فرنسا مطالبة بتسليم الخرائط الطوبوغرافية الخاصة بتفجيراتها النووية بالجنوب الجزائري    السيد عطاف يجري بأديس أبابا محادثات ثنائية مع عدد من نظرائه الأفارقة    تحضيرات إحياء اليوم الوطني للذاكرة وعروض تتعلق بملفات أخرى على طاولة الحكومة    السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري توجه إعذارا لقناتي الحياة والشروق    باتنة: انطلاق الطبعة التاسعة للمهرجان الوطني الجامعي للفيلم القصير    دراجات/طواف الجزائر 2025: الجزائري ياسين حمزة يحقق الفوز الرابع تواليا ويحتفظ بالقميص الأصفر لرائد الترتيب العام    وهران : انطلاق الصالون الدولي للاستثمار في الصناعة والبناء والطاقة والتصدير    المعرض الوطني للكتاب بوهران: صناعة الكتاب بالجزائر تشهد حركية بفضل دعم وزارة الثقافة و الفنون    موانئ: سعيود يحث المسؤولين على الاستغلال الأمثل للإمكانات المادية والبشرية والعمل بنظام 24/24ساعة    تخصيص 10 ملايير دينار لإنجاز مشاريع تنموية ببرج بوعريريج    أمطار رعدية مرتقبة بولايات الوسط غدا الخميس    هدنة ملغمة في غزّة    كرة القدم /كأس افريقيا للأمم 2026/ سيدات: المنتخب الوطني يكثف من تحضيراته    المخزن يتمادى في التطبيع العسكري مع الصهاينة    خطة تهجير الفلسطينيين من غزة "جريمة حرب" بموجب اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي    وفد عماني في زيارة إلى مجمع "لابال" لبحث فرص الشراكة    التحديات الأمنية تقتضي تعزيز التعاون    كرة القدم (الجمعية الانتخابية للاتحادية الجزائرية): وليد صادي المرشح الوحيد لخلافة نفسه    مشروع عملاق.. لمستقبل مزدهر    علاقة تاريخية بين سوناطراك ومجمع إيطالي    بوغالي يشيد بالدور الرّيادي للدولة    جريمة عنصرية ضد أستاذ جزائري بفرنسا    ملتقى وطني حول التشغيل والمقاولاتية في الجزائر    ربيقة يستقبل وفداً برلمانياً    صحفي اسباني : المغرب لا يريد شهودا على ما يقترفه في الصحراء الغربية المحتلة    الاحتلال الصهيوني يمارس سياسة الإرهاب بحق المحررين وعائلاتهم ضمن صفقات التبادل    وزير الصحة يلتقي بأعضاء النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة للصحة العمومية    81 دراجا عند خط انطلاق المرحلة الثالثة من سطيف    وزارة الفلاحة تطرح أسعار الخضر والفواكه واللحوم    مرسوم رئاسي يخص التأهيل الطبي للخدمة في الجيش    الجامعة ساهمت في دعم انخراط المتخرجين في الحياة المهنية    ؟!.. فرنسا لم تخرج طواعية    وزير الداخلية يشارك في منتدى إقليمي عربي للحدّ من مخاطر الكوارث    9آلاف صحفي عبر العالم يشوّهون صورة الجزائر    ضمان وفرة السلع بأسعار معقولة خدمة للموطن    الجزائر ترفض المشاريع الوهمية للعبث بمصير الفلسطينيين    مكتتبو "الترقوي" بغليزان يطالبون بسكناتهم    "الباهية" تواصل إزالة التوسعات العشوائية    لن أعمل مع رونالدو ورحيل نيمار يزعجني    الدفاع هاجس بيتكوفيتش والهجوم سلاح "الخضر"    دعوة لتأسيس نقابة حقيقية وجادة    معلول يودع اتحاد الجزائر بتأهل صعب أمام مقرة    إيليزي: أكثر من 20 مشاركا في تظاهرة الفن التشكيلي "آزجر"    ياسين حمزة يفوز بالسرعة النهائية    ديوان الحج يُحذّر    وزير الصحة يلتقي بأعضاء النقابة الوطنية الجزائرية للنفسانيين    الجزائر تؤكد وقوفها الثابت إلى جانب المملكة العربية السعودية    حج 2025: اجتماع تنسيقي لمتابعة ترتيبات برنامج الرحلات الجوية    كتاب جديد عن جرائم فرنسا في الجزائر    الإعلان عن ترتيبات موسم الحج حصريا عبر المصادر الرسمية الموثوقة للديوان الوطني للحج والعمرة    نسخة مترجمة لكتاب الحكومة المؤقتة    فرسٌ تَعثّر فنهض    البروفيسور بلعقروز ينتزع جائزة الدولة للكتاب العربي 2025    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثراء اللغة العربية هل هو نقمة عليها ..؟
مساهمة / في اليوم العالمي للغة الضاد
نشر في الجمهورية يوم 19 - 12 - 2020

لستُ خبير لغات ولا متبحراً في معادلاتها وكل ما أجيده منها لا يتجاوز أربعاً هي للحياة وللمهنة ولبعض الإبداع الذي تجود به الظروف، على رأسها العربية بطبيعة الحال، وتلك الفرنسية التي رافقتني صغيراً والإنجليزية التي كثيراً ما تصاحبني في المهنة ومن ثم الأوردية التي غدت بدورها جزءاً يومياً تقريباً ضمن عملي في ورشات العمل الهندسي مع العمالة هناك.
- وبقدر اقترابي التاريخي كذلك ولأسباب ثقافية بحتة من العديد من اللغات الأخرى منذ زمن رحت أزداد اعتقاداً بأنه لا لغة في العالم قديمة أو حديثة أخرج لغويوها للدنيا مؤلفات في النحو والصرف والبلاغة والمعاجم والأساليب فوق ما فعل العرب وأصدقاؤهم من المحبين والمريدين لها أكثرهم كان من العجم كما يبدو ولأسباب شتى ربما يكون العامل الديني أهمها نظراً لارتباطها الوثيق بالعقيدة التي اعتنقوها ذات يوم..
- وفي هذا يمكن أن نتساءل مثلاً عندما يقول لنا التاريخ بأن واحداً مثل بن جني قد قضى من عمره أكثر من أربعين سنة يتعلم النحو والصرف وحدهما، أو آخر مثل الفراهيدي البصري الذي كان ومن أجل تطويرها (أي اللغة العربية) زاهداً في الأخصاص كما يقال وتلاميذه يأكلون الخبز ببعض علمه (اللغوي) من وراء ذلك ويروجون لكتبه كالعروض والإيقاع أو (النقط والتشكيل) أو (معاني الحروف) أو غيرها من المؤلفات التي تركها، أو الأزهري الهروي الذي مات ولم يُكمل مشاريع كتبه مثل (علل القراءات) أو تفسير إصلاح المنطق أو (معجم تهذيب اللغة) أو غيرها، أو ذلك الملقب بالحسن الصفائي (الهندي) الذي ترك لهذه اللغة ثروة لا تقدر تمثلت في كتب (العروض) و(الفحول) و(الأضداد) و(أسماء العادة) وغيرها، وغيرها من جبال المؤلفات اللغوية لغيرهم والتي تكدست إرثاً صلباً لم يكن من السهل التعامل معه أو الاستفادة منه بقدر بعض الجهد الذي بُذل من أجل إنجازه، ومن ثم يمكن القول: ماذا يعني لنا مثلاً إذا كانت هذه العربية تحتوي على (12) مليون مُفردة كما تقول الإحصائيات مقارنة بغيرها، وهي كما نرى الأكثر غزارة بالنسبة لكل لغات العالم الأخرى بينما نسبة تأثيرها تظل محدودة، فقط لأن فرص مشاركتها في تدريس المعارف والعلوم وإجراء الأبحاث العملية والنظرية شبه منعدمة عدا في قلة من البلاد العربية التي يحاول مجتهدوها ونخبتها إدخالها في المنظومات المسيطرة مثل بقية اللغات .
ونذكر في هذا الصدد جهود الأشقاء في المشرق العربي وبالأخص سوريا التي قطعت في الموضوع أشواطاً متقدمة عندما نبذت الكسل والتواكل في الأمر ، وراحت تشارك في التحليق الحر للحرف العربي دون رهبة أو عقد.. أو ليست اللغات تحلق بالأمم والشعوب التي تنتسب إليها، وكذلك الحضارات؟ ، فكانت سباقة في الكثير من الميادين إلى تأسيس الأرضية الصلبة لحوار فكري فاعل في التنوير والتأثير وكذلك التجهيز لصناعة متقدمة في المجالات كافة مقارنة بغيرها من البلاد العربية..
- فهل يحق لنا كجيل في هذه الأيام أن نتساءل عما فعلت الأمة بمحيطات المؤلفات اللغوية وعلومها تلك؟ ، هل نحن أمام ثروة أم كارثة أتعبت حتى مستودعات أدق الحواسيب الحديثة وأضخمها بالضبط كما أتعبت أرفف الخزائن القديمة من فرط التجميع والرص والتخزين؟، ويُضاف إليها كما نعلم الآلاف المؤلفة من مجلدات الشعر والتاريخ والفلسفة التي كنا كذلك نعتز بها في المحافل داخلاً وخارجاً،وقد كانت بالإضافة إلى تركة علماء الطب والفيزياء والفلك من أهم المصادر القوية والواثقة لنهضة أوروبية عرفت جيداً كيف تستثمرها وتخرج منها إلى العالم بهذا البذخ العلمي والفكري المبهرين، ولكنها ظلت عند العرب ميراثاً شبه ميت حظه أن يظل في مأمن من الغبار على الرفوف النائية لا غير، تصحو فقط كلما اقترب منها علماء الآثار وهواة التحف وأمثالهم لغياب الاستعمال أو التحديث حتى غدت كجزر بعيدة نرنو إليها بالعين الحائرة فتتضاعف حيرتنا كل يوم لأننا لا نعرف بالضبط ماذا سنفعل بها..
أهمية العربية كلغة وظيفية ومهنية :
- والسؤال الذي يجب أن يُطرح بجدية كلما جال بالخاطر موضوع المخزون ذلك: إلى ماذا يمكن أن يدفعنا إحساسٌ كهذ ا لا يورث سوى الاكتئاب؟.. فهل اللغة هوية مثلاً؟.. ربما ، ولكن الهوية (أية هوية) ستفقد مقوماتها مع تراكم الضعف ومعادلات الحياة كما نعلم، وتلك كانت جريمة الجهل والتخلف وفائق الغرور والاستبداد الذي ارتكبه العرب في حق ذواتهم في الميادين كافة وليس فقط في حق هذه (اللغة الهوية) التي أبهرت كل من اقترب منها، ومن جملة عناصر فتنتها وقوتها التي استخدمت ضدها فيما بعد يميناً وشمالاً وفي كل الاتجاهات إن قوة اللغة (أية لغة) كما يقول العلماء دائماً تشبه قوة الجاذبية المعروفة وأجيال اليوم مع الأسف لم يعد هناك الكثير مما يجذبها في تلك اللغة، إلا إذا أعيدت تلك الجاذبية إلى الهوية ، وهذا لن يكون إلا بالإرادة السياسية الواعية والعالمة والعاملة على تحويل مخزون قواعد اللغة إياه إلى معادلات فيزيائية واليكترونية وميديا وفكر حديث يناسب العصر بالضبط كما فعلت كل الأمم المحترمة التي عاملت لغاتها بالتقدير والرقي اللازمين.
- بقي فقط أن نذكر بأمرين اثنين في الموضوع: أولهما المطالبة بالعمل على تداول هذه العربية الجميلة كلغة وظيفية ومهنية فقط وليس شيئاً آخر.
- وثانيهما مداومة الحرص على وحدتها كفصحى لتفادي ما حدث لغيرها مثل اللاتينية التي تحولت إلى لهجات غدت بدورها لغات كالإيطالية والإسبانية والفرنسية وغيرها خوفاً من تشكيلة الدعوات التي سمعنا عنها منذ القديم بتبني العاميات المشوهة التي تؤدي حتما إلى الاندثار وقيام الكيانات المتناحرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.