شكّل موضوع الإشهار وتطهير القطاع مادة دسمة لتصريحات الرئيس المدير العام للمؤسسة الوطنية للاتصال، النشر والإشهار، السيد العربي ونوغي حيث، صبّ جام غضبه في حصة خاصة للقناة الفضائية الحياة على العهد البائد الذي كان يميّز الإشهار في الجزائر كاشفا وبلغة الأرقام كيف كان الريع ألإشهاري يوزع بطريقة أقل ما يقال عنها غير عادلة وتفتقد للشفافية بل وصفها المتحدّث بالمشبوهة في أحيان كثيرة. وشكّلت هذه التصريحات المثيرة حلقة مهمة في هذا الحقل المحفوف بعدّة كمشاكل إذ تتطرق المسؤول الأول على " أناب" أن العشريتين الماضيتين كان يسير فيها الإشهار بفوضوية جد تامة فكانت حسب تصريحاته جرائد تؤسس بأسماء مستعارة بلا رابط ولا ضابط فكل من هبّ ودبّ ينشأ جريدة لا تستخدم لغرض تقديم خدمة عمومية يستفيد منها الشعب بل من أجل اقتسام كعكة الإشهار التي كانت تدرّ على ملاك هذه العناوين أموال طائلة زادت في ثرائهم الفاحش على حساب مستخدميهم من الصحفيين والعمال. وكان السيد ونوغي قد شدّد بقول أنه حين عيّن من قبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على رأس هذه المؤسسة، أن تعليمات السيد الرئيس كانت واضحة بالنسبة إليه تشكّل خارطة طريق عمله وهي الشفافية والعدالة في توزيع الإشهار هذه الكلمات التي برهن على وجوب تكريسهما في العهد الجديد الذي ستدخل فيه هذه الوكالة الوطنية خصوصا وأنها كانت قبل الانتخابات الرئاسية الفارطة محطة أنظار الكثير من أفراد العصابة الذين راحوا تلك الفترة يشكلون لوبيا ضاغطا عن طريق مكالماتهم الهاتفية التي شكلت ورقة تهديد وتحرش لعدّة مسؤولين توافدوا على هذه المؤسسة ... لكن دوام الحال من المحال حسب السيد ونوغي، والذي بلهجة الحازم والواثق من نفسه قد أكّد لذات القناة أنه يعرف خبايا قطاع الإشهار وأنه كان صحفيا ثم رئيس قسم ثم رئيس تحرير ثم مدير عام بجريدة النصر بقسنطينة وكيف كان يقسّم أرقام الإشهار ... وشرح، المتحدّث، أن العديد من الصحف لا تمت بصلة للخدمة الاتصالية والإعلامية طالما جل صفحاتها مبوّبة على الإشهار دون تقديم خدمات إعلامية مهنية ترقى إلى الحس المطلوب فنرى كل المواضيع منسوخة من الانترنت مفتقدة للإمضاءات الصحفية ومع ذلك تأخذ هذه الجرائد حصة الأسد من الإشهار حارمة عناوين أخرى تتسم بالمهنية العالية من حصة مهمة في صفحات الإشهار وهذا ما لا سوف يكون خلال عهدته على رأس هذه الوكالة. ولم يخفي المدير العام ل " أناب" وهو يسترسل في خبايا هذه المؤسسة أن جرائد كانت تستفيد من المادة الاشهارية حسب نزوات ورغبات ونفوذ رجال الأعمال وشخصيات سياسية فضحهم الحراك المبارك، مؤكدا، أنه وصل الأمر به حينما كان على رأس جريدة النصر قد رفع الأمر إلى وزير الاتصال في تلك الفترة هذا الأخير الذي لم يحرّك ساكنا حسبه مبقيا دار لقمان على حالها، وتساءل السيد ونوغي كيف يكون وزير الاتصال هو نفسه رئيسا مديرا عاما لأناب واصفا ذلك بعبارة ساخرة أنه" فعلا فيلما هنديا". وحينها لما تفاقمت الأمور قال ونوغي أنه قدم استقالته للوزير تنديدا لما أسماه " بالسرقة الفاضحة للإشهار" لبعض العناوين حيث قدّم بالدليل الكتابي أمام المشاهدين فاتورات الإشهار التي كان يكد ويجدّ لجلبها من المؤسسات المختلفة حينما كان على رأس جريدة المساء بمعية كل طاقمها ليتفاجأ حسبه بتحويل وجهة تلك الصفحات الإشهارية لوجهة أخرى كانت تحت هيمنة أشخاص مشبوهين كانت لهم سطوة في زمن العصابة. وفي سياق متصل حدّد السيد ونوغي أولوياته على رأس هذه المؤسسة حيث أبرز أن عمودها الفقري هو الشفافية التي أكّد عليها في عدّة مناسبات وزير القطاع عمار بلحيمر، حيث لخّص أهم فقرات قانون الإشهار الجديد وفصوله التي ستمكّن من توخي عدالة التوزيع والأخذ بعين الاعتبار تصريح بعدد أموال وصحفيي الجرائد وكذا عدد النسخ المطبوعة خصوصا أنه كما قال حزمة كبيرة من الجرائد تستفيد من المادة الاشهارية وبالمقابل لا تدفع مستحقات الدفع ولا الضرائب لأنها بكل بساطة جرائد تسيّر بأسماء مستعارة مما يفتح الباب على مصرعيه للفساد وفقدان العملية الإعلامية لغايتها السامية. ومن هنا يتجلى بوضوح أن عهدا جديدا سيفتح للمؤسسة الوطنية للاتصال، النشر والإشهار، عهد يعتمد على كفاءة المورد البشري واستقامته داخل دواليب هذا القطاع حيث أوضح بعض ملامح الإصلاحات المقبلة عليه الوكالة هيكليا وبشريا حتى تكون رافدا أساسيا في مسار الإصلاح الصحفي والإعلامي تحت لواء الجمهورية الجديدة