيا و بلدان الساحل الإفريقي التي تمثل الإمتداد الإفريقي للجزائر التي لطالما أدت أدوارا مهمة في حل الأزمات والصراعات الدولية . إن الجزائر لم تتردد يوما ولا هي تخلفت عن الوساطة في لقاءات مساعي حل الأزمات و النزاعات المسلحة و السياسية المختلفة إفريقيا و عربيا ، وعليه فهي اليوم لا تذخر جهدا في السعي إلى إصلاح ذات البين ،و حل النزاعات العسكرية و السياسية وعيا منها بأهمية الحل الدبلوماسي و التفاهم بدلا من اللجوء إلى العنف و التصعيد العسكري بعواقبه الوخيمة المدمرة للشعوب و البلدان و ذلك انطلاقا من موقفها الثابت برفضالتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلدان و تحويلها إلى ساحة حرب لا تخلف إلا الخراب و الدمار للشعوب بدافع أهداف اقتصادية و أطماع سياسية و بمنطق التأمر و البقاء للأقوى ،و الجزائر اليوم قد سجلت حضورها الإيجابي على الساحة الدولية حيث أن الأيام القادمة ستكشف حتما عن البعد الجديد للتحرك و الدور الجزائري بالمنطقة الذي لا ينازعها عليه أحد .