يطرح التكفل بالقدم السكري بوهران إشكالا حيث لا تتوفر الولاية سوى على مصلحتين لاستقبال المرضى ما يخلق ضغطا كبيرا على المؤسسات الاستشفائية و المرضى ويحول دون الاستفادة الكاملة من الرعاية الطبية اللازمة. و لا تتوفر بولاية وهران التي يتعدى تعداد السكان بها المليون و النصف سوى على مصلحتين اثنتين تتكفلان بالقدم السكري، و هما مصلحة الأمراض الباطنية بالمركز ألاستشفائي الجامعي "الدكتور بن زرجب" بوهران و عيادة "لاريبار" المختصة في أمراض السكري و الغدد التابعة لنفس المركز. وقال البروفيسور أمين شامي، رئيس مصلحة الأمراض الباطنية بالمركز ألاستشفائي الجامعي لوهران في تصريح لوأج أن "هاتين المصلحتين لا يمكن أن تكفي للتكفل بجميع المرضى الذين يعانون من القدم السكري في الولاية"، مبرزا بأن "المصلحة التي تحتوي على 44 سريرا تخصص ما لا يقل عن 20 منها للتكفل بتعقيدات القدم السكري". و أبرز بأن ما يزيد الطين بلة طول مدة الإقامة بالمستشفى بمعدل 49 يوما، يمكن أن تصل الى ستة أشهر في بعض الحالات، لافتا الى أن العدد الكبير في مرضى القدم السكري يتسبب في نقص التكفل بالأمراض الأخرى. وأضاف المتحدث أنه كثيرا ما يصعب عليه رفض التكفل بالمرضى رغم عدم شغور الأسرة المخصصة لهم لأنه على دراية تامة بأنهم يصعب أن يجدوا الرعاية اللازمة في مكان آخر. من جهتها, أفادت البروفيسور محمدي رئيسة عيادة "لاريبار", بأن العيادة بها مصلحة صغيرة من 30 سريرا تتكفل بمرضى السكري و الغدد الصماء حيث خصص ثمانية أسرة منها للقدم السكري. و قد تكفلت العيادة رغم محدودية إمكانياتها في السداسي الأول من سنة 2019 بألف مريض يعاني من القدم السكري، و تشير رئيستها أن الأمر يتعلق بمهمة "ثقيلة" معبرة عن رغبتها في إشراك مؤسسات صحية أخرى للتكفل بهذا المرض الذي يعتبر من مشاكل الصحة العامة. --ضرورة تكليف مؤسسات صحية أخرى بالقدم السكري-- و يتساءل مختصو القطاع حول أسباب عدم تكفل عدة مؤسسات بالقدم السكري على غرار المؤسسة الاستشفائية الجامعية "أول نوفمبر" بوهران و مستشفيي عين الترك و المحقن (ارزيو). و تتوفر المؤسسة الاستشفائية الجامعية لوهران على مصلحة للأمراض الباطنية غير أنها لا تتكفل بالقدم السكري. وفي هذا السياق إعتبر البروفيسور محمد بلحاج رئيس قطب الطب الداخلي بنفس المؤسسة أن مصلحة الأمراض الباطنية التابعة له هي "مصلحة صغيرة" تتكفل بمختلف الأمراض الباطنية الثقيلة، مشيرا الى أن المكان لا يسع لرعاية القدم السكري. وفي هذا الصدد, ذكر نفس المصدر بأن المؤسسة الاستشفائية الجامعية قد أنشأت بهدف تطوير تقنيات دقيقة في الطب و الجراحة، في حين يدخل التكفل بهذا النوع من التعقيدات ضمن صلاحيات ومهام المؤسسات الأخرى. ويرى البروفيسور شامي من ناحيته بأن المديرية المحلية للصحة و السكان ينبغي أن تلعب دورا في إيجاد أسرة في مؤسسات صحية أخرى بالنسبة للمرضى الذين لا يجدون مكان في المركز الاستشفائي الجامعي. من جانبه, صرح مسؤول الاتصال على مستوى مديرية الصحة والسكان، الدكتور يوسف بوخاري، بهذا الخصوص أن المديرية تدخلت في العديد من الحالات التي تم توجيهها الى مستشفى عين الترك و المحقن، مبرزا بأن هاتين المؤسستين لا يمكن أن تتكفل إلا بالحالات البسيطة، في حين يجب رعاية الحالات الأكثر تعقيدا في وسط جامعي. وأوضح بهذا الشأن أن "المستشفيات الجامعية تتوفر على اختصاصيين في مختلف المجالات على غرار الجراحة العصبية و جراحة الشرايين و أمراض السكري و الجراحة العامة الخ...". و يتأسف البروفيسور شامي، كون أنه رغم الجهود المبذولة في كل من مصلحة المركز الاستشفائي الجامعي بوهران و عيادة "لاريبار" فإن بعض من المرضى يجدون أنفسهم عرضة لتدهور حالة أقدامهم التي قد تؤول الى البتر أو تودي بحياتهم، في حالة تأخر شغور سرير في إحدى المؤسستين. و صرح بهذا الخصوص أنه "يصعب إعطاء مواعيد قريبة نظرا لاكتظاظ المصلحة حيث لا يمكن استبعاد حدوث حالات وفاة لدى بعض المرضى الذين لا يجدون الرعاية الصحية في أي مؤسسة". و يروي أحد المرضى الذي بترت ساقه بعد إصابته بغرفرينا غازية, وهي أكثر أنواع الغرغرينا خطورة إذ تتطور بشكل جد سريع, معاناته لعدة أسابيع من أجل التكفل بحالته. وأفاد هذا المريض الذي يحتفظ بذكرى أليمة بخصوص ظروف بتر ساقه, بأن كل المؤسسات رفضت التكفل به، حيث قضى عدة أسابيع ينتقل من مؤسسة لأخرى. و يتذكر هذا الأربعيني انه "وصل الى غاية التوسل اليهم ببتر ساقه التي كانت ستودي بحياته" , مضيفا أنه بتر في المرة الأولى بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية بوهران بمصلحة جراحة الشرايين، غير أن نفس المؤسسة رفضت التكفل به بعدما عادت الغرغرينا للظهور، حيث قضى عدة أسابيع أخرى طرق فيها جميع الأبواب الى أن "قبل" مستشفى المحقن بأرزيو بتره للمرة الثانية. و لا يعتبر مشكل التكفل بالقدم السكري مشكلا خاصا بولاية وهران، إذ يؤكد رئيس الجمعية الجزائرية للسكري، مراد سمروني، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مصلحة الأمراض الباطنية بالمركز الاستشفائي الجامعي ببني مسوس (الجزائر العاصمة) أن المشكل وطني و انه يمس الصحة العامة. و عبر هذا الاختصاصي عن "عدم تفهمه" أمام بعض مصالح الطب الباطني التي ترفض التكفل بالقدم السكري, معتبرا أن "المصلحة لا يمكن أن تكون مصلحة للسكري بأتم معنى الكلمة إن لم تتكفل بالقدم السكري". و يرى نفس المصدر أن الحل أمام هذا المشكل يكمن في إنشاء مصالح ووحدات خاصة بالقدم السكري مع إشراك مصالح الطب الباطني الموجودة، مردفا أنه قد تم تشكيل مجموعة وطنية مكونة من أطباء من مختلف الاختصاصات لتحسين التكفل بالقدم السكري في مختلف المناطق.